تنزيل
0 / 0
102,76809/08/2017

حول التسمي باسم ( حارث وهمام )

السؤال: 260524

أريد أن أسأل عن اسم هَمَّام في الحديث : ( وأصدق الأسماء حارث وهمام ) هل السنة جاءت بالترغيب بالتسمي بهذا الاسم والتكني به ؟ أم إن الحديث جاء في الترغيب بأن يكون الإنسان ذا همة وكسب ، وليس المراد منه تسمية الأولاد بحارث وهمام؟ وعلى هذا ماحكم التكني باسم همام كأم همام ؟ وهل اسم همام من الأسماء الحسنة التي يسمى بها الولد في هذا الزمن ؟ لأن من حق الابن على الأبوين حسن التسمية . وهل الإنسان له من اسمه نصيب ؟ لأني أخشى أن يكون الولد المسمى بهمام يكون دائماً مهموما وحزينا .

ملخص الجواب

ملخص الجواب :  خلاصة الحكم على الحديث : أنه حسن بمجموع الطريقين ، دون قوله :” تسموا بأسماء الأنبياء ” ، وقد صححه ابن القيم في “زاد المعاد” (2/305) ، وكان الشيخ الألباني قد ضعف طريق أبي وهب الجشمي وحده كما في “إرواء الغليل” (1178) ، ثم حسن الحديث بشاهده المرسل هذا في “السلسلة الصحيحة” (1040)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :

روى البخاري في “الأدب المفرد” (814) ، وأحمد في “المسند” (19032) ، وأبو داود في “سننه” (4950) ، وأبو يعلى في “مسنده” (7169) ، من طريق هشام بن سعيد ، وأخرجه الدولابي في “الكنى والأسماء” (1/177) ، وابن قتيبة في “غريب الحديث” (1/286) ، من طريق يحيى بن صالح ، كلاهما ( هشام بن سعيد – يحيى بن صالح ) عن محمد بن المهاجر عن عقيل بن شبيب عن أبي وهب الْجُشَمِيِّ -وكانت له صحبة- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:

( تَسَمَّوْا بأسَماءِ الأنبياء ، وأحَبُّ الأسماءِ إلى الله: عَبدُ الله وعبدُ الرحمن ، وأصدَقُها: حارِثٌ وهَمَّامٌ ، وأقْبَحُها: حَرْبٌ ومُرَّة ) .

وهذا الطريق فيه علتان :

الأولى : الخلاف في راوي الحديث ، وهو ” أبو وهب ” هل هو ” أبو وهب الْجُشَمِيِّ ” الذي ذكر الراوي عنه أنه كانت له صحبة ، أم هو ” أبو وهب الكُلاعي ” شامي من طبقة تابعي التابعين؟ فالذي رجحه أبو حاتم كما في المراسيل (ص118) ، وكما في العلل (2451) أنه ” أبو وهب الكلاعي ” من طبقة تابعي التابعين ، والذي رجحه ابن القطان أنه ” أبو وهب الْجُشَمِيِّ ” وهو غير أبو وهب الكلاعي الدمشقي التابعي .

فعلى القول الأول يكون الحديث مرسلا ، وعلى القول الثاني سيبقى النظر في صحة ثبوت الصحبة لأبي وهب الْجُشَمِيِّ ، حيث اعتبرها صحيحة جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو نعيم كما في “معرفة الصحابة” (6/3042) ، وابن عبد البر كما في “الاستيعاب” (3218) ، وابن عساكر كما في “تاريخ دمشق” (28/43) ، وابن الأثير كما في “أسد الغابة” (6344) ، وابن كثير كما في “التكميل في الجرح والتعديل” (2525) .

ولم يعتبرها صحيحة ابن القطان في “بيان الوهم والإيهام” (4/380) فقال :” :” ولا تعلم لأبي وهب الصحبة إلا بزعم عقيل بن شبيب هذا ، ولا يعرف  روى عنه غيره .   وعقيل المذكور ، يحتاج في تعديل نفسه إلى كفيل ، فهو غير معروف  الحال ، ولا مذكور بأكثر من رواية محمد بن مهاجر عنه .   وكل من رأيته ذكر أبا وهب في الصحابة ، فإنما ذكره بهذا الذي قال فيه  عقيل هذا “. انتهى

الثانية : جهالة عقيل بن شبيب ، حيث ذكره ابن حبان في الثقات (4801) ، وقال الذهبي في “الكاشف” (3855) :” وثق” ، وقال ابن حجر في “التقريب” (4660) :” مجهول “. انتهى

فيتلخص من ذلك أن هذا الطريق فيه علة توهنه وهي جهالة حال عقيل بن شبيب .

إلا أن الحديث قد جاء من طريق آخر مرسل جيد يقويه ، وهو ما أخرجه ابن وهب في “الجامع” (53) عن ابن لهيعة عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْيَحْصِبِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” خَيْرُ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَنَحْوَ هَذَا ، وَأَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ الْحَارِثُ ، وَهَمَّامٌ ، حَارِثٌ لِدُنْيَاهُ وَلِدِينِهِ ، وَهَمَّامٌ بِهِمَا ، وَشَرٌّ الْأَسْمَاءِ حَرْبٌ ، وَمُرَّةُ “.

وهذا الطريق رجاله ثقات غير أنه مرسل ؛ حيث إن عبد الله بن عامر اليحصبي من التابعين ، ولا يضر الحديث أن فيه ابن لهيعة ، حيث إن الراوي عنه ابن وهب وهو من العبادلة ، وروايتهم عنه مقبولة .

وخلاصة الحكم أن الحديث حسن بمجموع الطريقين ، دون قوله :” تسموا بأسماء الأنبياء ” ، وقد صححه ابن القيم في “زاد المعاد” (2/305) ، وكان الشيخ الألباني قد ضعف طريق أبي وهب الجشمي وحده كما في “إرواء الغليل” (1178) ، ثم حسن الحديث بشاهده المرسل هذا في “السلسلة الصحيحة” (1040)

ثانيا :

إذا ثبت الحديث فقد أخذ منه بعض العلماء أن التسمي بـ “حارث” و “همام” تسمية حسنة ، وذلك لما فيها من الصدق ، ومعنى الصدق فيهما مطابقة الاسم لواقع الإنسان ، فأي إنسان يحرث ، أي يكتسب سواء حرثَ في أمر الدنيا أو في أمر الآخرة ، وكذلك كل إنسان يَهمُّ ، من الهم ، أي العزم والإرادة .

قال الخطابي في “معالم السنن” (4/126) :” إنما صار الحارث من أصدق الأسماء : من أجل مطابقة الاسم معناه الذي اشتق منه ؛ وذلك أن معنى الحارث الكاسب ، يقال: حرث الرجل إذا كسب واحتراث المال كسبه …. وقال سبحانه : (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها) [الشورى: 20]  .

وأما همام : فهو من هممت بالشيء ، إذا أردته ، وليس من أحد إلاّ وهو يهم بشيء ، وهو معنى الصدق الذي وصف به هذان الاسمان “. انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في “مجموع الفتاوى” (7/43) :” وَقَوْلُهُ أَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ : حَارِثٌ وَهَمَّامٌ ؛ لِأَنَّ كُلَّ إنْسَانٍ هَمَّامٌ حَارِثٌ وَالْحَارِثُ الْكَاسِبُ الْعَامِلُ . وَالْهَمَّامُ الْكَثِيرُ الْهَمِّ – وَهُوَ مَبْدَأُ الْإِرَادَةِ “.انتهى

وقال ابن بطال في “شرح صحيح البخاري” (9/347) :” فأولى الأسماء أن يتسمى بها أقربها إلى الصدق “. انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما في مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (25/277) :” كل اسم مضاف إلى الله فهو خير مما لم يضف إلى الله عز وجل وأشرف ، وأفضله ما أضيف إلى الله أو إلى الرحمن ، بالحديث الذي ذكرته آنفاً ، ثم ما كان من الأسماء أقرب إلى الصدق ، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أصدق الأسماء حارث وهمام) ، يعني ما يولد الإنسان إلا وهو حارث وهمام ، فإذا سمي بحارث أو همام صار مطابقاً تماماً للواقع “. انتهى

وأما التخوف من كون هذا الاسم غير مناسب في هذا الزمان ، فالأمر يعود إلى اختلاف البيئات، فربما كان الاسم في بعض الأماكن غير مستنكر ، وبالتالي لا يؤثر على الولد سلبا ، وربما كان مستنكرا عرفا ، أو داعية للسخرية ، وحينئذ ربما سبب إشكالات نفسية لدى الطفل ، فلابد من مراعاة ذلك عند اختيار أسماء الأولاد .

ومثال ذلك التسمية باسم ” إسرائيل ” ، فمعلوم أن إسرائيل هو اسم نبي الله يعقوب ، والتسمي بأسماء الأنبياء حسن مستحب ، بل قال ابن حجر في “الفتح” (10/579) :” وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ “. انتهى .

لكن : لو جاء مسلم اليوم وسمى ولده باسم إسرائيل – مع وجود هذا الكيان المحتل الغاشم دولة إسرائيل – لوجد من الناس السخرية والسب وغير ذلك .

فالذي ينبغي في هذا الباب مراعاة الزمان والمكان ، وأعراف الناس وما يعتادونه ، والنظر في ملاءمة الاسم للبيئة التي ينشأ فيها الطفل ، وقبول الاسم فيها ، وعدم استهجانه .

ثالثا :

وأما السؤال عن تلك المقولة أن كل إنسان له من اسمه نصيب ، فهي مقولة مشهورة ذكرها كثير من العلماء ، كابن الحاج وابن القيم وغيرهما ، وهي ليست قاعدة مطردة ، كما لا يخفى ، وإنما هذا مما قد يقع ، ويراه الناس ؛ وقد يقع أيضا : أن يسمى الشخص باسم ويكون حاله مخالفا لهذا الاسم .

وعلى كلٍّ ؛ فإنه ينبغي إحسان التسمية كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، بل كان صلى الله عليه وسلم يغير الأسماء السيئة المعنى إلى أسماء حسنة المعنى .

وينظر السؤال رقم (14622) .

وأما الخوف من أن ينال الهمُ من سُمي باسم “همام” فهذا غير صحيح ؛ لأن اسم ” همام ” من “الهم” الذي هو العزم والإرادة ، وليس من “الهم” الذي بمعنى الحزن .

ينظر : لسان العرب (12/619) ، القاموس المحيط (ص1512) .

وختاما : نسأل الله أن يصلح المسلمين ، وأن يجعل همهم وحرثهم فيما يرضيه ، آمين .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android