أعمل في وظيفة حيث أتولى مسؤولية ابتداء وتنسيق عملية تجارية دولية بين عدد من الأطراف ويتم التمويل من خلال قرض ربوي عن طريق البنك وهذه البضائع ستفيد الفقراء من المسلمين…فما حكم عملي؟
يريد أن يقترض بالربا لينشئ تجارة يستفيد منها فقراء المسلمين
السؤال: 249071
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
التعامل بالربا من كبائر الذنوب ؛ وقد جاء فيه التهديد والوعيد الشديد على فاعله .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278 – 279.
وقال تعالى : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) البقرة /275-276
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ ) .
فلا يجوز للمسلم أن يقترض بالربا ، فيقع في حرب الله عز وجل ، وهو لا يدري ؛ ولو كان ذلك القرض لعمل صالح ، كبناء مسجد أو دور تحفيظ ، أو إعانة الفقراء والمساكين أو نحو ذلك ، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا .
والربا من أشد المحرمات ؛ فلا يجوز لمسلم أن يستهين به أو يقدم عليه لغرض نفع فقراء المسلمين أو غير ذلك .
قال ابن القيم : تحريم ربا النساء من تحريم المقاصد ، وتحريم ربا الفضل من تحريم الوسائل ، ولهذا لم يبح شيء من ربا النسيئة " . ينظر " إعلام الموقعين " (2/107) .
وربا النسيئة هو ما تجريه البنوك (القرض بفائدة) .
والتماس البر والخير والتخفيف عن الفقراء والمحتاجين لا يكون بالخوض في الإثم والمنكر ، وقليل من التجارة الحلال المبارك ، خير من كثير من الربا الممحوق ، قال تعالى : ( يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا ) ، البقرة /276
وروي في مسند الإمام أحمد (3672) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يكتسب عبد مالاً من حرام ، فينفق منه ، فيبارك فيه ، ولا يتصدق به ، فيتقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار ، إن الله لا يمحو السيء بالسيء ، ولكن يمحو السيء بالحسن ، إن الخبيث لا يمحو الخبيث ) . وصححه الدارقطني موقوفا ، ينظر حاشية تحقيق المسند ، طبعة الرسالة (6/189) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" رجل لديه مبلغ من المال ، ويريد أن يضعه في أي بنك من البنوك ، وهو يعلم أن البنك سوف يعطيه قدرا من الربا ، لكن الرجل يعلم أن المبلغ الزائد ربا وحرام ، وإذا تركه أخذه البنك واستفاد من الربا . فهل يجوز له أن يأخذ الربا ويعطي الأسر الفقيرة دون ابتغاء أي ثواب ، فقط أن الأسر تستفيد من المال ؛ لأنهم في حاجة ماسة إلى المال، ذلك بدلا من استفادة البنك؟
ج: لا يجوز إيداع الأموال في البنوك الربوية بقصد أخذ الفوائد الربوية لأي غرض كان ؛ لأن الله حرم الربا ، وتوعد عليه بأشد الوعيد ، ولعن النبيّ – صلّى الله عليه وسلّم – آكله وموكله وشاهديه وكاتبه ، فلا يجوز أخذه بنية التصدق به ؛ لأنه كسب حرام وخبيث ، والله طيب لا يقبل إلا الطيب " انتهى " فتاوى اللجنة الدائمة " (13/355) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب