أنا امرأة متزوجة ، وزوجي هجرني لتسعة أشهر ، تركني في بيت أهلي ، وهو بنفس المنطقة ليس بعيد ، ولكن لم يأت إلي خلال التسعة أشهر ، وغيابه لم يكن له مبرر أو عذر ، أريد الطلاق منه ؛ لأنه لا يعطيني النفقة ، وهجره لي تسعة أشهر ، فهل أعتبر طالقا شرعا ? وهل يحق لي المقدم والمؤخر أم لا ؟ زوجي أصم أبكم فهل تسقط الأحكام عنه ؟ فوالد زوجي هو كفيله .
هجرها زوجها المعاق فهل لها الطلاق ؟ وهل الأصم الأبكم مكلف؟
السؤال: 255384
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته بلا مسوغ شرعي ، كنشوزها، فإنه يباح له هجرها ، متى كانت ناشزا ، حتى تستقيم .
وأما غير الناشز : فلا يجوز هجرها هذه المدة، لأمرين:
الأول : أنه يجب على الزوج أن يعف زوجته ، وأن يطأها بقدر حاجتها ، وقُدرته .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن الرجل إذا صبر على زوجته الشهر ، والشهرين ، لا يطؤها ، فهل عليه إثم أم لا ؟ وهل يطالب الزوج بذلك ؟ .
فأجاب : ” يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف ، وهو من أوكد حقها عليه ، أعظم من إطعامها .
والوطء الواجب ، قيل : إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة ، وقيل : بقدَر حاجتها وقُدْرته ، كما يطعمها بقدَر حاجتها وقُدْرته ، وهذا أصح القولين” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (32 / 271 ).
والثاني : أن من امتنع عن وطء امرأته – غير الناشز – أربعة أشهر ، كان في حكم المولي –عند بعض العلماء- ، فيؤمر بالوطء أو بالطلاق ، فإن أبى الطلاق ، طلّق عليه القاضي .
وينظر: سؤال رقم : (178188) .
ثانيا:
هجر الزوج لزوجته لا يعتبر طلاقا، ولو دام ذلك سنوات.
فلا تطلق المرأة إلا إذا طلقها الزوج، أو طلقها القاضي.
ثالثا:
يجوز لمن هجرها زوجها بلا مسوغ شرعي أن تطلب الطلاق؛ لما روى أبو داود (2226) ، والترمذي (1187) ، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) صححه الألباني في ” صحيح أبي داود” .
والبأس: هو الشدة والسبب الملجئ للطلاق.
وقد تقدم أنه بعد أربعة أشهر ، إن رفعت المرأة أمرها للقاضي، أمر الزوج بالوطء أو بالطلاق.
رابعا:
الأصم والأبكم والأخرس مكلفون ، ويلزم تعليمهم أحكام الشريعة بالإشارة أو الكتابة، ويصح نكاحهم وطلاقهم.
ولو كانت الأحكام تسقط عن زوجك الأصم الأبكم ، فكيف جاز نكاحه لك؟!
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: “الولد الأصم الأبكم ، هل يعتبر مكلفا شرعا بالعبادات كالصلاة أم هو معذور؟
جـ : الولد الأبكم الأصم : إذا كان قد بلغ الحلم ، يعتبر مكلفا بأنواع التكليف من الصلاة وغيرها، ويعلم ما يلزمه بالكتابة والإشارة؛ لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب التكاليف على من يبلغ الحلم وهو عاقل .
والبلوغ يحصل بإكمال خمسة عشر عاما ، أو بإنزال عن شهوة في الاحتلام أو غيره ، وبإنبات الشعر الخشن حول الفرج ، وتزيد المرأة أمرا رابعا وهو الحيض ، وعلى وليه أن يؤدي عنه ما يلزمه من زكاة وغيرها من الحقوق المالية ، وعليه أن يعلمه ما يخفى عليه بالطرق الممكنة حتى يفهم ما أوجب الله عليه ، وما حرم عليه .
والله سبحانه يقول : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم .
فالمكلف الذي لا يسمع أو لا ينطق ، أو قد أصيب بالصمم والبكم جميعا : عليه أن يتقي الله ما استطاع ، بفعل الواجبات وترك المحرمات، وعليه أن يتفقه في الدين حسب قدرته ، بالمشاهدة والكتابة والإشارة حتى يفهم المطلوب . والله ولي التوفيق” .
انتهى من “مجموع الفتاوى والمقالات” (5/ 420).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة