أنا أم ل 4 أولاد ، وثلاث بنات ، مطلقة طلاق بينونة كبرى ، أعمار أولادي :
الأول 23 سنة ، والثاني 22 سنة ، والثالث 15 سنة ، والرابع 7 سنوات ، والبنات أعمارهم
الأولى 18 سنة ، والثانية 17 سنة ، والثالثة 11 سنة .
هل لي الحق في حضانتهم حيث إن والدهم لا يستطيع أن يعولهم ، فإنه مصاب بجلطة
؟ وهل لي حق المسكن مع أولادي ؟
إذا كان الأب مريضا فهل تكون الحضانة للأم وهل تسكن مع الأولاد؟
السؤال: 248203
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا حصل الطلاق فالأم أحق بحضانة الأطفال؛ إلى سبع سنوات ، ما لم تتزوج ؛ لما روى أحمد (6707) ، وأبو داود (2276) عبد الله بن عمرو : ” أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي) ” والحديث حسنه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
وإذا بلغ الطفل سبع سنين :
1-فإن كان ذكرا ، خير بين أبيه وأمه ، فيكون عند من اختار؛ لما روى النسائي (3496) ، وأبو داود (2277) : ” أنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي ، وَقَدْ نَفَعَنِي وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ ، فَجَاءَ زَوْجُهَا وَقَالَ : مَنْ يُخَاصِمُنِي فِي ابْنِي ؟ ، فَقَالَ : ( يَا غُلَامُ هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ ) ، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ ” والحديث صححه الألباني في ” صحيح أبي داود “.
وإلى هذا ذهب الحنابلة والشافعية.
2-وإن كانت أنثى ، فإنها تخير أيضا عند الشافعي رحمه الله .
وقال أبو حنيفة : الأم أحق بها حتى تُزوج أو تحيض .
وقال مالك : الأم أحق بها حتى تزوج ويدخل بها الزوج .
وقال أحمد : الأب أحق بها ؛ لأن الأب أولى بحفظها ، فتكون عند الأب وجوبا إلى البلوغ ، وبعد البلوغ تكون عنده أيضا إلى الزفاف وجوبا.
انظر : “الموسوعة الفقهية” (17/314- 317).
ثانيا:
تنتهي الحضانة بالبلوغ والرشد ، لكن لا تنفرد البنت بالسكن عن حاضنها .
قال في “كشاف القناع” (5/499): ” ولا تثبت الحضانة على البالغ الرشيد العاقل ، لأنه استقل بنفسه ، وقدر على إصلاح أموره بنفسه ، فوجب انفكاك الحجر عنه .
وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه ، لأنه لم تثبت الولاية عليه لأحد ، فإن كان رجلا فله الانفراد بنفسه ، ويستحب للولد أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما لحديث : (من أبر …)
وإن كانت جارية : فليس لها الانفراد بنفسها ، ولأبيها، وأوليائها عند عدمه : منعها من الانفراد ، لأنه لا يؤمن عليها أن تخدع “…
وقال: ” والجارية إذا بلغت سبع سنين فأكثر ، فعند أبيها إلى البلوغ ، وجوبا ، وبعد البلوغ تكون عنده أيضا إلى الزفاف وجوبا ، ولو تبرعت الأم بحضانتها ، لأن الغرض من الحضانة الحفظ والأب أحفظ لها ، وإنما تخطب منه ، فوجب أن تكون تحت نظره ، ولا يصار إلى تخييرها لأن الشرع لم يرد به فيها” انتهى.
وعلم بهذا أن أولادك الذكور البالغين الراشدين العقلاء لا حضانة عليهم ، بل هم الذي يختارون إما الإقامة معك ، أو مع والدهم ، أو منفردين .
والبنات يكن عند أبيهن حتى الزواج .
وأن ابنك الذي أتم سبع سنين : يخير بين البقاء معك أو مع أبيه.
ثالثا:
ما تقدم هو الأصل، إذا كان كل من الزوجين صالحا للحضانة، فإن كان بأحدهما مانع يمنعه من حفظ المحضون ورعايته ، كانت الحضانة للآخر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وأحمد وأصحابه إنما يقدمون الأب إذا لم يكن عليها في ذلك ضرر ، فلو قدر أنه عاجز عن حفظها وصيانتها ، أو مهمل لحفظها وصيانتها ، فإنه يقدم الأم في هذه الحالة .
فكل من قدمناه من الأبوين : إنما نقدمه إذا حصل به مصلحتها ، أو اندفعت به مفسدتها ، فأما مع وجود فساد أمرها مع أحدهما : فالآخر أولى بها بلا ريب ” .
انتهى من “مجموع الفتاوى” (34/131).
وقال ابن القيم: ” على أنا إذا قدمنا أحد الأبوين ، فلا بد أن نُراعي صيانته وحفظَه للطفل، ولهذا قال مالك والليث : إذا لم تكن الأم في موضع حرزٍ وتحصين ، أو كانَتْ غيرَ مرضية ، فللأب أخذُ البنت منها، وكذلك الإِمامُ أحمد رحمه اللّه في الرواية المشهورة عنه، فإنه يعتبر قدرتَه على الحفظ والصيانة . فإن كان مهملاً لذلك ، أو عاجزاً عنه، أو غيرَ مرضي ، أو ذا دِياثة ، والأم بخلافه، فهي أحقُّ بالبنتِ بلا ريب .
قال شيخنا: وإذا ترك أحدُ الأبوين تعليم الصبي ، وأمره الذي أوجبه اللّه عليه، فهو عاصٍ، ولا وِلاية له عليه، بل كُلُّ من لم يقم بالواجب في ولايته ، فلا ولاية له ، بل إما أن تُرفع يدُه عن الولاية ويُقام من يفعل الواجب ، وإما أن يُضم إليه مَنْ يقومُ معه بالواجب ، إذ المقصودُ طاعةُ الله ورسوله بحسب الإِمكان….. فلو قدر أن الأب تزوج امرأة لا تراعي مصلحة ابنته، ولا تقوم بها ، وأمها أقوم بمصلحتها من تلك الضرة، فالحضانة للأم قطعاً >
“انتهى من “زاد المعاد” (5/424).
وقال في الروض المربع ” ولا يقر محضون بيد من لا يصونه ويصلحه ، لفوات المقصود من الحضانة” انتهى من “الروض مع الحاشية” (7/160).
وعليه : فإن كان الأب لا يستطيع الحضانة لمرضه، فالحضانة لك، فإن حصل نزاع ، فالمرجع للقاضي الشرعي.
رابعا:
إذا كان لأولادك مسكن ، يخص والدهم ، أو يدفع أجرته، فسمح لك بالسكن معهم، دون حصول خلوة معه ، أو فتنة، فلا حرج.
وهل يلزم الأب أجرة سكن لولده المحضون؟
في هذا خلاف بين الفقهاء، سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (85331) .
وذكرنا في ذلك قولا وسطا ، وهو : وجوب أجرة السكن للولد إذا كانت الأم ليس لها سكن ، فإن كان لها سكن فلا يلزم الأب أجرة سكنه ، بل يسكن مع أمه.
وعند الاختلاف يرجع إلى القاضي الشرعي.
وينبغي التنبيه إلى أن الأب إذا كان مريضا يحتاج إلى أحد يخدمه ، وليس عنده من يقوم بذلك فالواجب على أولاده أن يقوموا بخدمته ، فلا يجوز لهم تركه والإقامة مع والدتهم ، أو منفردين ، بما يؤدي إلى إهماله ، وترك خدمته ، بل الواجب أن يبقى معه من يقوم بخدمته ، ولو بالتناوب بين الأبناء ، بحيث تحصل كفايته بهم .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة