هناك فتاة في منطقتي ، تحمل المعتقدات التالية: 1. النساء أنشط من الرجال، وأحياناً يتفوقن على الرجال. 2. الرجل لا يستطيع العيش بدون امرأة ، ويرغب في جسدها. وهي تكره كل الرجال. 3. هي ترتدي الحجاب ، وتقول بأنه يشعرها بالسلطة ، ويعطيها الحريّة ضد سيطرة الرجل. 4. هي تدعم العلمانية ، وتقول بأن المحجبة تستطيع الحصول على حقوقها من التقاليد العلمانية على نحو أفضل مما إذا كانت تعيش تحت سيادة مجتمع إسلامي. 5. مرّة سئلت عن وجهة نظهرها نحو الطبخ ، فأجابت بأن الطبخ واجب الرجل، وليس من واجبات المرأة. 6. هي تقول بأنها فخورة بأنها مسلمة ، وتقول بأنها تناضل لتأسيس "إسلام حديث". ما النصيحة التي أستطيع توجيهها إليها، حيث إنها زميلة في صفِّي ؟
تظن أن الإسلام لا يناسب المرأة الحديثة
السؤال: 258254
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولًا :
هناك نقاط إيجابية في هذه الفتاة ، لابد من الإشارة إليها ؛ فيحمد لها فخرها بالإسلام، وحرصها على الانتماء إليه، والانتساب لقيمه، والالتزام بتعاليمه كالحجاب مثلا، سواء سمتها بالإسلام الحديث أم غيره من الأسماء، لا تضر هذه التسميات إذا استطاعت أن توجه مفهومها توجيها صحيحا، بعيدا عن عاطفة الصبا الذي تعيشه في هذه السن الصغيرة، وبعيدا عن الانفعالات الفكرية الحادة التي تدفع إليها أزمة الأمة الإسلامية اليوم في مقابل سطوة عالم الحداثة.
ثانيا :
هناك فرق في النقاش بين امرأة كبيرة في السن ، خاضت الكثير من التجارب وقرأت وسمعت وبحثت .. حتى تكونت لديها قناعات معينة تراها صوابا ، ومن الصعب عليها تغييرها ، بل صارت تناضل وتكافح من أجلها .
وبين فتاة صغيرة السن ، (16) سنة ، ليس عندها الرصيد الكافي من العلم والثقافة والتجارب ، وإنما هي في مرحلة النمو ، ولم يكتمل نموها ونضجها الفكري بعد ، وإنما كونت ما لديها من أفكار ، بناء على تجارب قاصرة ، أو مجرد السماع لتجربة واحدة ، أو التقليد لشخص ما ..
ومثل هذه الأفكار والخواطر التي تكثر وتلح على الأذهان في مراحل المراهقة الفكرية والجسدية : سرعان ما تتبدل وتتغير ، كلما نضج عقل الإنسان ، وكثرت تجاربه وازداد علمه .
وبناء على هذا ؛
فمن المهم أن تفرق في التعاطي مع أفكار هذه الفتاة بين المقبول والمردود، أو بعبارة أدق، بين الأفكار المرسلة التي لا تتعلق بالثوابت الدينية، وإنما هي انطباعات شخصية تغيرها الخبرة والتجربة، وبين الأفكار الدينية أو العقائدية التي تمس الثوابت والأركان.
ففكرتها عن تفضيل النساء من حيث النشاط والعمل، وكرهها الرغبة الفطرية بين الجنسين، وحديثها عن مشاركة الرجل في الطبخ وإعداد الطعام، كلها قضايا لا ترتقي إلى درجة "المعتقدات" كما جاء في بداية سؤالك ؛ لأنها لا تعدو كونها "حديث نفس" ، أو "رغبات خاصة" تختارها لحياتها وتقييمها للواقع المباح، ولا مانع أن ترى في جنس النساء من حولها من النشاط والاجتهاد والجد في العمل والخدمة ما يفوق من تراه هي من الرجال، سواء في بنات جنسها من الطالبات ، وتفوقهن على الطلاب ، وهذا يقع كثيرا ، أو فيما تراه من بعض النسوة المتميزات حولها ؛ فهذا ربما وقع ، ولا مرية فيه ؛ وإن كان الإنصاف أن هذا التفوق قليل بالنسبة إلى تفوق مجموع الرجال على النساء في العمل والجد والنشاط … إلخ ، وواقع الناس وحياتهم العملية تشهد بذلك .
وانظر إلى دول العالم بأسره ، المتقدمة وغيرها ، كم رئيسة فيها ، وكم رئيسة وزراء ، وكم وزيرة ، وكم مديرة لمؤسسة كبرى ، أو شركة كبرى .. إلخ .
ستجد بعض النساء في هذه المناصب بلا شك ، ولكن نسبتهن قليلة جدا إذا ما قورنت بنسبة الرجال في هذه المواقع والمناصب .
وهذا إقرار من كل شعوب العالم مع اختلاف دينها وثقافتها ، على أن الرجال أقدر من النساء على إدارة هذه المناصب الكبيرة ، وتلك هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها .
وانظر أيضا إلى المخترعين والمكتشفين والعلماء على مدار التاريخ الإنساني كله ، الذي لا يختص بالمسلمين وحدهم ، كم نسبة النساء إلى الرجال ؟
لاشك أنها قليلة جدا ، بل نادرة .
فالمتفوقات من النساء على بعض الرجال موجودات ، لا يمكن إنكار وجودهن ، ولكن عددهن قليل جدا ، وهذه النظرة بهذا المعنى ليست مخالفة للإسلام في شيء ، وقد صرح بعض العلماء بهذا .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
"وأما المعرف "بأل" التي لبيان الجنس؛ فلا يعم الأفراد، فإذا قلت: الرجل خير من المرأة، أو الرجال خير من النساء، فليس المراد أن كل فرد من الرجال خير من كل فرد من النساء، وإنما المراد أن هذا الجنس خير من هذا الجنس، وإن كان قد يوجد من أفراد النساء من هو خير من بعض الرجال" انتهى من "الأصول من علم الأصول" (ص36) .
ومثله قاله في "فواتح الرحموت" (ص 1/440) الشاملة :
فإنه ذكر أن (ال) التعريف في بعض السياقات "تفيد تعريف الجنس ، سواء تحقق في واحد أو أكثر … ؛ مع قطع النظر عن الأشخاص كما في : (الرجال خير من النساء)" انتهى .
فتأمل قوله : "مع قطع النظر عن الأشخاص" فهو بمعنى كلام الشيخ ابن عثيمين : أنه "قد يوجد من أفراد النساء من هو خير من بعض الرجال" .
وهكذا حديثها عن طمع الرجل في جسد المرأة، وكرهها للرجال من حيث التركيب الجنسي أو ما يسمى بـ "الجندري"، لا نرى أن هذا "معتقدات" كما سميتها في بداية سؤالك، فهي ليست عقائد ولا مبادئ ذات مضمون أو بُعد ديني، بل هي عواطف ومشاعر فحسب، تعبر عنها صديقتك بكل تلقائية، سببها – فيما يبدو – بعض التجارب المؤلمة التي عاشتها، أو بعض المشاهدات أو التجارب التي واجهتها، أو سمعت عنها حتى شكلت لديها هذه الانطباعات "الخائفة والمتوجسة" تجاه هذه القضايا .
أو ربما كان رغبة نفسية ذاتية ، في "تقدير الذات" ، و"إعلائها" ، والترفع على مواطن الضعف ـ المتوهمة ـ فيها ، وهذه خواطر ، وإرادات تكثر ، لا سيما في عمر اليفاع ، وزمان المراهقة .
وهذا كله من شأنه أن يتغير عندها ، أو أن يكون قابلا للتغير ، على أقل تقدير ؛ مع أول تجارب ناجحة أو نافعة، ومن السهل أن يتحسن بسبب مزيد من التثقيف في عالم أوسع من محيطها الضيق، لترى فيه الحِكَم القيمة التي يحققها التكامل البشري بين جنسي الذكورة والأنوثة، الأمر الذي يتعدى دائما البعد الشهواني القاصر، ويتجاوزه إلى الأبعاد الروحية والمعنوية والقيمية العالية التي يولدها هذا التكامل ما بين الجنسين، كما قال رب العزة جل وعلا: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/ 21 .
وهذه النظرة الخاطئة ، وإن كانت موجودة لدى بعض النساء ، إلا أننا نرجو أن تتغير قريبا ، قبل أن تؤثر على حياة هذه الفتاة الشخصية ، فتضر نفسها وتندم حين لا ينفعها الندم .
ومما يعينها على تغيير وجهة نظرها في هذا ، – إضافة لما ذكرناه – أن عامة النساء من مختلف الثقافات والأديان لا يفكرن بهذه الطريقة – لأنها خلاف الفطرة البشرية- والدليل على ذلك : أن نسبة المتزوجات دائما أكثر من نسبة غير المتزوجات ، ثم هؤلاء غير المتزوجات الكثيرات منهن – بل أكثرهن إلا نادرا – لسن سعيدات بحالهن ، وكل واحدة منهن كانت تتمنى أن تكون أمًا وذات أسرة .
وأما حديثها عن وضع المرأة في ظل الدول العلمانية، فسببه في نظرنا أمران :
الأول : عدم العلم (الجهل) بوضع المرأة في الشريعة الإسلامية ، وتقدير منزلتها ، والعرفان بحقها ، وكرامتها التي صانتها لها الشريعة ، والوصية بالإحسان إليها وعدم التعرض لظلمها ، وإنما تنظر إلى بعض المجتمعاتت الإسلامية التي قد تكون خالفت شريعة الإسلام فمارست شيئا من الظلم نحو المرأة ، والإسلام بريء من ذلك ، وإنما هي أخطاء يتحملها من فعلها ويحاسب عليها ، ولا يجوز أن تنسب للإسلام .
الأمر الثاني :
عدم الاطلاع على الوضع الحقيقي من داخل المجتمع، في ضوء الأرقام الرسمية والإحصاءات الدقيقة لما تتعرض له المرأة في تلك المجتمعات العلمانية، والانخداع ببعض مظاهر حرية المرأة التي تشاهدها تلك الفتاة هنا أو هناك.ويكفينا ، في هذا السياق ، أن نلفت نظر تلك الفتاة إلى "موجة الاعتراف" العالمية ، بحوادث التحرش والاغتصاب ، والاستغلال الجنسي البشع ، التي التي طبقت الآفاق ، وملأت الدنيا ، وشغلت الناس، حتى وصل الأمر إلى تقارير أن نصف النساء البريطانيات ، تعرضن للتحرش الجنسي ، بمختلف صوره ، بحسب الـ (BBC) !!
ولو تأملت معنا – بإنصاف وموضوعية – هذه الإحصاءات، أدركت – ولو ظنيا – أن الأمر أدق وأعمق من الأحكام السطحية غير المدروسة.
1. (10.4) مليون أسرة في أمريكا تعيلها الأم وتتحمل أعباءها، حسب دائرة الإحصاءات الأمريكية:
2. أكثر من مليون طفل سنويا يقتل بالإجهاض في الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب المراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض:
3. (683) ألف امرأة سنويا تتعرض للاغتصاب في أمريكا، بمعدل 78 امرأة في الساعة، كما تقول وزارة العدل الأمريكية:
4. (1320) امرأة تقتل سنويا، أي حوالي أربع نساء يقتلن يوميا بواسطة أزواجهن أو أصدقائهن في أمريكا:
5. حوالي 3 ملايين امرأة في أمريكا يتعرضن سنويا لاعتداء جسدي من زوج أو صديق. المصدر: الموقع الرسمي الحكومي لولاية نيوجرسي الأمريكية:
6. (22.1 %) من النساء في أمريكا تعرضن لاعتداء جسدي من زوج أو صديق (حالي أو سابق) بحسب وزارة العدل الأمريكية:
7. أكد تقرير لوزارة العمل الأمريكية أن: معظم النساء في الغرب يعملن في الوظائف ذات الأجور المنخفضة والمكانة المتدنية. وحتى مع الضغوط التي تبذلها الحكومة في تحسين وظائف النساء فإن (97 %) من المناصب القيادية العليا في أكبر الشركات يشغلها رجال.
8. (78 %) من النساء في القوّات المسلّحة تعرضن للتحرش الجنسي من قبل الموظّفين العسكريّين. المصدر
9. في أمريكا جسد المرأة سلعة يتاجر بها إلى القدر الذي يحولها إلى بهيمة، الغرض منها المتعة الجسدية المحضة، حتى إن بعض المطاعم المنتشرة هناك تقدم الطعام على أجساد النساء العاريات، وتقدم محطات غسيل السيارات خدمة غسل السيارة من قبل نساء عاريات، ونادلات يقدمن القهوة لأحد أشهر المطاعم بلباس البكيني، كما نشرت ذلك الصحف الأمريكية الكبرى، مثل (نيويورك تايمز عدد 18 -4- 2007 وعدد 24 -8- 2008 وأعداد أخرى)
10. حوالي خمسين ألف امرأة وطفلة يتم تهريبهن إلى الولايات المتحدة سنوياً لاسترقاقهن وإجبارهن على ممارسة البغاء، بحسب: نيويورك تايمز:
11. استغلال أجساد النساء في شتى صور الإباحية صناعة تجلب (12) مليار دولار سنويا في أمريكا وحدها، بحسب تقرير موقع www.reuters.com
12. نصف عدد النساء الأمريكيات ممن تجاوزن (75) سنة يعشن وحدهن. كما تقول دائرة الإحصاءات الأمريكية:
13. لم تمنح النساء حق التصويت في أمريكا حتى عام 1920م:
14. في دراسة أجريت على 14 دولة أظهرت أن 42% من البريطانيين اعترفوا بإقامة علاقة مع أكثر من شخص في نفس الوقت، بينما نصف الأمريكيين يقيمون علاقات غير شرعية. وكانت النسبة في إيطاليا 38 ٪ وفي فرنسا 36 ٪، وذلك بحسب الـ (BBC)
وهكذا في قائمة لا تكاد تنتهي من الصفحات السوداء المخفية عن حال المرأة في الحضارة المادية الغربية. وكلها قد تم توثيقها من المواقع الأجنبية الرسمية التي تمثل المصادر الموثوقة لمثل هذه الأرقام.
ينظر هذه الإحصائيات على موقع الألوكة
وأما نظرتها للجهاد ، فهي نظرة خاطئة ، وقد أحدثها الجهل بأحكام الجهاد في الإسلام والحكمة من مشروعيته .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ : الْأَجْرُ ، وَالْمَغْنَمُ) رواه البخاري (2850) ، ومسلم (1872) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : "المغنم المقترن بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد" انتهى من "فتح الباري" (6/56) .
ففي هذا الحديث إشارة ظاهرة إلى استمرار الجهاد إلى يوم القيامة ، وفي موقعنا الكثير من الأسئلة عن أحكام الجهاد ، فانظرها تحت عنوان "الجهاد والهجرة" .
هذه بعض الأفكار التي نعتقد أنها قد تساعدك في نصح تلك الفتاة .
على أننا ننصحك بأن تكون نصيحتك لها هي مجرد إرشادها إلى هذا السؤال ، أو طباعته لها ، أما حديثك معها وأنت شاب وهي فتاة فنرى أنه باب من أبواب الفتنة ، يجب عليك إغلاقه وعدم فتحه ، لأنه سيجرك إلى ما هو شر لك ولها .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب