0 / 0

حول سبيل الازدياد من الحور العين في الجنة ، وسبل ذلك ، وهل كظم الغيظ من هذه السبل؟

السؤال: 265455

كيف بالإمكان الفوز بأقصى عدد من الزوجات (الحور العين) في الجنة وبقدر المستطاع ؟ وهل كظم الغيظ يزيد عدد الزوجات( الحور العين) في كل مرة يكظم أحد غيظه ؟ هل هناك أعمال أخرى التي تزيد الزوجات (الحور العين) في الجنة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

اعلم أخي الكريم أن الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وكما قال الله تعالى :” يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ” الزخرف/71 .

فالجنة : لا هم فيها ، ولا حزن . ولا نصب فيها ولا صب . والعطاء فيها : حتى الرضى .

روى مسلم (189) في صحيحه ، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ ، مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً ، قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ ، كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ ، وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ ، فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ ، فَيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ ، وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ ، فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ ، قَالَ: رَبِّ ، فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي ، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا ، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ “، قَالَ: وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ” فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة: 17] الْآيَةَ “.

لذا على العبد المسلم أن يهتم بالعمل الصالح ، وليعلم أن الله سيرضيه في جنات النعيم .

ثانيا :

وأما ما سأل عنه الأخ الكريم ، حول الحور العين في الجنة : فلا شك أن ذلك من النعيم الذي أعده الله للمؤمنين في جنات النعيم ، حيث قال سبحانه :” إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) الدخان/51-54 .

ووصفهن فقال :” وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23). الواقعة/22-23 .

وأما أعدادهن للعبد المؤمن في الجنة: فقد جاء في بعض الأحاديث: أن المؤمن في الجنة زوجتين. وهذا الحديث أخرجه البخاري (3246) ، ومسلم (2834) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً ، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الحُسْنِ ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ، لاَ يَسْقَمُونَ ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ، وَلاَ يَبْصُقُونَ ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ ، وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمْ الأَلُوَّةُ ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ “.

وقد قيل : إن المقصود بالزوجتان هنا : أي من أهل الدنيا ، وهذا ما رجحه ابن حجر في “الفتح” (6/325) :” قَوْلُهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ أَيْ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا”. انتهى .

أما من الحور العين فعددهن على التحديد لا يعلمه إلا الله ، فقد جاء في البخاري (4879) ، ومسلم (2838) عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ فِي الجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا ، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُونَ ، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ.

قال ابن القيم في “حادي الأرواح” (ص232) :” ولا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنتين لما في الصحيحين من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر عن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أن للعبد المؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ مجوفة طولها ستون ميلا، للعبد المؤمن فيها أهلون فيطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضا “.انتهى .

وقال العراقي في “طرح التثريب” (8/270) :” قَدْ تَبَيَّنَّ بِبَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الزَّوْجَتَيْنِ : أَقَلُّ مَا يَكُونُ لِسَاكِنِ الْجَنَّةِ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا . وَأَنَّ أَقَلَّ مَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْحَوَرِ الْعِينِ سَبْعُونَ زَوْجَةً. وَأَمَّا أَكْثَرُ ذَلِكَ فَلَا حَصْرَ لَهُ . ..” انتهى .

وينظر جواب السؤال رقم (173281) ورقم (257509).

ثالثا :

وأما ما ورد في السؤال عن كظم الغيظ ، وهل يزيد في عدد الحور العين؟

فالجواب : نعم ، قد ورد عند الإمام أحمد في المسند (15637) ، والترمذي في سننه (2021) ، وأبي داود في سننه (4777) ، وابن ماجه في سننه (4186) من حديث  مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ:” مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الخَلاَئِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الحُورِ شَاءَ “.

والحديث : حسنه الألباني في “صحيح أبي داود” ، والأرناؤوط في تعليقه على “سنن ابن ماجه”.

وأما قول السائل : هل هناك أعمال تزيد من عدد الحور العين ؟

فالجواب : أنه قد ثبت في السنة الجزاء على بعض الأعمال بأعداد معينة من الحور العين .

ومن ذلك : الشهادة في سبيل الله ، حيث روى الترمذي في سننه (1633) عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ ، اليَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ “. وحسن إسناده ابن حجر في “الفتح” (6/16) ، وصححه الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (3213).

وبعد ؛ فالذي ينبغي للعبد : أن يحرص على الاجتهاد والعمل والصبر ، وأن يكون القصد والهم مرضاة رب العالمين ، وليعلم أن أعظم النعيم هو رؤية وجه الله الكريم ، فنظرة لوجهه سبحانه تنسي نعيم الجنة ، رزقنا الله وإياكم رؤية وجهه الكريم في جنان الخلد على سرر متقابلين ، آمين .

والله أعلم . 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android