0 / 0

التوبة من أكل حق أخواته في الميراث

السؤال: 259416

كان لجدي قطعتي أرض ؛ أرض تسمى الخمسين مساحتها ٤٨ قيراطا ، وأرض تسمى الدلاله ومساحتها ٦٩ قيراطا ، أرض الخمسين أفضل سعرا من أرض الدلاله تقريبا تساوي الضعف ، أبي له إخوة ، رجلان ، وأربع إناث ، عند توزيع الأرض قام أعمامي بالآتي : أعطوا كل ولد ١٦ قيراطا في أرض الخمسين ، ولم يعطو الإناث ، وفي أرض الدلاله أعطوا البنت ١٢ قيراطا ، وأخذ الولد ٧ قيراطا ، ولم يعترض عليهم أبي ، وعندما كبرنا قلنا لأبي : هذه القسمة لا ترضي الله ، ونريد أن نعيد الزائد عن نصيبنا في هذا الميراث لعماتي ، فما هو مقدار ما نعيده بالقيراط ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا : من أعظم المحرمات التي قد يتهاون بها الكثير من الناس :

الظلم في قسمة المواريث ، وعدم مراعاة العدل الذي شرعه الله ، وقد بين الله تعالى أحكام المواريث ونصيب كل وارث ، ثم توعد من يخالف هذه الأحكام بقوله : (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13-14 .

قال الشوكاني رحمه الله : “والإشارة بقوله (تلك) إلى الأحكام المتقدمة [ومنها أحكام المواريث] ، وسماها حدودا لكونها لا تجوز مجاوزتها ، ولا يحل يعديها” انتهى من “فتح القدير” (2/99) .

ويتأكد التحريم هنا ويزداد إثما لما فيه من اغتصاب الأرض – وهو بمجرده من كبائر الذنوب – ولما فيه من قطيعة الرحم ، وظلم الأخوات .

روى البخاري (3198) ومسلم (1610) واللفظ له عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ ).

وينظر جواب السؤال رقم (105529).

وقد أحسنتم بإعانة أبيكم على التوبة ورد الحقوق إلى أصحابها ، وهذا من أحسن المعروف والبر الذي تقدمونه إلى أبيكم ، نسأل الله تعالى أن يتقبل سعيكم ، ويجزيكم عليه خيرا .

ثانيا :

إذا توفي الرجل عن ثلاثة أبناء وأربع بنات ، فإن التركة تقسم على عشرة أجزاء متساوية ، يكون لكل ابن منهما سهمان ، ولكل بنت سهم واحد .

وعلى هذا ، فنصيب الابن من أرض الخمسين 9.6 قيراط.

ونصيب البنت منها 4.8 قيراط .

ونصيب الابن من أرض الدلالة 13.8 قيراط .

ونصيب البنت منها 6.9 قيراط .

وبهذا يتبين أن أباكم أخذ من أرض الخميس 6.4 قيراط أكثر من حقه ، وأعطى لعماتكم مقابلها 6.8 قيراط من أرض الدلالة ، وأنتم تقولون إن هذه ليست قسمة عادلة ، لأن أرض الخميس أفضل سعرا من أرض الدلالة بالضعف تقريبا .

فيكون الطريق للتوبة وتحقيق العدل ورد الحق إلى صاحبه أحد أمرين :

الأول :

أن تأخذوا من عماتكم الثلاثة 6.8 قيراط من أرض الدلالة ، وتعطوهن 6.4 قيراط من أرض الخميس .

وهذا هو الواجب عليكم إذا طالبت العمات بذلك ، لأن حقهن في الأرض نفسها التي تركها أبوهن (جدكم) .

الأمر الثاني :

أن يتم تقويم الأرضين تقويما عادلا ، فينظر : كم يساوي (6,4) قيراطا ، من أرض الخمسين ، وكم تساوي (6,8) قيراطا من أرض البدالة . والفرق بين السعرين : يعطى للعمات، إما نقودا، وإما أرضا.

فإذا افترضنا – مثلا – أن هذا المساحة من أرض الخمسين ، تساوي خسمين ألفا ، والمساحة المذكورة من أرض البدالة ، تساوي ثلاثين ؛ فسوف يكون الفرق بين السعرين : هو عشرين ألفا، توزع بين العمات ، بالتساوي ، أو يأخذهن ما يساوي ذلك أرضا .

ولكن هذا الحل الثاني لا تجبر عليه العمات ، بل لا يجوز إلا برضاهن ، لأنه يكون بيعا منهن لنصيبهن من الأرض ، ولا يجوز إجبار الإنسان على بيع ملكه ، قال الله تعالى : (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ

تَرَاضٍ ) رواه ابن ماجة (2185) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .

ويقسم ما تأخذونه منهن أو تعطونه لهن عليهن الثلاثة ، لأن الحق لهن جميعا ، وليس لواحدة منهن .

ونسال الله تعالى أن يوفق والدكم للتوبة ، وأن يتقبل منكم .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

اللقاء الشهري 17 

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android