تنزيل
0 / 0
2533215/08/2018

طلب العلم في رمضان

السؤال: 266439

أيهم أفضل في رمضان التفرغ للعبادة أم طلب العلم ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

شهر رمضان شهر عظيم مبارك ، جعله الله موسمًا للخيرات ، وزادًا للتقوى والبركات ، وفيه أنزل الله تعالى القرآن ، فقال سبحانه :   شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه البقرة / 185.

وهو شهر مغنم وأرباح ، والتاجر الحاذق يغتنم المواسم ليزيد من أرباحه ، واغتنام هذا الشهر يكون بالعبادة ، وكثرة الصلاة ، وقراءة القرآن ، والعفو عن الناس ، والإحسان إلى الغير ، والتصدق على الفقراء ، وغير ذلك من أعمال البر .

وقد كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يخص رمضان من العبادة بما لا يخص به غيره من الشُّهور ، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ؛ فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة " رواه البخاري (6) ومسلم (2308) .

قال ابن رجب : " قال الشافعي رضي الله عنه: " أُحبُّ للرجلِ الزيادةَ بالجودِ في شهر رمضان ؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولحاجةِ الناس فيهِ إلى مصالحهم ، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّومِ والصلاةِ عن مكاسبهم . فالجود في رمضان من أهل الجود والكرم مطلوب " انتهى من "لطائف المعارف" (ص: 169).

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ" . رواه البخاري (2024) ، ومسلم (1174) .

وقد كان السلف إذا دخل رمضان يتركون كل شيء، ويقبلون على العبادة، وخاصة قراءة القرآن.

بل جاء عن بعضهم أنهم كانوا يتركون مجالس العلم للتفرغ للعبادة وقراءة القرآن .

قال ابن رجب في "لطائف المعارف" (ص: 171) :

" كان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام.

قال ابن عبد الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف .

قال عبد الرزاق : كان سفيان الثوري : إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن " انتهى .

ومما يدل على تفرغ السلف للعبادة وقراءة القرآن خاصة في رمضان ؛ ما جاء عنهم من الإكثار من ختم القرآن في رمضان .

فعن عبد الرحمن بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " أنه كان يختم القرآن في رمضان في ثلاث ، وفي غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة ". أخرجه سعيد بن منصور في "التفسير" (2/452)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/555).

وعن إبراهيم النخعي قال : " كان الأسود يختم القرآن في شهر رمضان في كل ليلتين ، وينام فيما بين المغرب والعشاء ، وكان يختم فيما سوى ذلك في ستة ". أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1/565)، وسعيد بن منصور في "التفسير" (2/449)، وإسناده صحيح .

وقال أبو يوسف رحمه الله: " كان أبو حنيفة يختم القرآن كل يوم وليلة ختمة ، فإذا كان شهر رمضان ختم فيه مع ليلة الفطر، ويوم الفطر اثنتين وستين ختمة " انتهى من "أخبار أبي حنيفة وأصحابه" (ص:55).

وقال الربيع بْن سُلَيْمَان رحمه الله : " كان الشافعي يختم في كل ليلة ختمة ، فإذا كان شهر رمضان ختم في كل ليلة منه ختمة ، وفي كل يوم ختمة ، فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة " انتهى من "تاريخ بغداد وذيوله" (2/ 61).

وكان محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله إذا كان أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ، فيقرأ في كل ركعة عشرين آية ، وكذلك إلى أن يختم القرآن ، وكذلك يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن ، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال ، وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة . انتهى من "شعب الإيمان" (3/ 524).

والحاصل من ذلك كله :

أن الأفضل في شهر رمضان أن ينشغل المرء بالعبادة ، وخاصة قراءة القرآن ، ولا يمنع هذا من حضور بعض مجالس العلم ، وقراءة بعض الكتب ، على وجه التنشيط للنفس ، وإجمامها ببعض النافع ؛ إذا تيسر ذلك ، ولم يشغله عن وظائف رمضان . لكن مع مراعاة ما سبق ، من أن يكون شغله بالعبادة ، والاستكثار من نوافل الطاعات ، وقراءة القرآن ، وأعمال البر والجود ، والصدقة ، ونفع الناس ، ويكون ذلك دأبه الشهر كله .

ومما يحفز أيضا : على التفرغ للعبادة في رمضان أن الحسنة تضاعف في رمضان كمًا وكيفا .

قال ابن باز رحمه الله : " لما كان رمضان بتلك المنزلة العظيمة كان للطاعة فيه فضل عظيم ومضاعفة كثيرة ، وكان إثم المعاصي فيه أشد وأكبر من إثمها في غيره ، فالمسلم عليه أن يغتنم هذا الشهر المبارك بالطاعات والأعمال الصالحات والإقلاع عن السيئات ، عسى الله عز وجل أن يمن عليه بالقبول ويوفقه للاستقامة على الحق ، ولكن السيئة دائما بمثلها لا تضاعف في العدد لا في رمضان ولا في غيره ، أما الحسنة فإنها تضاعف بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (15/447).

وينظر جواب السؤال رقم : (38213).

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android