أنا متزوج من قرابة عامين و لدي ابنة من زوجتي. أردت بعض التوضيح للشروط التي يجب تحققها ليتم الطلاق. على سبيل المثال، كون المرأة ليست حائض وأنه لم يتم الجماع منذ حيضتها الماضية. إذا لم تتحقق الشروط هل يثبت الطلاق أم لا ؟ أيضاً عند تطليق الرجل لزوجته هل يكفي قول كلمة الطلاق. أم من الضروري قول أنا أعطيك طلاقك ؟ أنا لدي مشاكل في الغضب وهذا معروف لدى كل من يعرفني، وأنا أحصل على استشارة علاجية بالنسبة للغضب من قبل طبيبي. قلت : الطلاق (أي قال "طلاق" و لم يقل مثلا "أنت طالق") لزوجتي حين كنا نتجادل و كانت تقول إهانات سيئة لي وطلبت مني أن أطلقها. نطقت بكلمة الطلاق عندما كنت غاضباً جداً ولكن بعد أن عدت لرشدي ندمت على ذلك. لم أنوي بالفعل تطليق زوجتي. زوجتي الآن تظن أننا مطلقين. هل من الممكن توضيح الحكم الشرعي الصحيح لأحكام الطلاق و متى يقع. جزاك الله خيراً.
إذا قال لزوجته: طلاق، أو أنت طلاق، أو أنت الطلاق
السؤال: 263228
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الطلاق المشروع هو أن يطلق الرجل امرأته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، أو وهي حامل. وهذا الطلاق يقع باتفاق العلماء .
وأما الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه ، فيقع عند الجمهور، ولا يقع عند بعض أهل العلم، وانظر: جواب السؤال رقم (72417) ورقم (106328).
ثانيا:
الطلاق حال الغضب فيه تفصيل وخلاف، والراجح أن الغضب إذا كان لا يدري المتكلم معه ما يقول، أو كان غضبا شديدا بحيث حمل الزوج على أن يطلق ولولا الغضب ما طلق، فإنه لا يقع، بخلاف الغضب العادي غير الشديد فإن الطلاق يقع معه، وانظر: جواب السؤال رقم (45174).
ثالثا:
إذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق، أو قال هي طالق، أو قال: طلقتك، أو أنت مطلَّقة، فهذا كله طلاق صريح فيقع به الطلاق ولا يحتاج إلى نية.
ولا يشترط أن يقول: أعطيك الطلاق.
ولو قال: أطلقك، فهذه صيغة محتملة؛ لأن المضارع يفيد الحال والاستقبال، فلو أراد الحال أي أطلقك الآن، وقع الطلاق. وإن أراد الاستقبال، فهذا تهديد ووعيد، ولا يقع الطلاق حتى يعود ويطلق.
ويراعى ذلك في لغة كل متكلم.
رابعا:
إذا قال الزوج: أنت طلاق، أو قال: أنت الطلاق، ففي هذا خلاف، هل هو صريح فيقع بدون نية، أو كناية لا يقع معها الطلاق إلا بالنية.
فالجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة على أنه صريح.
قال ابن قدامة رحمه الله: " فإن قال: أنت الطلاق. فقال القاضي: لا تختلف الرواية عن أحمد في أن الطلاق يقع به، نواه أو لم ينوه. وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك. ولأصحاب الشافعي فيه وجهان؛ أحدهما، أنه غير صريح؛ لأنه مصدر، والأعيان لا توصف بالمصادر إلا مجازا. والثاني، أن الطلاق لفظ صريح، فلم يفتقر إلى نية، كالمتصرف منه، وهو مستعمل في عرفهم" انتهى من المغني (7/ 387).
وقال في الفروع (5/ 395): " في الواضح : أنت طلاق كأنت الطلاق ، ومعناه في الانتصار " انتهى.
وقال الدردير في الشرح الصغير (2/ 559) : " ( وَلَفْظُهُ الصَّرِيحُ ) الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ الْعِصْمَةُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ حَلَّهَا مَتَى قَصَدَ اللَّفْظَ ( الطَّلَاق ) كَمَا لَوْ قَالَ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ، أَوْ : عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ : أَنْتِ الطَّلَاقُ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، ( وَطَلَاقٌ ) بِالتَّنْكِيرِ أَيْ : يَلْزَمُنِي ، أَوْ : عَلَيْك ، أَوْ : أَنْتِ طَلَاقٌ ، أَوْ : عَلَيَّ طَلَاقٌ ، وَسَوَاءٌ نَطَقَ بِالْمُبْتَدَأِ كَأَنْتِ أَوْ بِالْخَبَرِ كَعَلَيَّ أَمْ لَا ، لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ وَالْمُقَدَّرُ كَالثَّابِتِ" انتهى.
وينظر: البحر الرائق (3/ 279).
وذهب الشافعية في الأصح إلى أنه كناية.
قال النووي رحمه الله في المنهاج: " فصريحه الطلاق وكذا الفراق والسراح على المشهور كطلقتك وأنت طالق ومطلقة ويا طالق، لا أنت طلاق والطلاق في الأصح".
قال الرملي في شرحه: " ( لا أنت طلاق ) ( و ) أنت ( الطلاق في الأصح ) بل هما كنايتان كإن فعلت كذا ففيه طلاقك ، أو فهو طلاقك كما هو ظاهر لأن المصدر لا يستعمل في العين إلا توسعا " انتهى من نهاية المحتاج (6/ 428).
ولا شك أن قوله: طلاق، أو الطلاق، دون أن يقول: أنت، أضعف من قوله: أنت طلاق أو أنت الطلاق، والذي يظهر أنه كناية.
وعليه فإذا كنت قد قلت: طلاق، أو الطلاق، كما قد يفهم من سؤالك، فإن نويت مع ذلك الطلاق، وقع الطلاق، وإن لم تنو: لم يقع.
خامسا
ينبغي أن يُعلم أن أكثر حالات الطلاق إنما تصدر مع الغضب والضيق والانفعال ، لا مع الفرح والانشراح ، فكون الزوج طلق زوجته حال غضبه لا يعني عدم وقوع الطلاق ، كما يظنه كثير من الناس ، إلا أن يكون الغضب قد بلغ به مبلغا ، فقد معه إدراكه لما يقول من الكلام ، أو فقد التحكم في نفسه ، بحيث خرج منه الكلام من غير إرادة منه لأن يقوله : فهذا لا يقع طلاقه باتفاق العلماء .
أما إذا اشتد الغضب ولكنه لم يبلغ إلى حد أن يفقده الشعور والإدراك ، ولكنه كان شديداً بحيث لا يملك الرجل نفسه ، ويشعر وكأنه يدفع إلى الطلاق دفعاً فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن هذا الغضب لا يمنع وقوع الطلاق .
وذهب بعضهم إلى أنه يمنع وقوع الطلاق ، وبه كان يفتي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم ، وهو الراجح إن شاء الله .
وإنما أشرنا إلى مذهب الجمهور حتى يدرك السائل والقارئ خطورة التكلم بالطلاق ، في حال الغضب وغيره ، وأنه قد يهدم بيته ويضر نفسه وأهله بسبب عجلته وانفلات لسانه ، نسأل الله العفو والعافية .
وانظر بيان ذلك في جواب السؤال (45174) ورقم (82400) ورقم (160830) .
وعلى كل حال : فينبغي للعبد أن يحذر من التسرع والتساهل في استعمال ألفاظ الطلاق، حفاظا على بيته وأسرته.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة