تزوجت من رجل حتى أتمكن من الرجوع لزوجي ؛ لأنه طلقني ثلاث مرات ، ولذلك تزوجت هذا الرجل ؛ ليطلقني ، حتى أحل لزوجي الأول ، ولكن بعد أن طلقني الزوج الثاني أدركت أني أريد العودة لهذا الزوج الثاني ، وليس الزوج الأول ، فهل يجوز لي الرجوع لذمة الزوج الثاني ، حيث إننا نريد الرجوع لبعضنا البعض؟ وهل يعتبر الزوج الثاني محللًا إن عدت إلى ذمته بالرغم من تغيير النية ؟ وهل يبقى الحكم كما هو بعد تغيير نية زواج التحليل؟ وهل نملك الفرصة للتوبة ، وتغيير نيتنا حتى يصبح زواجنا صحيحًا؟ وهل يعتبر الزوج الأول محللًا له طوال حياته إن حدث في يوم من الأيام تزوجت به بالرغم من توبتنا جميعًا ؟
نكحت نكاح تحليل وطلقها لكنها تريد أن تستمر مع الزوج الثاني
السؤال: 247138
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا طلق الرجل امرأته الطلقة الثالثة ، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ، نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، ثم يموت عنها ، أو يطلقها ؛ لقول الله تعالى : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) البقرة/230 .
وروى البخاري (2639) ، ومسلم (1433) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ” جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفاعَةَ الْقُرَظِيِّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ ، فَقَالَ : ( أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ ؟ لَا ، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ).
وروى مسلم (1433) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ” طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، فَأَرَادَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : ( لَا حَتَّى يَذُوقَ الْآخِرُ مِنْ عُسَيْلَتِهَا مَا ذَاقَ الْأَوَّلُ ).
ومعنى ” أبتّ طلاقي ” : أي : طلقني طلاقا حصل معه قطع عصمتي منه ، وهي الطلقة الثالثة .
وقوله عليه الصلاة والسلام : (حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) : كناية عن الجماع .
قال النووي رحمه الله : ” وفي هذا الحديث أن المطلقة ثلاثا لا تحل لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره ، ويطأها ثم يفارقها , وتنقضي عدتها . فأما مجرد عقده عليها فلا يبيحها للأول ، وبه قال جميع العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ” انتهى من “شرح مسلم” ( 10 / 3 ) .
ثانيا:
نكاح التحليل : هو أن ينكحها من أجل أن يحلها لزوجها الأول ، ثم يطلقها ، وهو محرم وفاسد في قول عامة أهل العلم ، ولا تحل به المرأة لزوجها الأول .
وسواء في ذلك إذا صرح بقصده عند العقد ، واشترطوا عليه أنه متى أحلها لزوجها طلقها ، أو لم يشترطوا ذلك وإنما نواه في نفسه فقط .
وانظر : “المغني” (7/ 574).
وقد روى أبو داود (2076) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ ) . وصححه الألباني في ” صحيح أبي داوود ” .
والْمُحَلِّلَ هو من تزوجها ليحلها لزوجها الأول . وَالْمُحَلَّلَ له هو زوجها الأول .
وروى ابن ماجة (1936) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ ؟ ) ، قَالُوا : بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : ( هُوَ الْمُحَلِّلُ ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) وحسنه الألباني في ” صحيح سنن ابن ماجة ” .
وروى عبد الرزاق (6/265) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال وهو يخطب الناس : ” والله لا أوتى بمحلٍّ ومحلَّل له إلا رجمتهما ” .
ثالثا:
نكاح التحليل فاسد .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” ونكاح المحلل فاسد،, يثبت فيه سائر أحكام العقود الفاسدة ، ولا يحصل به الإحصان ، ولا الإباحة للزوج الأول ، كما لا يثبت في سائر العقود الفاسدة ” .
انتهى من “المغني” (7/ 574).
وعليه : فهذا النكاح وجوده كعدمه ، فإذا طلقك الزوج الثاني فإنه لا يملك أن يرجعك إلى ذمته ، لأن الرجعة لا تكون إلا في نكاح صحيح .
لكن إذا رغبت في الزواج من هذا الرجل [ الزوج الثاني ] : فليعقد عليك عقدا صحيحا، نكاحَ رغبة ، لا نكاح تحليل ، ويلزمكما التوبة مما أقدمتما عليه من النكاح المحرم سابقا.
وهذا النكاح الصحيح إن تم : فليس نكاح تحليل .
ولو فرض أن مات عنك الزوج الثاني ، أو طلقك، فإنك تحلين للأول.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب