تنزيل
0 / 0
108,52628/02/2018

حول صحة مقولة لو رأيت أحد إخواني ولحيته تقطر خمرًا لقلت ربما سكبت عليه

السؤال: 263492

انتشرت في وسائل التواصل هذه المقولة : قال أحد السلف : ” لو رأيت أحد إخواني ولحيته تقطر خمرًا لقلت ربما سُكبت عليه ، ولو وجدته واقفًا على جبل وقال : أنا ربكم الأعلى لقلت يقرأ الآية ”
فما مدى صحتها ؟

ملخص الجواب

القولان المذكوران : ليس  لهما أصل يعرف ؛ إلا أن المسلم مأمور بحسن الظن بأخيه المسلم ، وحمله حاله على أحسن محامله .  والله أعلم .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

فإن القولين المذكورين : لم نقف لهما على أصل ، ولا نعلم أحدا من السلف قالهما ، ولا نعلم لهما قائلا معينا من أهل العلم ، لا من السلف ، ولا من الخلف . 
وقد ورد في حسن الظن بالمسلمين ، وحمل أقوالهم وأفعالهم على أحسن وجه عدة آثار ، وهي تغني عن  تكلف قول لا أصل له ، فضلا عما فيه من مبالغات ظاهرة . 
فمن ذلك : 
ما أخرجه أبو داود في “الزهد” (83) ، من طريق عَبْد اللَّهِ بْن يَزِيدَ الْمُقْرِئِ ، قَالَ: نا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أنه قال 🙁 ضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ ، حَتَّى يَأْتِيَكَ مِنْهُ مَا يَغْلِبُكَ ).
ورجاله ثقات ، غير أن فيه المسعودي وقد اختلط ، والراوي عنه هو عبد الله بن يزيد المقرئ ، وهو مدني ، ولا يعرف أسمع منه قبل الاختلاط أم بعده .
إلا أن له طريقا آخر صحيح ، أخرجه الخطيب البغدادي في “المتفق والمفترق” (1/304) من طريق هشام بن عمار ، قال حدثنا إبراهيم ابن موسى المكي وكان ثقة ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب قال 🙁 وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس ثمان عشرة كلمة ، حكم كلها .. وذكر منها ” وضعْ أمرَ أَخيكَ على أَحسنِهِ حتى يجيئَكَ ما يغلبُكَ ” .
وهذا الطريق إسناده صحيح ، رجاله ثقات .
هذا وينبغي أن يعلم أن الأصل في المسلمين حسن الظن ، وتحريم إساءة الظن بهم ، واتهامهم بلا بينة واضحة .
قال الله تعالى 🙁 يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) الحجرات/12.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم 🙁 إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ ) .
أخرجه البخاري في “صحيحه” (5143) ، ومسلم في “صحيحه” (2563) .
فإن كانت هناك أسباب ظاهرة توجب التهمة ، لم تحرم إساءة الظن حينئذ ، كمن اشتهر بالفسق بين الناس ثم وجدت معه زجاجة خمر مثلا ، بخلاف من لم يعرف عنه ذلك فينبغي حسن الظن فيه حتى يظهر خلاف ذلك .
قال القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن” (16/331) :” قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فَالظَّنُّ هُنَا وَفِي الْآيَةِ هُوَ التُّهْمَةُ. 
وَمَحَلُّ التَّحْذِيرِ وَالنَّهْيِ : إِنَّمَا هُوَ تُهْمَةٌ لَا سَبَبَ لَهَا يُوجِبُهَا ، كَمَنْ يُتَّهَمُ بِالْفَاحِشَةِ أَوْ بِشُرْبِ الْخَمْرِ مَثَلًا ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ. 
وَدَلِيلُ كَوْنِ الظَّنِّ هُنَا بمعنى التهمة قول تَعَالَى:” وَلا تَجَسَّسُوا” . وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ لَهُ خَاطِرُ التُّهْمَةِ ابْتِدَاءً ، وَيُرِيدُ أَنْ يَتَجَسَّسَ خبر ذلك ، ويبحث عنه ، ويتبصر ، ويستمع ليحقق مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ تِلْكَ التُّهْمَةِ ؛ فَنَهَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ. 
وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: وَالَّذِي يُمَيِّزُ الظُّنُونَ الَّتِي يَجِبُ اجْتِنَابُهَا عَمَّا سِوَاهَا : أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ تُعْرَفْ لَهُ أَمَارَةٌ صَحِيحَةٌ ، وَسَبَبٌ ظَاهِرٌ : كان حراما واجب الاجتناب ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمَظْنُونُ بِهِ مِمَّنْ شُوهِدَ مِنْهُ السَّتْرَ وَالصَّلَاحَ ، وَأُونِسَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ فِي الظَّاهِرِ ، فَظَنُّ الْفَسَادِ بِهِ وَالْخِيَانَةِ مُحَرَّمٌ ، بِخِلَافِ مَنِ اشْتَهَرَهُ النَّاسُ بِتَعَاطِي الرَّيْب ، وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْخَبَائِثِ “. انتهى
ونقل ابن بطال في “شرح صحيح البخاري” (9/260) عن بعض أهل العلم أنه قال :” نهى عليه السلام أن تحقق على أخيك ظن السوء ، إذا كان الخير غالبًا عليه “. انتهى .
والحاصل : 
أن القولين المذكورين : ليس  لهما أصل يعرف ؛ إلا أن المسلم مأمور بحسن الظن بأخيه المسلم ، وحمله حاله على أحسن محامله . 
والله أعلم .

المصدر

موقع الاسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android