في الحديث الذي رواه مسلم عن علامات يوم القيامة الكبرى أنه عليه الصلاة والسلام قال : ” إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات ….. وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ” ورواه أبو داود : ” وآخر ذلك نار تخرج من اليمن من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر ” .
ما أعرفه أن أرض المحشر أرض بيضاء جديدة .. وهي الموصوفة بالساهرة ” فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ” .. فهذه النار الحاشرة (في الحديث) هل يكون معناها أنها نار تكون على شرار الخلق الباقين قبل يوم القيامة .. تجعلهم يذهبون إلى مكان حشر (أي مكان موتهم) أم أنها تجعلهم يذهبون إلى أرض الحشر يوم القيامة ؟ .. وكيف يكون ذلك والله يقول عن يوم القيامة ” يوم تبدل الأرض غير الأرض ” .. ثم هذه النار تكون على هؤلاء الناس وهم لم يموتوا بعد .. فكيف يذهبوا إلى أرض الحشر ولم يموتوا بعد .. فهم سيموتوا ثم يمكثوا أربعين فترة ( ما بين النفختين ) فكيف توصف الأرض الذاهبين إليها بأنها (أرض الحشر) ولم يموتوا بعد وايضا الأرض ستبدل ..وجزاكم الله خيراً
في تفسير النار الحاشرة التي تحشر الناس إلى أرض المحشر ، وبيان صفتها ووقتها .
السؤال: 266178
ملخص الجواب
ملخص الجواب : أن المقصود بالنار الحاشرة التي وردت في السؤال أنها تكون قبل يوم القيامة ، حيث تسوق الناس إلى أرض الشام ، ثم عليها تقبض أرواحهم ، وليس المقصود بها نار تسوق الناس للحشر يوم القيامة كما ظن السائل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحديث الذي ذكره السائل : حديث صحيح ، أخرجه الإمام مسلم في “صحيحه” (2901) عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: مَا تَذَاكَرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ . قَالَ: ” إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ – فَذَكَرَ – الدُّخَانَ ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ “.
وقد أشكل على السائل : ما المرادُ بالنار الحاشرة المذكورة في الحديث ؟ وهل تكون بعد البعث ، أم قبله ؟ وهل تكون على شرار الخلق أم ماذا ؟
وجواب ذلك : أن الحشر لغة هو : الجمع والسوق . والحشر في خطاب الشرع أربعة .
قال القرطبي رحمه الله ، في “التذكرة” (ص225) : ” باب الحشر ومعناه الجمع ، وهو على أربعة أوجه : حشران في الدنيا و حشران في الآخرة “. انتهى .
وإليك بيان أنواعه :
الأول : ما حدث لليهود الذين أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة ، فذهبوا إلى الشام ، وفيهم يقول الله تعالى :” هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ..” الحشر/2
الثاني : يكون قبل نفخة الصعق وقيام الساعة ، أي قبل فناء الدنيا ، وهي المذكورة في الحديث الذي أورده السائل ورواه الإمام مسلم ، وهذا الحشر يكون بخروج نار عظيمة من اليمن ، تسوق الناس إلى محشرهم ، في أرض الشام ، ويكونون على ثلاثة طرائق كما سيأتي بيانه .
وقد ورد في وصف هذه النار ، وعلى من تخرج ، وإلى أي موضع تخرج ، وإلى أي موضع تسوق الناس عدة أحاديث ، تبين ذلك تفصيلا :
أما من أي مكان تخرج ؟ فقد ورد فيه حديثان : الأول : ما ذكره السائل وهو حديث حذيفة بن أسيد ، وفيه أن النار تخرج من اليمن .
وجاء حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أول أشراط الساعة فقال :” «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ ..” . أخرجه البخاري (3938) .
قال الحافظ ابن حجر في “الفتح” (11/378) :” وَقَدْ أَشْكَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ ؟
وَظَهَرَ لِي فِي وَجْهِ الْجَمْعِ : أَنَّ كَوْنَهَا تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ ، لَا يُنَافِي حَشْرَهَا النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمُغْرِبِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ ابْتِدَاءَ خُرُوجِهَا مِنْ قَعْرِ عَدَنَ ، فَإِذَا خَرَجَتِ : انْتَشَرَتْ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا .
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ : إِرَادَةُ تَعْمِيمِ الْحَشْرِ ؛ لَا خُصُوصِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ .
أَوْ : أَنَّهَا ، بَعْدَ الِانْتِشَارِ : أَوَّلَ مَا تَحْشُرُ أَهْلَ الْمَشْرِقِ . وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْفِتَنِ دَائِمًا مِنَ الْمَشْرِقِ، كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ .
وَأَمَّا جَعْلُ الْغَايَةِ إِلَى الْمَغْرِبِ : فَلِأَنَّ الشَّامَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِقِ : مَغْرِبٌ “. انتهى
وأما عن هذه النار ، وهل تكون قبل قيام الساعة أم بعدها ؟
فجواب ذلك : أنه قد وقع خلاف بين أهل العلم في هذا الحشر هل هو قبل انتهاء الدنيا وقيام الساعة ، أم هو الحشر يوم القيامة بعد بعث الأرواح ؟
والذي عليه الجماهير من أهل العلم : أن هذا الحشر يكون قبل انتهاء الدنيا وقيام الساعة .
وهذا القول هو الذي رجحه البغوي في “شرح السنة” (15/125) ، والقاضي عياض في “إكمال المعلم” (8/391) ، والخطابي في “أعلام الحديث” (3/2269) ، والقرطبي في “التذكرة” (ص225) ، وابن رجب في “لطائف المعارف” (ص89) ، وابن كثير في “النهاية في الفتن والملاحم” (1/278).
وخالفهم في ذلك الحليمي كما في “شعب الإيمان” للبيهقي (1/546) ، وأبو حامد الغزالي كما في “الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة” (ص42) .
قال السفاريني في “لوامع الأنوار البهية” (2/155) :” اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَشْرِ النَّاسِ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ، هَلْ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ قَبْلَهُ؟
فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ وَصَوَّبَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ : إِنَّ هَذَا الْحَشْرَ يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
وَأَمَّا الْحَشْرُ مِنَ الْقُبُورِ فَهُوَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرْفُوعًا ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا : إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ” .
وَقَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ “. انتهى
والقول الراجح ، الذي تؤيده الأدلة ، هو قول الجمهور ، وذلك لما يلي :
أولا : أنه جاء في حديث حذيفة بن أسيد :” لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ ” ، فدل ذلك على أن هذا الحشر يكون قبل قيام الساعة .
قال القاضي عياض في “إكمال المعلم” (8/391) :” وقوله: ” يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين ، واثنان على بعير ، وثلاثة على بعير ، وأربعة على بعير ، وعشرة على بعير . وتحشر بقيتهم النار ، تبيت معهم حيث باتوا ” الحديث: هذا الحشر هو في الدنيا قبيل قيام الساعة، وهو آخر أشراطها كما ذكره مسلم بعد هذا في آيات الساعة ، قال فيه: ( وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس ) ، وفى رواية: ( تطرد الناس إلى محشرهم ) ، وفى حديث آخر: ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز ) ، ويدل أنها قبل القيامة “. انتهى
ثانيا : أنه قد جاء في صفة هذا الحشر حديث أخرجه البخاري (6522) ، ومسلم (2861) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاَثِ طَرَائِقَ: رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ ، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ ، وَثَلاَثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ ، وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا ، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا ، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا ، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا ” .
وفي الحديث بيان أن النار : تبيت وتقيل وتصبح وتمسي معهم ، وهذا لا يكون إلا في الدنيا . قال ابن الملقن في “التوضيح لشرح الجامع الصحيح” (30/37) :” ما ذكره عياض من أن ذَلِكَ في الدنيا : أظهر ، لما في نفس الحديث من ذكر المساء ، والمبيت ، والقائلة ، والصباح ، وليس ذَلِكَ في الآخرة “. انتهى
ثالثا : أنه قد ثبت في صفة الحشر يوم القيامة : أن الناس يحشرون حفاة عراة غرلا ، كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا “. أخرجه البخاري (3349) ، ومسلم (2860) .
وهذه الصفة خلاف تلك الصفة التي وردت في حشر الناس لأرض الشام قبل البعث . قال الخطابي في “أعلام الحديث” (3/2269) في شرح حديث أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” يحشر الناس على ثلاث طرائق: راغبين راهبين …” . قلت: الحشر المذكور في هذا الحديث : إنما يكون قبل قيام الساعة ، يحشر الناس أحياء إلى الشام. فأما الحشر الذي يكون بعد البعث من القبور، فإنه على خلاف هذه الصورة من ركوب الإبل والمعاقبة عليها ، إنما هو على ما ورد في الخبر أنهم يبعثون يوم القيامة حفاة عراة بهما غرلا . وقد قيل: إن هذا البعث دون الحشر ، فليس بين الحديثين تدافع ، ولا تضاد “. انتهى .
وقال البغوي في “شرح السنة” (15/125) :” قَوْله: يحْشر النَّاس عَلَى ثَلاث طرائق ، هَذَا الْحَشْر قَبْلَ قيام السَّاعَة ، إِنَّمَا يَكُون إِلَى الشَّام أَحيَاء ، فَأَما الْحَشْر بَعْد الْبَعْث من الْقُبُور عَلَى خلاف هَذِهِ الصّفة من ركُوب الْإِبِل والمعاقبة عَلَيْهَا ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا أخبر أَنهم يبعثون حُفَاة عُرَاة “. انتهى
رابعا : أنه قد جاء في حديث ابن عمر في وصف هذه النار الحاشرة، أن رسول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:” سَتَخْرُجُ نَارٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ أَوْ مِنْ نَحْوِ بَحْرِ حَضْرَمَوْتَ ، قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ ، تَحْشُرُ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ “. أخرجه الترمذي (2217) ، وصححه الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (2768) .
فصرح الحديث بأن ذلك الحشر يكون قبل يوم القيامة . ثم إنه أوصى الناس بـ”الشام” ؛ وهذا لا يكون إلا قبل يوم القيامة . قال ابن الملك في “شرح المصابيح” (6/524) :” “قال: عليكم بالشام”، وهذا يدل على أن ذلك يكون قبل قيام الساعة “. انتهى
خامسا : أنه قد جاء في القرآن العظيم في صفة أرض المحشر : أنها غير الأرض التي نعيش عليها حيث قال الله تعالى :” يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ “. إبراهيم/48 .
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ ، كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ ، لَيْسَ فِيهَا عَلَمٌ لِأَحَدٍ . أخرجه البخاري (6521) ، ومسلم (2790) .
وهذا التبديل على قولين لأهل العلم : إما هو تبديل كلي ؛ أي أرض غير الأرض تماما ، فهو تبديل عين بعين . أو تبديل صفة .
قال القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن” (9/382) :” واختلف في كيفية تبديل الْأَرْضِ ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: إِنَّ تَبَدُّلَ الْأَرْضِ : عِبَارَةٌ عَنْ تَغَيُّرِ صِفَاتِهَا ، وَتَسْوِيَةِ آكَامِهَا ، وَنَسْفِ جِبَالِهَا ، وَمَدِّ أَرْضِهَا .. وَقِيلَ: اخْتِلَافُ أَحْوَالِهَا …
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْبَابَ مُبَيَّنًا فِي كِتَابِ” التَّذْكِرَةِ” ، وَذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ إِزَالَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ ، حَسَبَ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَهُ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الأرض والسموات؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ “. انتهى .
وأيا ما كان من أمر التبديل ؛ فحشرُ النار الناسَ إلى الشام : دليل على أنه قبل القيامة ، حيث إن أرض المحشر يوم القيامة : ليس فيها معلم لأحد .
قال ابن كثير في “النهاية في الفتن والملاحم” (1/278) :” فَهَذِهِ السِّيَاقَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَشْرَ هُوَ حَشْرُ الْمَوْجُودِينَ فِي آخِرِ الدنيِا ، مِنْ أقطار محلة الحشر ، وَهِيَ أَرْضُ الشَّامِ ، وَأَنَّهُمْ يَكُونُونَ عَلَى أَصْنَافٍ ثلاثة ، فقسم يحشرون طَاعِمِينَ كَاسِينَ رَاكِبِينَ ، وَقِسْمٍ يَمْشُونَ تَارَةً وَيَرْكَبُونَ أُخْرَى ، وَهُمْ يَعْتَقِبُوَنَ عَلَى الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ ، وَثَلَاثَةٌ على بعير ، وعشرة على بعير ، يعني يعتقبونه من قلة الظهر ، كما تقدم ، كما جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ، وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ ، وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ ، فَتُحِيطُ بِالنَّاسِ مِنْ وَرَائِهِمْ ، تَسُوقُهُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ ، وَمَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ أكلته النار .
وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا في آخر الدنيا ، حيث الأكل والشرب ، والركوب على الظهر المستوي وغيره ، وحيث يهلك المتخلفون منهم بالنار .
وَلَوْ كَانَ هَذَا بَعْدَ نَفْخَةِ الْبَعْثِ ، لَمْ يبق موت ولا ظهر يسري ، وَلَا أَكْلٌ وَلَا شُرْبٌ ، وَلَا لُبْسٌ فِي الْعَرَصَاتِ “. انتهى
الحشر الثالث : وهو حشر الخلائق يوم القيامة .
قال تعالى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) البقرة/203 .
وقال تعالى : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) آل عمران/158
وقال تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) البقرة/281
وروى البخاري في صحيحه (3349) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء: 104]، وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ “: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي [المائدة: 117]- إِلَى قَوْلِهِ – العَزِيزُ الحَكِيمُ [البقرة: 129] .
وينظر : “القيامة الكبرى” للشيخ عمر سليمان الأشقر، رحمه الله (56) وما بعدها .
وينظر أيضا : جواب السؤال رقم (21679).
الحشر الرابع : حشر المتقين إلى الجنة . قال الله تعالى : ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86). مريم/85- 86 .
ومما سبق يتبين أن المقصود بالنار الحاشرة التي وردت في السؤال أنها تكون قبل يوم القيامة ، حيث تسوق الناس إلى أرض الشام ، ثم عليها تقبض أرواحهم ، وليس المقصود بها نار تسوق الناس للحشر يوم القيامة كما ظن السائل ، والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة