أب متزوج من اثنتين ، وله أربعة أولاد وبنتان من الأولى ، وولد وبنت من الثانية ، ويملك أرضا ، وسمح للأولاد من الزوجة الأولى أن يبنوا على الأرض ، وأن من بنى شقة سيكتبها باسمه ، ولكن تبقى الأرض ملك الأب ، وهذه الأرض تتبع جهاز البناء والتعمير ، و المسموح به فقط بناء أربعة أدوار ، والأولاد يقومون ببناء شقة للأم على الأرض ، ويتبقى 3 أدوار لهم ، وبالتالى الابن الأصغر من الزوجة التانية ليس له شئ ، والأب يقول : أن لابنه من الزوجة الثانية نصيبا في الأرض وإن لم يستطع البناء عليها ، فهل هذا الفعل صحيح ؟
هل يجوز أن يسمح لبعض بنيه أن يبنوا على الأرض دون بعض .
السؤال: 257974
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ؛ لما روى البخاري ( 2586) ، ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ : ” إِنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا ) فَقَالَ : لَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَارْجِعْهُ ) ” .
وفي لفظ لمسلم (1623) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ ) ، قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : ( أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ ) ، قَالَ : لَا ( قَالَ : فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا ، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ) .
نحلت : أي : أعطيت ، من النِّحلة ، وهي العطاء .
والعدل : أن يعطي للذكر مثل حظ الأنثيين ، كما في قسمة المواريث ، لأنه لا أعدل من قسمة الله تعالى .
وينظر جواب السؤال (22169) .
ثانيا :
إذا سمح الأب لبعض بنيه أن يبني على الأرض: فقد ظلم الآخرين الذين لم يتح لهم ولو بسبب ضيق المساحة ؛ لأنه بهذا يكون قد وهبهم استغلال الأرض دون الباقين .
فكما أنه لا يجوز له أن يؤجر الأرض لمستثمر ويقسم الأجرة في جميع بنيه إلا هذا الابن ، فكذلك لا يجوز له أن يسمح لهم بالبناء دونه ، إلا أن يعوضه من المال ما يتساوى به مع إخوته مقابل هذا السماح .
وبهذا تصفو القلوب بين الإخوة ، وتنزع أسباب العداوة وقطيعة الرحم بينهم .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في تفضيل بعض الأولاد بالعطية :
” ذريعة ظاهرة قريبة جدا إلى وقوع العداوة بين الأولاد وقطيعة الرحم بينهم ، كما هو المشاهد عيانا ، فلو لم تأت السنة الصحيحة الصريحة التى لا معارض لها بالمنع منه ، لكان القياس وأصول الشريعة وما تضمنته من المصالح ودرء المفاسد يقتضى تحريمه ” انتهى من ” إغاثة اللهفان ” (1/365) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
اللقاء الشهري 17