تنزيل
0 / 0

ما حكم قول البعض ؛ في مزبلة التاريخ .

السؤال: 259500

ما حكم قول البعض: ” مزبلة التاريخ ” أليست من سب الدهر ؟ أليس من الأفضل القول مثلاً: مزبلة البشرية ؟ وشكراً

ملخص الجواب

الخلاصة ؛ أن مقولة في "مزبلة التاريخ" لا تحمل المعنى الذي من أجله جاء النهي عن "سبّ الدهر " .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) رواه البخاري (4826) ومسلم (2246) .

والحديث له تفسيران مشهوران :

التفسير الأول :

نهي عن سب الدهر ؛ لأن الله تعالى هو خالق الدهر ومقدر أحداثه فسب أيامه ولياليه وما يقع فيه من مصائب وبلاء هو في حقيقته سب لمن قدّرها وخلقها وهو الله تعالى .

قال البيهقي رحمه الله تعالى :

” قال الشافعي في رواية حرملة: وإنما تأويله ، والله أعلم ، أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت ، أو هرم ، أو تلف أو غير ذلك ، فيقولون: إنما يهلكنا الدهر ، وهو الليل والنهار .. فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر ، وأبادهم الدهر ؛ فيجعلون الليل والنهار اللذين يفعلان ذلك ، فيذمون الدهر ، فإنه الذي يفنينا ويفعل بنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبوا الدهر ) على أنه الذي يفنيكم ، والذي يفعل بكم هذه الأشياء ، فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء فإنما تسبوا الله تبارك وتعالى ، فإن الله فاعل هذه الأشياء .

قال الشيخ: وطرق هذا الحديث وما حفظ بعض رواته من الزيادة فيه دليل على صحة هذا التأويل ” انتهى من ” السنن الكبرى” (7 / 131) .

التفسير الثاني :

أنه نهي عن سبّ الدهر لأنه اسم من اسماء الله تعالى ومعناه القديم الأزلي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

” والقول الثاني: قول نعيم بن حماد ، وطائفة معه من أهل الحديث والصوفية: إن الدهر من أسماء الله تعالى ، ومعناه القديم الأزلي .

ورووا في بعض الأدعية: يا دهر ! يا ديهور ! يا ديهار ! وهذا المعنى صحيح ؛ لأن الله سبحانه هو الأول ليس قبله شيء ، وهو الآخر ليس بعده شيء ؛ فهذا المعنى صحيح إنما النزاع في كونه يسمى دهرا بكل حال .

فقد أجمع المسلمون وهو مما علم بالعقل الصريح أن الله سبحانه وتعالى ليس هو الدهر الذي هو الزمان ، أو ما يجري مجرى الزمان … ” انتهى . “مجموع الفتاوى” (2 / 494) .

وينظر جواب السؤال رقم (9571) ورقم (131066).

ثانيا :

وعلى أي تفسير حمل الحديث السابق  ؛ فإن مقولة ” مزبلة التاريخ ” لا تدخل في معنى الحديث ونهيه  ؛ ولا يراد بها لا سب الزمان ، ولا سب الحياة ، ولا سب التاريخ أو عيبه ، إنما يراد بها سب الشخص المعين ، أو الطائفة المعينة ، أو من يقال عنه : إلى “مزبلة التاريخ” ؛ ومراد قائل ذلك :

أن التاريخ ، إن ذكر هذا الشخص المعين : فلن يذكر بخير ، وأعماله شر وسوء .

وإن وضعه في مكان : فسوف يضعه في أسوأ مكان يوضع فيه “شيء” ، وأرذله ، وهو “المزبلة” .

وهذا كله إنما هو من باب : مجاز القول ، وكناياته ، ويراد به : عيب الشخص المعين ، أو الطائفة ، كما سبق ، ولا علاقة لهذا أصلا : بذم التاريخ ، أو الزمان .

والحاصل ؛ أن مقولة ” مزبلة التاريخ ” لا يتناولها حديث النهي عن سب الدهر ؛ لأنها موجهة فقط لوصف أفعال البشر الدنيئة التي تقع تحت مسؤوليتهم وتصدر باختيارهم وارادتهم .

لكن يجب على قائل ذلك : أن يتنبه ، فلا يوقعها إلا على من يستحقها من الكفار ، وعتاة أهل الشر والبغي والطغيان ، ويحذر من التساهل فيها ، فيقع هو في البغي والعدوان ، أو الغيبة والبهتان.

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (143212).

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android