0 / 0

تعاني من توتر في العلاقة بينها وبين زوجها وتريد النصيحة

السؤال: 248117

أنا متزوجة منذ 5 سنوات ، وخلال هذه الفترة لم أكن الزوجة الجيدة كما ينبغي ، ولكنني ضحيت بالكثير من أجل هذا الزواج ، حيث كنت أعمل وأدعم زوجي ، ولكنني لم أكن ربة منزل بالشكل المطلوب ، ولكن علاقتنا تمر بمرحلة عصيبة ، وأريد نصيحتكم ، فزوجي ينتقدني على الدوام ، ولكن الآن زادت الأمور سوءًا بعد أن وضعت مولودتي الجديدة ، وأنا أشعر بالسوء لأننا نتجادل أمامها ، حيث أشعر أن ذلك يؤثر سلبًا عليها ، وزوجي لا يستشيرني فهو دائما يسأل أخيه الطبيب عندما يريد النصيحة ، ويترك نصيحتي كخيار ثان ، ويكره عندما أطلب النصيحة من أمي بسبب سوء العلاقة بينهما ، فما نصيحتكم ؟ ولو أساءت أمي لزوجي في منزله فكيف ينبغي أن يرد على ذلك باعتبار أنها أهانته من قبل ؟ وما حكم الشرع بغريزة الأم ؟ وهل هناك في الإسلام شيء اسمه غريزة الأب ؟ وما العمل إن كان زوجي يرى دائماً العيوب في شخصيتي ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

مما لاشك فيه أن الإكثار من الانتقاد والمجادلة أمام الأولاد من الأمور السلبية المفسدة للألفة والوداد ، ونصحيتنا لك ولزوجكِ أن تقللا من ذلك ، قدر إمكانكما ، وأن تتحاملا على أنفسكما ، كل واحد منكما يحمل نفسه على الصبر على صاحبه ، ويؤجل أمر الجدل ، والنقاش إلى حيث تكونان خاليين بأنفسكما .
ثم نصيحتنا للزوج ألا يطمع في أن تخلو النفس من عيب ، أو نقص ؛ فذلك طبع بني آدم ؛ فكيف بالمرأة التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أصل خلقتها ، وأنه لا مطمع في تغيير طباعها بالكلية .
فعن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، فَإِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا ، فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا ).
رواه أحمد (20093) ، وابن حبان (4178) ، وصححه الألباني
• ثم ، نصيحتنا لكِ ألا تقابلي الانتقاد بمزيد من المجادلة والعناد ، لأن هذا يفضي إلى مزيد من الشد والجذب ، لحبل التواصل بينكما ، والذي يوشك أن ينقطع بسبب ذلك ، فإرخاء الحبل والمسايسة ، أمر مطلوب من الطرفين ، مطلوب من الزوج ، في صورة المداراة والتغافل والتراحم ، ومطلوب من الزوجة الحكيمة العاقلة الديِّنة : أن تحتمل نفرة زوجها ، ولا تشد الحبل معه ، إذا شد ؛ بل ترخيه ، ما وسعها ذلك الإرخاء ، وتهرب من مواطن غضبه ، ولا تصادمه ؛ بل تلاينه قدر طاقتها ، وتلين له .
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْوَدُودُ، الْوَلُودُ، الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ، جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بَيْدَ زَوْجِهَا، ثُمَّ تَقُولُ وَاللهِ لَا أَذُوقُ غُمْضًا حَتَّى تَرْضَى ) .
رواه النسائي في “السنن الكبرى” (9094) وصححه الألباني في “الصحيحة” (287).
( الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا) أي التي تعود على زوجها بالنفع .
ذلك بأنه من المقرر في العلوم النفسية ، وما أخبرت به التجارب : أن المعاندة والمجادلة مع الزوج الذي لا يصبر على طول المناقشات وكثرة الجدالات : لا يترتب عليها إلا المفاسد ، وزيادة النفرة بين الزوجين .
فننصحك أختنا الفاضلة بالإقلال من مناقشته ومراجعته في تطلعاته ، والإكثار من إظهار الإعجاب بفكره ورأيه على سبيل الإجمال ، حتى وإن اختلفتما في شيء من التفاصيل ، فبهذا السلوك تقل الشحناء ، وتذهب البغضاء وتزداد قابلية زوجك لمناقشتك وسماع وجهة نظرك .

وحبذا لو جلستما مع أخصائي نفسي في الاستشارات الزوجية Couples counselling ، لما في ذلك من كشف لمواطن الخلل الدقيقة ، ومعالجتها بشكل عملي فعال .

• ثم اعلمي أن استشارة الزوج لزوجه ليست من الواجبات المتعينة على الزوج ، بل له أن يستشير من يثق برأيه وخبرته من أهله أو أصدقائه أو الخبراء من غير معارفه .
وغاية ما في استشارة الرجل لأهل بيته أنها من جملة المستحبات والفضائل ، وحسن العشرة ، ومكارم الأخلاق ؛ ثم إن الناس يتفاوتون في طباعهم ، وأخلاقهم ، وأنماط تفكيرهم وسلوكهم ؛ فكوني حكيمة يا أمة الله ، ولا تغرري ببيتك ، وحياتك مع زوجك ، واغتفري له شيئا من جفوته ، وشيئا من استبداده برأيه ، ما دام الأمر لم يدخل في مأثم ، ولم يترتب عليه ضرر ظاهر بك وبأسرتك ؛ فاحتملي منه ما تكرهين ؛ فإن في الصبر على ما يكره العبد ، خيرا كثيرا ، كما أخبر به الصادق المصدوق ، صلى الله عليه وسلم .

• وفيما يتعلق بغريزة الأم ، فالغريزة في علم اللغة هي الفطرة أو الطبيعة ، وفي علم النفس هي السلوك الإنساني المعتمد على الفطرة أو الوراثة ، فكل إنسان له غرائز وطبائع تختلف باختلاف الجوانب الفطرية أو العوامل الوراثية .
وعليه ؛ فغريزة الأم ما هي إلا سلوكيات الأم المعتمدة على الفطرة أو الوراثة ، ومن أشهر صور هذه الغرائز الطبيعية : غريزة حماية الأم لولدها ، ودفع ما يؤذيه عنه .
لكن هذه الغريزة ربما تعكرت واختلت ببعض التصورات الاجتماعية المضطربة ، والتي ترى الأم بسببها المصالح مفاسد ، والمنافع أضرارا ، فتنقلب عليها الحقائق ، وتلتبس عليها الأمور .
وعليه فلا ينبغي أن يعتمد عليها إلا إذا تبين اتزانها ، وعدم اختلالها بالمعايير الدخيلة على الفطرة السوية ، والطبائع المرضية .
وهذا نفس ما يقال فيما يتعلق بغريزة الأب وما يترتب عليها .

• وأخيرا .
فينبغي على زوجكِ أن يترفق بأمكِ ، وأن يصاحبها بالمعروف ، حتى وإن اختلفت معه في الرأى ، ذلك بأنها في منزلة الوالدة ، والدفع بالتي هي أحسن في مقابل الإساءة له أثر ساحر على نفوس الناس ، قال تعالى : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصلت/34-35 .

وينبغي عليكِ ، مع ذلك : مراعاة كراهة زوجكِ لاستشارتكِ لأمكِ ، ذلك بأن إصراركِ على استشارتها ، والرجوع لآرائها ، رغم ما ذكرت من اضطراب العلاقة بينهما : يزيد من تعقيد الخلاف في المنزل ، فالرجل لا يحب أن يتدخل الموافق في قراره وقوامته ، فما ظنك بالمخالف له ؟!
فلا تفعلي ما يكره ، ولا تمتنعي عما يحب ، وأبشري ببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خُمُسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ ) رواه ابن حبان (4163) ، وحسنه الألباني .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android