0 / 0
127,29418/06/2017

حول اختلاف الاحاديث في مدة مكث عيسى عليه السلام عندما ينزل آخر الزمان

السؤال: 262149

ورد في بعض الأحاديث أن عيسى عليه السلام ينزل إلى الأرض آخر الزمان ، ويمكث في الأرض سبع سنين ، وفي رواية أخرى أربعون سنة ، فأيمها أصح ؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاتٍ ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ، وَهُوَ خَلِيفَتِي عَلَى أُمَّتِي، وَهُوَ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ يَضْرِبُ إِلَى الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ ، يَكَادُ رَأْسُهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ ، يَمْشِي بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ ، يَدُقُّ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَفِيضُ الْمَال ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ، وَيُقَاتِلُ عَلَى الإِسْلامِ حَتَّى تَهْلِكَ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلُ كُلُّهَا، فَتَقَعُ الأَمَنَةُ فِي الأَرْضِ ، فَتَرْعَى الإِبِلُ مَعَ الأُسُودِ ، وَالنُّمُورُ مَعَ الْبَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ ، وَيَلْعَبُ الصِّبْيَانُ مَعَ الْحَيَّاتِ فَلا تَضُرُّهُمْ شَيْئًا، فَيَلْبَثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ ) .
والحديث الآخر يدل على سبع سنين .
قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ( يَخْرُجُ الدَّجَّالُ في أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أرْبَعِينَ ، لاَ أدْرِي أرْبَعِينَ يَوماً أو أرْبَعِينَ شَهْراً، أو أرْبَعِينَ عَاماً، فَيَبْعَثُ اللهُ تَعالَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ – صلى الله عليه وسلم -، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيسَ بَينَ اثْنَينِ عَدَاوةٌ … ) .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

فقد ورد في القرآن الكريم أن عيسى بن مريم عليه السلام رفعه الله إليه ، وأنه لم يُصلب كما يدعي النصارى ، وأنه سينزل آخر الزمان ، وحينئذ يؤمن به كثير من أهل الكتاب ،  قال تعالى : ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ) “. النساء/157-159 .

وفي حديث أبي هريرة رضي الله قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ . ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: ” وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا [النساء: 159] .

أخرجه البخاري (2222) واللفظ له ، ومسلم (155) .

أما ما ذكره السائل الكريم حول مدة بقاء عيسى عليه السلام في الأرض ، هل يمكث أربعين سنة أم سبع سنين ؟

فجواب ذلك :

أن الحديثين اللذين ذكرهما السائل صحيحان :

فالأول ، وهو حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى , وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ , وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ , لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ , وَإِنَّهُ نَازِلٌ , فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ , فَإِنَّهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ , كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ , وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ , وَإِنَّهُ يَدُقُّ الصَّلِيبَ , وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ , وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيُفِيضُ الْمَالَ , وَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ , حَتَّى يُهْلِكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِمَارَتِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا غَيْرَ الْإِسْلَامِ , وَحَتَّى يُهْلِكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِمَارَتِهِ مَسِيحَ الضَّلَالَةِ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ , وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ فِي الْأَرْضِ , حَتَّى يَرْعَى الْأَسَدُ مَعَ الْإِبِلِ , وَالنَّمِرُ مَعَ الْبَقَرِ , وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ , وَتَلْعَبُ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لَا يَضُرُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , يَلْبَثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً , ثُمَّ يُتَوَفَّى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ .

أخرجه أبو داود في سننه (4324) ، وأحمد في المسند (9270) ، وإسناده صحيح ، قال ابن كثير في “البداية والنهاية” (19/224) :” وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ “. ، وصحح إسناده ابن حجر في “الفتح” (6/493).

والحديث الثاني : أخرجه مسلم في صحيحه (2940) من حديث عبد الله بن عمرو قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ – لَا أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ …”

وقد جمع بينهما أهل العلم بعدة طرق ، كما يلي :

الأولى : أن مدة حياة عيسى عليه السلام في الأرض ، منذ أن ولد إلى أن يموت : أربعون سنة ، عاش منها قبل أن يرفع إلى السماء ثلاثا وثلاثين ، ثم يعيش بعد أن ينزل إلى الأرض سبع سنين ، فتكون رواية الأربعين المقصود بها مدة حياته جميعا ، ورواية السبع المقصود بها مدة بقائه بعد نزوله .

قال الحافظ ابن كثير في “البداية والنهاية” (19/231) بعد أن أورد حديث الأربعين :

” وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ سَبْعَ سِنِينَ ، فَهَذَا مَعَ هَذَا مُشْكِلٌ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ السَّبْعُ عَلَى مُدَّةِ إِقَامَتِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى مُكْثِهِ فِيهَا قَبْلَ رَفْعِهِ مُضَافًا إِلَيْهِ ، وَكَانَ عُمْرُهُ قَبْلَ رَفْعِهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَهَذِهِ السَّبْعُ تَكْمِلَةُ الْأَرْبَعِينَ ، فَيَكُونُ هَذَا مُدَّةَ مُقَامِهِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ رَفْعِهِ وَبَعْدَ نُزُولِهِ “. انتهى .

وسئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله : كم يُقيم عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد نُزُوله؟

فَأجَاب: ” يُقيم سبع سِنِين ، كَمَا صَحَّ فِي حَدِيث مُسلم.

وَلَا يُنَافِيهِ حَدِيث الطيالسي أَنه يُقيم أَرْبَعِينَ سنة. لِأَن المُرَاد مَجْمُوع لبثه فِي الأَرْض قبل الرّفْع وَبعده؛ فَإِنَّهُ رفع وَسنه ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة “.انتهى، من “فتاويه” (1/133) .

لكن هذا الجمع منتقد بأنه لا ذكر لمدة عيسى وحياته الأولى ، في شيء من روايات الحديث ، ولا مناسبة لها في سياقاته ، حتى يحمل عليها ذلك . وبأن في نفس الروايات ما يضعف هذا الجمع .

قال السفاريني رحمه الله :

” وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ أَنَّ سَيِّدَنَا عِيسَى حِينَ رُفِعَ كَانَ عُمْرُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَيَنْزِلُ سَبْعًا فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً.

وَهَذَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، لَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِمَا مَرَّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ : ( فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ ثُمَّ يَمْكُثُ عِيسَى فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ) .

وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ : كُنْتُ أَفْتَيْتُ بِأَنَّ ابْنَ مَرْيَمَ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ نُزُولِهِ سَبْعَ سِنِينَ، قَالَ وَاسْتَمَرَّيْتُ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى رَأَيْتُ الْإِمَامَ الْحَافِظَ الْبَيْهَقِيَّ اعْتَمَدَ أَنَّ مُكْثَهُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعُونَ سَنَةً ، مُعْتَمِدًا مَا أَفَادَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ بِلَفْظِ ” ثُمَّ يَمْكُثُ ابْنُ مَرْيَمَ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ قَتْلِ الدَّجَّالِ أَرْبَعِينَ سَنَةً “. وَهَذَا هُوَ المرجح؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الثِّقَةِ يُحْتَجُّ بِهَا، وَلِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِ وَيُقَدِّمُونَهَا عَلَى رِوَايَةِ الْأَقَلِّ لِمَا مَعَهَا مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّهُ مُثْبَتٌ وَالْمُثْبَتُ مُقَدَّمٌ. انْتَهَى.” .

“لوامع الأنوار” (2/98-99). وينظر قول السيوطي الأول في “الحاوي للفتاوي” (2/380-381).

الثانية : أن مدة بقائه بعد نزوله الأرض أربعون سنة ، وأما السبع سنوات المذكورة في حديث مسلم ، فهي مدة مكث الناس في الأرض بعد موت عيسى عليه السلام ، وذلك لأن رواية مسلم والتي فيها قوله :” فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ ” ، وقد قد جاءت هذه الجملة عند أحمد في المسند (6555) بلفظ :” ثُمَّ يَلْبَثُ النَّاسُ بَعْدَهُ سِنِينَ سَبْعًا ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ “.

فكلمة “بعده ” : تبين أن هذه مدة مكث الناس بعد موت عيسى وليست هي مدة مكث عيسى عليه السلام .

قال ابن علان رحمه الله ، في “دليل الفالحين” (8/631) :

” (ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة) : يحتمل أنها المدة الخالصة من الأكدار البتة في زمن عيسى عليه السلام .

وإلا فذكر الشيخ جلال الدين السيوطي أنه يمكث بعد نزوله أربعين سنة ، ولفظه في حاشية تفسير البيضاوي : “قوله في هذا الحديث: ( ويمكث في الأرض أربعين سنة ) : قال الحافظ عماد الدين ابن كثير: يُشكل عليه ما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عمرو: أنه يمكث في الأرض سبع سنين، قال: اللهم إلا أن يحمل هذه السبع على مدة إقامته بعد نزوله ، وتلك مضافاً إلى مكثه فيها قبل رفعه إلى السماء وكان عمره إذ ذاك ثلاثاً وثلاثين على المشهور. والله أعلم.

أقول وقد أقمت سنين أجمع بذلك ، ثم رأيت البيهقي قال في كتاب “البعث والنشور” : هكذا في الحديث ؛ أن عيسى يمكث في الأرض أربعين سنة. وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمرو فيبعث الله عيسى ابن مريم، فيطلبه فيهلكه ، ثم يلبث الناس بعده سبع سنين، ليس بين اثنين عداوة.

قال البيهقي: يحتمل أن يكون قوله: ثم يلبث الناس أي: بعد موته ، فلا يكون مخالفاً للأول .

فترجح عندي هذا التأويل، لأن الحديث ليس نصاً في الإِخبار عن مدة لبث عيسى، وذاك نص فيها لأن ثم يؤيد هذا التأويل. وكذا قوله يلبث الناس بعده فيتجه أن الضمير فيه لعيسى، لأنه أقرب مذكور؛ ولأنه لم يرد في ذلك سوى الحديث المحتمل ولا ثاني له. وورد مكث عيسى أربعين سنة في عدة أحاديث، من طرق مختلفة: منها الحديث المذكور. وهو صحيح.

ومنها ما أخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “ينزل عيسى ابن مريم ، فيمكث في الأرض أربعين سنة ، لو يقول للبطحاء سيلي عسلاً لسالت”.

ومنها ما أخرجه أحمد في مسنده عن عائشة مرفوعاً في حديث الدجال: “فينزل عيسى ابن مريم فيقتله ، ثم يمكث في الأرض أربعين سنة ، إماماً عادلاً وحكماً مقسطاً ” .

وورد أيضاً من حديث ابن مسعود عند الطبراني .

فهذه الأحاديث المتعددة : أولى من ذلك الحديث الواحد المحتمل “. انتهى .

 الثالثة : قيل في الجمع بين المدتين : أنه يمكث أربعين سنة وهذه السبع منها ، ولكنها فترة بقاء عيسى مع المهدي ، أي يمكث عيسى مع المهدي سبع سنين ، ثم يموت المهدي ، ويبقى عيسى بعده ثلاثة وثلاثين سنة تمام الأربعين ، وهذا قول الشيخ محمد أنور الكشميري حيث قال في “فيض الباري” (3/490):” أمَّا مُكْثُهُ عليه الصلاة والسلام بعد النزول ، فالصوابُ عندي فيه أربعون سنةً ، كما عند أبي داود: فيَمْكُثُ في الأرض أربعين سنةً ، ثم يتوفَّى ، فيصلِّي عليه المسلمون . اهـ.

وأمَّا ما تُوهِمُهُ رواية مسلم: أنه يَمْكُثُ في الأرض سبع سنين ، فهو مدَّة مُكْثِهِ مع الإِمام المهدي”. انتهى .

والله أعلم . 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الاسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android