0 / 0

إرث الأرض التي ملكت بوضع اليد ودفع فيها مال للدولة لتتحول من حكر إلى ملك

السؤال: 264401

أريد أن أسأل في قضية ميراث ، جدي منذ زمن بعيد احتكر قطعه أرض ، احتكارا وليست شراءا ، هذا عندنا في مصر لو تعلمون هذا الموضوع أن الرجال قديما كانوا يحتكرون الأرض بوضع اليد ؛ نظرا لوجود مساحات كبيرة مع قلة السكان ، وفي الوقت الحالي تقوم الحكومة بتمليك هذه الأراضي لأصحابها بمبلغ بسيط جدا ، حتي تكون ملكا لهم
، المهم بقي أن جدي احتكر قطعة أرض كبيرة ، ولديه 9 أولاد ؛ 4 بنين ، و 5 بنات فقام بإعطاء كل ولد قطعة أرض ، وبىى لهم شقة للزواج ، وبني لنفسه شقة يعيش فيها ، وبالتالي هذه الأرض قسمت إلي خمسة قطع ، أربعة للرجال ، وواحده لجدي ، وبعد وفاة جدي وجدتي ترك شقته ، ومازالت حكرا ، ولم يدفع أي أحد من أبنائه مالا للحكومة حتي تتحول من شقة حكر إلي شقه ملك .
فالسؤال هنا :
قالت جدتي : إن الشقة للبنات ، والآن البنات معاهم مفتاح الشقة ، فأنا أقول لوالدي أن لك حق في هذه الشقة ، وأنه يجب أن تقسم علي ال9 كلهم ، وليست للبنات فقط ، فيقول لي : إنها للبنات فقط ؛ لأنها ليست ملكا لجدك ، وإنما هي حكر ، وبالتالي كيف نقتسم شقة ليست ملكا لجدك ، فقلت له : حكر أو ملك هذا في قانون البلد ، إنما في الشرع طالما الأب ترك شيئا يتم تقسيمه سواء كان حكرا أم ملكا ، المهم أن الاب هو الذي كان يعيش فيها ، وحتي ممكن هذا الأمر يؤدي إلي مشكلة كبيرة ، وهي أن من الممكن أن أي أحد من الأبناء يقول سأشتريها أنا من الحكومه ، وتكون ملكا لي ، أريد أن أعرف رأيكم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا مات الجد فإن جميع ما يملك يصير تركة، بعد سداد ما عليه من ديون وتنفيذ وصيته، إن كان ثمة دين أو وصية. وتقسم التركة على جميع ورثته.

وعلى هذا فينظر في الأرض التي تملكها جدك ، وبنى عليها : فالأمر فيها واضح، وتكون ملكا لجميع الورثة، الذكور والإناث ، على حد سواء ، تقسم بينهم حسب القسمة الشرعية ، للذكر مثل حظ الأنثيين .

والواجب على الأبناء الذين فضّلهم الجد ، وأعطى كل واحد منهم شقة : أن يدخلوا شققهم في التركة ، لتقسم على الجميع، ذكورا وإناثا .

وذلك أن تفضيل بعض الأولاد بالهبة والعطية : لا يجوز، ويلزم المفضِّل في حياته أن يعوض الباقين ، أو يسترد العطايا ممن أخذها .

فإن مات ولم يفعل ذلك، لزم من أخذ شيئا أن يحقق العدل.

والأصل في ذلك: ما روى البخاري (2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ :

( أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا ، فَقَالَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ ؟

قَالَ : لَا .

قَالَ: فَارْجِعْهُ ).

ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما.

ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : ( أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً . فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً ، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ لَا قَالَ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ .

قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. ) .

وفي رواية للبخاري أيضا (2650): (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن فضل بعض أولاده على بعض :

” والصحيح من قولي العلماء : أنه يجب عليه أن يرد ذلك في حياته ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن مات ولم يرده : رُدَّ بعد موته ، على أصح القولين أيضا ، طاعة لله ولرسوله ، واتباعا للعدل الذي أمر به ، واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما .

ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل ، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به ، والله سبحانه وتعالى أعلم” انتهى من ” الفتاوى الكبرى ” (4/184) .

وأما الشقة التي لم يدفع فيها مال التملك للدولة ، وبقيت حكرا : فهي داخلة في التركة أيضا ، هي وجميع ما يشبهها ، مما احتكره جدك ، ولم يدفع فيه مال التملك للدولة .

لأن هذه الأرض ، وإن لم تكن ملكية الجد عليها تامة : فإن وضع اليد ، واستحقاق الانتفاع بها ، والسبق إليها : كل هذه حقوق مالية متقومة ، يعني : لها قيمة معتبرة ، وهي موروثة عن الجد ، فلا حق لبعض الورثة أن يستأثر بها دون الباقين . ولا يحق لأحد الأبناء أن يسبق فيدفع ثمنها للدولة ، ويستأثر بملكيتها ، بل هذا عدوان وظلم على حقوق إخوانه .

وعلى هذا ، فكما يلزم الأبناء أن يردوا الشقق الأربعة إلى التركة ، يلزم البنات أيضا أن يردوا هذه الشقة الخامسة إلى التركة ، ثم يعاد تقسيم جميع ما ترك الجد من أموال مملوكة ، أو حقوق مالية معتبرة ، على القسمة الشرعية بين الجميع : للذكر مثل حظ الأنثيين .

وكما أن الجميع ينتفع بالتركة وفق القسمة الشرعية ، فإن المال المستحق للدولة ، عن الشقة المتبقية ، يشترك الجميع في دفعه أيضا ، على حسب نصيب الميراث ، فيدفع الذكر فيه ضعف ما تدفع الأنثى .

فإن رضيت البنات بإبقاء الشقق الأربعة في أيدي الذكور ، واكتفوا بالشقة التي في يدهم ، فالحق لهن ، إذا طابت أنفسهن بذلك ، وكن بالغات ، راشدات .

لكن لا يحل إجبارهن على ذلك ، ولا يحل منعهن من القسمة الشرعية العادلة بين الجميع .

وأما ما أردته في سؤالك ، من بقاء الشقق في أيدي الذكور ، ثم مشاركتهم للبنات في الشقة الخامسة : فلظم مبين ، لا يحل عمله ، ولا السعي فيه .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android