ما الحكمة من ذكر المتضادات في القرآن ، مثلا في سورة الواقعة في قوله تعالى:( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) ، وفي سورة الحشر (خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا) ؟
أسلوب الطباق في القرآن الكريم
السؤال: 265272
ملخص الجواب
ملخص الجواب : العنصر الجماليُّ في الطباق هو ما فيه من التلاؤم بينه وبين تداعي الأفكار في الأذهان، باعتبار أنّ المتقابلات أقرب تخاطراً إلى الأذهان من المتشابهات والمتخالفات .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولًا:
فإن قوله تعالى: ( خافضة رافعة ) في وصف يوم القيامة، مما يسميه العلماء “الطِّباق”، وقد تكلم العلماء عنها في مصنفات علوم القرآن، انظر، البرهان في علوم القرآن: (3/ 455)، الإتقان: (3/ 325).
وهو أن يجمع بين متضادين مع مراعاة التقابل، وهو نوع من المحسنات، التي تزين الكلام وتجمله .
يقول الطاهر ابن عاشور: ” وفي قوله: (خافضة رافعة) : مُحَسِّن الطباق ، مع الإغراب بثبوت الضدين لشيء واحد “، التحرير والتنوير: (27/ 382).
والعنصر الجماليُّ في الطباق : هو ما فيه من التلاؤم بينه وبين تداعي الأفكار في الأذهان، باعتبار أنّ المتقابلات أقرب تخاطراً إلى الأذهان من المتشابهات والمتخالفات، انظر: البلاغة العربية: (2/ 374).
ففي الآية الكريمة أن القيامة تخفض وترفع في زمنٍ واحد، ويقع منها الفعلان معًا .
قال الزمخشري:
” خافِضَةٌ رافِعَةٌ على: هي خافضة رافعة، ترفع أقواما وتضع آخرين:
إما وصفا لها بالشدّة، لأنّ الواقعات العظام كذلك ؛ يرتفع فيها ناس إلى مراتب ويتضع ناس .
وإما لأنّ الأشقياء يُحطُّون إلى الدركات، والسعداء يرفعون إلى الدرجات .
وإما أنها تزلزل الأشياء ، وتزيلها عن مقارّها، فتخفض بعضا وترفع بعضا ؛ حيث تسقط السماء كِسَفا ، وتنتثر الكواكب وتنكدر ، وتسير الجبال ، فتمرّ في الجوّ مرّ السحاب ” . انتهى، من “الكشاف” (4/456) .
ثانيًا:
أما قوله تعالى:
(لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) [سورة الحشر/21].
فإنه: ” لما حذر المسلمين من الوقوع في مهواة نسيان الله التي وقع فيها الفاسقون، وتوعد الدين نسوا الله بالنار، وبين حالهم بأن الشيطان سول لهم الكفر. وكان القرآن دالا على مسالك الخير ومحذرا من مسالك الشر، وما وقع الفاسقون في الهلكة إلا من جراء إهمالهم التدبر فيه، وذلك من نسيانهم الله تعالى =
انتقل الكلام إلى التنويه بالقرآن ، وهَديِه البين الذي لا يصرف الناس عنه إلا أهواؤهم ومكابرتهم، وكان إعراضهم عنه أصل استمرار ضلالهم وشركهم .
ضرب لهم هذا المثل تعجيبا من تصلبهم في الضلال “، التحرير والتنوير: (28/ 116).
والمعنى: لو كان الجبل في موضع هؤلاء الذين نسوا الله ، وأعرضوا عن فهم القرآن ، ولم يتعظوا بمواعظه : لاتعظ الجبل ، وتصدع صخره وتربه ، من شدة تأثره بخشية الله.
والخشوع: التطأطؤ والركوع، أي لرأيته ينزل أعلاه إلى الأرض، والتصدع: التشقق، أي لتزلزل وتشقق من خوفه الله تعالى.
وليس في هذا الموضع طباق كما في الموضع السابق .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب