وجدت فتوتين متعارضتين في الظاهر ، فأرجو منكم التوضيح :
ففي الفتوى رقم: (6745) ذكرتم أقوال العلماء أنه لا يجوز إحداث وابتداع أذكار وأدعية معينة لا توجد في الشرع ، وفي الفتوى رقم : (122968) السائل قد أحدث صيغا للاستغفار لم ترد في الشرع ، وأنتم قلتم : إن الاستغفار من الأدعية المطلقة التي لا يشترط فيها صيغة معينة .
فكيف سأفرق بين الأذكار التي تكون صيغتها مطلقة ، أي ليس لها صيغة معينة وبين غيرها ؟
وقلتم له : إنه لا يجوز أن يداوم عليها ، وأن يجعلها وردا ، وما إلى ذلك .
يعني هل يجوز للشخص : أن يبتدع أذكارا معينة متى ما أراد وأن لا يداوم عليها ، وألا يجعلها وردا كمثال : ( الحمد لله خالق الجبال والسموات والارض وخالق الشمس والقمر ) ، أو مثلا ( لا إله إلا الله فاطر السموات والأرض ، رب كل شيء ومليكه ، أنت الأحد ، وأنت الصمد ) ، مثلا أن أقولها عشر مرات اليوم ، وبعد اسبوع أن أقولها عشرين مرة ، وهكذا ، فلو أخذنا بفتوى العلماء في الفتوى الأولى فما أفعله لا يجوز ؛ لأني أحدثت أذكارا لم ترد في الشرع ، وحتى لو لم أدوام عليها ، فلا يجوز لي أن أحدث أذكارا وأدعية معينة ، ولو أخذت بالفتوى الأخرى فإنه يجوز لي أن أحدث وأبتدع ما أردت ، لكن بدون المداومة عليها ، والمواظبة عليها ، فهل هذا صحيح ؟ وماذا لو واظبت وداومت عليها فإنه يعتبر بدعة فهل هذا صحيح ؟
أيد جوابا وافيا .
المواظبة على الأذكار المحدثة بدعة
السؤال: 250023
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا تعارض بين الفتويين ، فكلاهما يجعل المنع مختصا بالأذكار التي يداوم عليها وتتعاهد ، لا مجرد الإتيان بالذكر.
ففي الفتوى رقم :(6745) قلنا: ” لايجوز إحداثُ ذِكرٍ يتعاهده المسلم ، أو يوصي به غيرَه ـ كالأوراد والمأثورات والأدعية ـ”.
وفيها أيضا نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية : ” ليس لأحدٍ أنْ يَسُنَّ للنَّاسِ نوعاً من الأذكار والأدعية غير المسنون ، ويجعلها عبادةً راتبةً يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ، بل هذا ابتداعُ دينٍ لم يأذن الله به” انتهى.
وهذا عين ما جاء في الفتوى الأخرى التي برقم : (122968) : ” وبالتأمل فيما ورد في السؤال من أدعية الاستغفار لم نجد فيها ما ينكره الشرع ، أو يخالف الدين ، فلا حرج على من دعا بها واستغفر ، بشرط ألا يعتقد لها خصوصية أو فضيلة عند الله ، أو يظن أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وألا يجعلها عادة له ووردا يربطه بساعة معينة من الليل أو النهار ” انتهى.
فلا حرج في دعاء الله تعالى أو ذكره بلفظ لم يرد، ما دام لفظا سليما سائغا، بشرط ألا يجعله وردا يداوم عليه ، ويتعاهده كتعاهد الأذكار المشروعة ، فيخصص له زمانا أو مكانا، مضاهاة لما ثبت في الشريعة من ذلك.
فلو قلت مثلا: ” لا إله إلا الله فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه أنت الأحد وأنت الصمد ” فهذا ذكر حسن، لكن لا تخصه بعدد تواظب عليه ، أو تعين له وقتا، كعشر مرات بعد فجر الخميس مثلا، فإن هذا التخصيص بدعة.
قال الشاطبي رحمه الله في بيان البدعة الإضافية: ” فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه …
ومنها التزام الكيفيات والهيآت المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا، وما أشبه ذلك.
ومنها التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته ” انتهى من “الاعتصام” (1/ 37 – 39).
فالالتزام يعني المداومة والتكرار.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الاسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة