طلقني زوجي وأنا حائض أكثر من ثلاث مرات متفرقات ، وفي مجلس واحد بقوله : إنك مطلقة ، مطلقة ، وهو في حالة غضب إلا إنه يعي ما يقول ، عنده أن الطلاق في الحيض غير واقع ، ولا يحتسب ، وبعدها بيوم أو يومين قلت لزوجي : راجعني احتياطا ، رغم أنني أعلم أن طلاق الحائض غير واقع ، فراجعني تلبية لطلبي دون أن يعتمد ذلك الطلاق، فهل يقع الطلاق هنا ؟
وما أثر الرجعة ، وهل يحتسب طلاقا ؟ وبعد مدة طلقني زوجي بعد الجماع بأسبوع طلقتين بقوله : إنك مطلقة لسبب لا أتذكره ، ثم قال مرة أخرى : إنك مطلقة لسبب آخر لا أتذكره ، وفعلت نفس الشيء طلبت منه المراجعة رغم علمنا بعدم وقوع الطلاق ، وعدم احتسابه فراجعني تلبية لطلبي دون احتساب الطلاق، فهل لايزال زواجنا قائما ؟
طلقها في الحيض وراجعها احتياطا فهل يقع طلاقه لأجل رجعته ؟
السؤال: 250444
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الطلاق في الحيض وفي طهر جامعها فيه ، مختلف في وقوعه ، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى وقوعه ، وذهب جماعة إلى عدم وقوعه ، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وعليه الفتوى عند كثير من المعاصرين، وينظر: سؤال رقم : (72417).
وما دام زوجك يقلد من يقول بعدم الوقوع ، فإن طلاقه لا يقع ، ولا يؤثر عليه مراجعته لك احتياطا، بناء على طلبك، لأنها رجعة من طلاق لم يقع، فوجودها كعدمها، ولا تنبغي هذه المراجعة لأنها قد تؤدي للوسوسة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” أم لطفلين وقد طلقها زوجها ، ولكنها وقت الطلاق كانت غير طاهرة ولم تخبر زوجها بذلك ، حتى حينما ذهبوا إلى القاضي أخفت ذلك عنه إلا عن أمها التي قالت لها لا تخبري القاضي بذلك ، وإلا فلن تطلقي ثم ذهبت إلى أهلها ، ثم أرادت الرجوع إلى زوجها خوفاً على الأطفال من الضياع والإهمال ، فما حكم هذا الطلاق الذي حدث وعليها العادة الشهرية ؟
فأجاب: الطلاق الذي وقع وعلى المرأة العادة الشهرية اختلف فيه أهل العلم وطال فيه النقاش، أنه هل يكون طلاقاً ماضياً أم طلاقاً لاغياً ؟ وجمهور أهل العلم على أن يكون الطلاق ماضياً، ويحسب على المرء طلقة ، ولكنه يؤمر بإعادتها وأن يتركها حتى تطهر من الحيض ثم تحيض مرة ثانية ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق ، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة الإمام أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة .
ولكن الراجح عندنا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله عليه – أن الطلاق في الحيض لا يقع ، ولا يكون ماضياً ذلك لأنه خلاف أمر الله ورسوله ، وقد قال النبي ، – صلى الله عليه وسلم – : ( من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ) .
والدليل في ذلك في نفس المسألة الخاصة حديث رسول الله ، – صلى الله عليه وسلم – ، وقال: (مره فليراجعها ثم يتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق ) . قال النبي ، – صلى الله عليه وسلم – : ( فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق عليها النساء ) . فالعدة التي أمر الله بها أن تطلق عليها النساء : أن يطلقها الإنسان طاهراً من غير جماع ، وعلى هذا فإذا طلقها وهي حائض لم يطلقها على أمر الله فيكون مردوداً ، فالطلاق الذي وقع على هذه المرأة نرى أنه طلاق غير ماض ، وأن المرأة لا زالت في عصمة زوجها ، ولا عبرة في علم الرجل في تطليقه لها أنها طاهرة أو غير طاهرة ، نعم لا عبرة بعلمه ، لكن إن كان يعلم صار عليه الإثم ، وعدم الوقوع ، وإن كان لا يعلم فإنه ينتفي وقوع الطلاق ولا إثم على الزوج” انتهى من “فتاوى إسلامية” (3/368).
وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى ، وأن لا يستعمل الطلاق إلا عند إرادة إيقاعه فعلا، ولا يجعل ما شرعه الله لعباده هزوا ولعبا على لسانه ، يوقعه أولا يوقعه ، يتكلم به ، وهو لا يريده ؟!
وليعلم أن ذلك أمر خطر عسير ، ليس محل لعب ، أو تجربة قول ، وأن القول بالوقوع هو قول الأكثرين ومنهم المذاهب الأربعة ، وأن طلاق البدعة هذا محرم، على كل حال ، وأنه يأثم به، سواء قلنا بوقوعه ، أو لم نقل ؛ فلا يجوز الإقدام عليه مع علمه بأن زوجته حائض أو أنها في طهر جامعها فيه.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الاسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة