تنزيل
0 / 0

هل يشرع للعبد سؤال الله أن ينزله منازل الجنة ودرجاتها كلها ؟

السؤال: 248223

هل يجوز الدعاء أن يمنحني الله كل الدرجات التي في الجنة من الأدنى إلى أعلى درجة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى البخاري (2790) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ
مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، مَا
بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ
اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ ، وَأَعْلَى
الْجَنَّةِ ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ
الْجَنَّةِ ) .
قال الحافظ رحمه الله :
” يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْفِرْدَوْسَ فَوْقَ جَمِيعِ الْجِنَانِ ، وَلِذَا
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ وَتَعْظِيمًا
لِلْهِمَّةِ – : ( فَإِذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ) ”
انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله :
” جنّة الفردوس أَعلَى الْجنان وَأَشْرَفهَا وأنورها وأجلّها لقربها من الْعَرْش “.
انتهى من ” الفوائد ” (ص 27) .
فالفردوس أعلى درجات الجنة ، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين على طلب
الفردوس ، وسؤال الله الحصول على هذه الدرجة العالية في الجنة ، ولا يكون ذلك إلا
بالتشمير والجد في الطلب ، والأخذ بأسباب الوصول إليها ، لا بمجرد الأماني والرغبة
.
انظر جواب السؤال رقم : (135085) .

ثانيا :
دل الحديث المتقدم على الحث على سؤال الفردوس الأعلى ، وهي أعلى درجة في الجنة ،
كما تقدم ، ولم يدل هذا الحديث – ولا دل غيره فيما علمنا – على الحث على سؤال الله
الحصول على كل درجات الجنة ومنازلها ، بحيث ينزلها المؤمن كلها، منزلة منزلة .
وقد روى مسلم (384) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِذَا سَمِعْتُمُ
الْمُؤَذِّنَ ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ
مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا
اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، لَا تَنْبَغِي
إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ
سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ) .
قال النووي رحمه الله:
” الوسيلة : فَسَّرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهَا مَنْزِلَةٌ
فِي الْجَنَّةِ ” .
انتهى من ” شرح النووي على مسلم ” (4/ 86) .
وروى الترمذي (3612) عن أبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ) ، قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الوَسِيلَةُ ؟ ، قَالَ : ( أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الجَنَّةِ ؛
لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ ، أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو َ) وصححه
الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وروى أحمد (11783) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْوَسِيلَةُ دَرَجَةٌ عِنْدَ اللهِ لَيْسَ فَوْقَهَا
دَرَجَةٌ ، فَسَلُوا اللهَ أَنْ يُؤْتِيَنِي الْوَسِيلَةَ ) .

فبان بتلك الروايات أن
الوسيلة درجة في الجنة ، وهي أعلى درجة فيها ، لا درجة أعلى منها ، لا ينالها إلا
رجل واحد ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم .
والنبي صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم ، وأفضلهم وأعلاهم درجة عند الله ،
وأقربهم منزلة إليه سبحانه ، ومع ذلك لم يسأل الله إلا الدرجة الفاضلة ، ما سأل كل
درجات الجنة ، من أدناها إلى أعلاها .
وعليه : فلا يشرع أن يسأل العبد ربه أن ينزله كل درجة في الجنة ، ولكن يشرع له أن
يسأله الفردوس الأعلى ، ثم يسعى للوصول إلى ما سأل بتقوى الله والعمل الصالح .
وذلك أنه إذا نزل أعلى الجنة لم يفته نعيم يرجو تحصيله في درجة هي أدنى من درجته ،
فلا يحتاج أن يسأل الدرجة الأدنى .
ولكن يمكن أن ينزل في درجة أدنى لزيارة أخ له فيها – كما قال بعض أهل العلم –
فيتعرف على نعمة الله عليه وجزيل عطائه .
انظر جواب السؤال رقم : (126349) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (148176)
.

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android