أنا شاب عمري 24 سنة فاتتني فترة الدراسة الجامعية لظروف ما، وأود أدرس لإدراك فرصة عمري الثمين، وفي الوقت الحاضر أصبح الشهادات الجامعية من أهم متطلبات سوق العمل الديني، فبدونه لا يمكنني أن أعمل في مجال الديني كإمامة المسجد أو خطابة أو مجال الدعوي، ولا أملك أي مقومات للعمل الدنيوي أو الإداري، أيضا وذلك من أجل طلب الرزق و تفقه في الدين، ولكن ما يمنعني هو حاجة أبي على من ينوب عنه لإمامة مسجده حيث إنه يعمل أماماً بعمل خاص، ويسترزق من هذا العمل، وبلغ من العمر فوق 55 سنة و حاجة الوالدتي للمعيل في البيت، وكل أبنائه مشغولون إما بالعمل وإما بالدراسة في الخارج ولا يستطيع أحد غيري الإنابة عن الوالدي للإمامة إلا في أوقات الإجازة الدراسية أو العملية القليلة، وأبي متعب صحياً في حنجرته و يصعب عليه، ويتحرج مني أن يقول لا تدرس وقم صل بدلا عني وإني اسمع مشكواه مثل صوتي ضعيف وحنجرتي متعبة، وأنا اعلم عذره وحالته الصحية، وإن هذه الفرصة الذهبية من عمري للدراسة وإن فاتت فقد فات فترة الدارسة، و الدراسة سيكون بالتحديد بعد العصر إلى بعد العشاء وأما في الصباح فإني أعمل في الدوام وهذا العمل لا يعيني على إكمال الحياة الزوجية الكاملة، فهل أميل إلى رغبة والدي لإنابة عنه في الأمامة، وأبقى بدون شهادة جامعية وأتحمل شدة العيش أم أدرس في الجامعة، وإذا حاولت أقناعه ووافق على ذلك، سيكون حزيناً، وكثرا من الناس وإخواني يوجهوني و يلحون علي للدراسة بدلا من العمل ويقولون سوف تندم، ومن أسبابي لإكمال دراسة هو إن العمل الدنيوي يشغل قلبي كثيرا عن التفكر في الآخرة وعن الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أيهما يقدم الدراسة الجامعية أم إعانة الوالد في عمله
السؤال: 264558
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
التعليم الجامعي أصبح ضرورة لنيل الشهادة التي تتيح العمل في الوظائف الدينية وغيرها، ولهذا فإنه يجب على الأب إعانة ولده على ذلك، وتلزمه نفقة الدراسة إن لم يكن للولد مال .
فقد نص الفقهاء على وجوب تعليم الابن حرفة يتكسب منها، وهذه الشهادة تقوم مقام ذلك، أو هي وسيلة لذلك ؛ بل هي أولى من ذلك بالوجوب ؛ فإن فائدتها الآن : ليست قاصرة على تحصيل فرص العمل فقط ، كما لا يخفى .
قال الرملي الشافعي رحمه الله : ” يسلمه ، وجوبا ، لتعليم حرفة، على ما يليق بحال الولد. وظاهر كلام الماوردي أنه ليس لأب شريف، تعليمُ ولده صنعةً تُزْرِيه ؛ لأن عليه رعاية حظه ، ولا يكله إلى أمه، لعجز النساء عن مثل ذلك ، وأجرة ذلك في مال الولد إن وجد ، وإلا فعلى من عليه نفقته ” انتهى من ” نهاية المحتاج ” (7/233) .
وما ذكرت من حاجة والدك لمن ينوب عنه في الإمامة، لا نرى أن يقعدك عن إكمال تعليمك، فإن الوالد يمكنه الصلاة، وقراءة ما تيسر دون أن يجهد نفسه، وأما تفويتك للدراسة ، فإنه يترتب عليه مفسدة ظاهرة ، وضرر عليك يصعب تداركه فيما بعد . وقد سبق أن بينا في أجوبة عديدة أن من شروط وجوب طاعة الوالدين : ألّا يكون في الطاعة ضرر على الولد ؛ لأن الضرر تسقط به الفرائض والواجبات .
وينظر جواب السؤال رقم (214117) .
وفي الإيام التي تكون فيها فارغا من الدراسة ، أو في وقت سعتك : ينبغي عليك أن تحرص على أن تنوب مكان والدك ، وتعينه على أمر عمله ، وإمامته ؛ ففي هذا خير عظيم ، إن شاء الله .
ولو أن الوالد منع ولده من الدراسة، أو السفر المأمون لها، لم يلزمه طاعته، إلا أن يكون الوالد بحاجة ماسة إلى خدمة ولده ولم يوجد غيره لذلك.
قال ابن حجر الهيتمي: “إذا ثبت رشد الولد، الذي هو صلاح الدين والمال معا: لم يكن للأب منعه من السعي فيما ينفعه، دينا أو دنيا” انتهى من الفتاوى الفقهية الكبرى (2/ 129).
وقال السرخسي رحمه الله في “شرح السير الكبير” (1/197) :
” وكل سفر أراد الرجل أن يسافر، غير الجهاد، لتجارة أو حج أو عمرة، فكره ذلك أبواه ، وهو لا يخاف عليهما الضيعة: فلا بأس بأن يخرج ; لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة ، ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة ، فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهرا .
إلا أن يكون سفرا مخوفا عليه منه ، نحو ركوب البحر ، فحينئذ، حكم هذا، وحكم الخروج إلى الجهاد: سواء ; لأن خطر الهلاك فيه: أظهر .
والسفر على قصد التعلم، إذا كان الطريق آمنا، والأمن في الموضع الذي قصده ظاهرا: لا يكون دون السفر للتجارة ، بل هذا فوقه، لقوله تعالى : (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)؛ فلا بأس بأن يخرج إليه، وإن كره الوالدان ، إذا كان لا يخاف الضيعة عليهما ” انتهى .
فاستعن بالله تعالى، وابدأ الدراسة، وأحسن إلى والدك، وأرضه، وأعنه قدر استطاعتك، وانو الخير في هذه الدراسة، من تعلم العلم، والتفرغ له، وتحصيل الوسيلة التي تتمكن بها من العمل والدعوة إلى الله، وبر الوالدين والإنفاق عليهما مستقبلا.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة