0 / 0

هل المال الحلال يضيع ويسرق ؟

السؤال: 266525

سرق جزء من متاعي وتكررت السرقات وضياع بعض الحاجيات كالهاتف الخليوي وغيرها ولم تعد مع سهولة إعادتها لي ، فهل ذلك فيه دلالة على وجود مال حرام في أموالي أو أني أقوم بأمور في العمل تجعل جزءا من مالي أكسبه حراما ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا سُرق مال الرجل أو تكرر ضياعه منه ، فليس ذلك دليلا على حرمة ماله جميعه أو بعضه .

وإذا جرى مثل هذا للمسلم ، فهذا من جملة المصائب التي يصاب بها الإنسان ، فعليه أن يراجع نفسه ، ويتوب إلى الله ويتفقّد علاقته مع ربه في ماله ؛  فلعله أن يكون قد قصّر في زكاة ماله ، أو اعتدى في طريقة اكتسابه .

أو قد يكون مقارفا لذنوب أخرى من غيبة أو نميمة أو تهاون في صلاة ، أو نيل من عرض مسلم أو مسلمة ، أو غير ذلك .

وقد كان هذا دأب السلف الصالح رضوان الله عليهم .

ولا شك أن الطاعات جالبة للبركات ، فزكاة المال والصدقة منه واكتسابه من الحلال ، كل هذا مما ينمي المال ويحفظه ، لكن هذا ليس على إطلاقه ؛ فقد يبتلي الله بعض عباده بالمصائب ، في أنفسهم : بالأمراض ، وفي أموالهم : بالسرقة والضياع وغير ذلك ؛ وقد يكرر ذلك عليهم ، فيرتفع الصابرون وينالوا الأجر العظيم ، ويخسر المتسخطون المعترضون ، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط .

قال تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة : 155-157 .

والصالحون مع حرصهم على طيب مكاسبهم ، والتورع عن مشتبهها ، فقد يبتلون في أموالهم كما يبتلون في غيرها ، فهم أشد الناس بلاء ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) رواه الترمذي (2398) وصححه ، وابن ماجة (4023) وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .

ولعل في صبرك على ضياع هذا المال من المثوبة ما هو أنفع لك وأجدى عليك من بقائه بيدك.

ثالثا :

كثير من الناس يقولون ” المال الحلال ما يضيع ” ، ويقولون ” الحلال ما يسرق ولا يحرق ” .

وهذا الكلام غير صحيح – هكذا بإطلاق – ، وقد رُوي فيه حديث ضعيف جدا .

أخرج البيهقي في “شعب الإيمان” (5/45) بسنده عن الحسن البصري ( يقول الله عز وجل : يا ابن آدم! أودع من كنزك عندي، ولا حرق ولا غرق ولا سرق، أوفيكه أحوج ما تكون إليه ) وقال ” هذا مرسل ” .

قال الشيخ الألباني : “سنده صحيح إلى الحسن ، والحسن – هو: البصري -، ومراسيله من أوهى المراسيل فقد قال بعض الأئمة  :” مراسيل الحسن البصري كالريح ” .

وهذا الحديث لعله أصل ما اشتهر عند العامة في بعض البلدان ، من قولهم :

” المال الحلال لا بانحرق ولا بانسرق ! ” .

وهو على إطلاقه منكر ؛ مخالف لقوله تعالى : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات . . . ) الآية” انتهى من “السلسلة الضعيفة” (5804) ، (7103) .

والحاصل :

أن ضياع هذه الأشياء منك ، وعدم عودها : لا يلزم أن يكون دليلا على شبهة في مالك ، أو مخالطة الحرام له .

لكن العبد الناصح لنفسه : ينبغي عليه أن يحاسبها ، في مطعمها ، ومشربها ، وملبسها ، ومسكنها ، وسائر ماله : من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ من قبل أن يُسأل عن ذلك غدا .

ويتفقد أمره كله ، ويحاسب نفسه ، قبل يوم الحساب .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android