0 / 0

هل صح حديث أن من رضي بيسير الرزق دخل الفردوس ؟

السؤال: 267714

هل يمكنك أن تخبرني من فضلك ما إذا كان هذا الحديث صحيحا : سوف يُجزَى الشخص مقعدًا في جنة الفردوس إذا رضي بأقل الرزق

ملخص الجواب

الحديث الوارد في السؤال : لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . ويغني عنه ما ورد في البشارة بالفلاح والفوز لمن كفاه الله هم العيش ، وقنع بالقليل ، وحد الكفاف منه .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الحديث المذكور في السؤال :

أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير” (2/225) ، ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في “تاريخ أصبهان” (2/288) ، والبيهقي في “شعب الإيمان” (9271) ، من طريق إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ ، قال حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( مَنْ قَضَى نَهْمَتَهُ فِي الدُّنْيَا ، حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَهْوَتِهِ فِي الْآخِرَةِ ، وَمَنْ مَدَّ عَيْنَهُ إِلَى زِينَةِ الْمُتْرَفِينَ ، كَانَ مَهِينًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ ، وَمَنْ صَبَرَ عَلَى الْقُوتِ الشَّدِيدِ صَبْرًا جَمِيلًا ، أَسْكَنَهُ اللَّهُ مِنَ الْفِرْدَوْسِ حَيْثُ شَاءَ ) .

والحديث ضعيف ، لا يثبت ، وفيه أكثر من علة :

فيه ” فضيل بن مرزوق ” ، وثقه ابن معين في رواية الدوري (1298) ، وضعفه في أخرى كما في “المجروحين” (2/209) .

وقال ابن أبي حاتم في “الجرح والتعديل” (7/75) :” سألت أبى عن فضيل بن مرزوق فقال : هو صدوق صالح الحديث يهم كثيرا يكتب حديثه ، قلت: يحتج به؟ قال: لا “انتهى .

وقال ابن حبان في “المجروحين” (2/209):” مُنكر الحَدِيث جدا ، كَانَ مِمَّن يخطئ على الثِّقَات ، ويروي عَن عَطِيَّة الموضوعات ، وَعَن الثِّقَات الْأَشْيَاء المستقيمة ، فَاشْتَبَهَ أمره ، وَالَّذِي عِنْدِي أَن كل مَا روى عَن عَطِيَّة من الْمَنَاكِير يلزق ذَلِك كُله بعطية ، وَيبرأ فُضَيْل مِنْهَا ، وَفِيمَا وَافق الثِّقَات من الرِّوَايَات عَن الْأَثْبَات يكون محتجا بِهِ ، وَفِيمَا انْفَرد على الثِّقَات ، مَا لم يُتَابع عَلَيْهِ : يُتنكب عَنْهَا فِي الِاحْتِجَاج بهَا “انتهى .

وفيه ” إسماعيل بن عمرو البجلي ” ، ضعفه النسائي كما في “الضعفاء والمتروكين” (85) ، وأبو حاتم كما في “الجرح والتعديل” (2/190) ، وابن عدي كما في “الكامل” (1/525) ، وقال الخطيب في “تاريخ بغداد” (1/336) :” صاحب غرائب ومناكير ” انتهى .

والحديث ضعفه الهيثمي في “مجمع الزوائد” (10/248) فقال :” رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ ، وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ “. انتهى ، وكذلك ضعفه الشيخ الألباني في “ضعيف الجامع” (5655) .

وللحديث طريق آخر تالف ، أخرجه قوام السنة في “الترغيب والترهيب” (1455) من طريق محمد بن أيوب الأنماطي ، قال ثنا إبراهيم بن عبد الجبار المصري ، ثنا خالد بن عبد الرحمن أبو الهيثم الخراساني ، ثنا شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب به .

وفيه أكثر من علة أيضا :

فيه خالد بن عبد الرحمن أبو الهيثم الخراساني ، وثقه ابن معين ، وقال أبو زرعة وأبو حاتم : لا بأس به ، وقال العقيلي : في حفظه شيء . انظر “تهذيب الكمال” (8/123) ، ، وقال ابن عدي في “الكامل” (3/36) :” ليس بذاك” ، انتهى ، وقال ابن حبان في “المجروحين” (1/281) :” كَانَ مِمَّن يخطئ حَتَّى خرج عَن حد الْعَدَالَة لكثرته، لَا يُعجبنِي الِاحْتِجَاج بِهِ إِذَا انْفَرد “. انتهى

وهنا قد انفرد عن شعبة بهذا الحديث فلا يقبل منه مع ضعف حفظه .

وفيه إبراهيم بن عبد الجبار المصري ، مجهول لم يترجم له أحد .

وفي معناه أيضا : ما أخرجه ابن شاهين في “الترغيب في فضائل الأعمال” (304) من طريق كادح بن رحمة الزاهدي ، وابن الفاخر في “موجبات الجنة” (222) ، وابن الجوزي في “العلل المتناهية” (1366) ، من طريق عنبسة بن عبد الرحمن ، كلاهما ( كادح ، عنبسة ) عن الْمُعَلَّى بْن عِرْفَانَ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ قَنَعَ بِمَا رُزِقَ دَخَلَ الْجَنَّةَ ).

والحديث موضوع :

فيه المعلى بن عرفان ، متروك الحديث ، قال الذهبي في “ميزان الاعتدال” (4/149) :” قال ابن معين: ليس بشيء ، وقال البخاري: منكر الحديث ، وقال النسائي: متروك الحديث ” انتهى.

وكلا الراويين عنه كذاب: فالأول كادح بن رحمة ، قال الذهبي في “ميزان الاعتدال” (3/399) :” قال الأزدي وغيره :” كذاب ” . انتهى ، وقال أبو نعيم الأصبهاني في “الضعفاء” (200) :” روى عن الثوري ومسعر أحاديث موضوعة “. انتهى ، وقال ابن حبان في “المجروحين” (2/229) :” كَانَ مِمَّن يروي عَن الثِّقَات الْأَشْيَاء المقلوبات حَتَّى يسْبق إِلَى الْقلب أَنه كَانَ الْمُتَعَمد لَهَا ، أَو غفل عَن الإتقان حَتَّى غلب عَلَيْهِ الأوهام الْكَثِيرَة ، فَكثر الْمَنَاكِير فِي رِوَايَته فَاسْتحقَّ بهَا التّرْك “. انتهى

والثاني عنبسة بن عبد الرحمن  ، كذاب أيضا ، قال أبو حاتم كما في “الجرح والتعديل” (6/403) :” متروك الحديث كان يضع الحديث ” انتهى.

وقد قال ابن الجوزي في “العلل المتناهية” (1366) بعد روايته للحديث :” عنبسة والمعلى متروكان ، وكذلك قال النسائي وغيره ، وقال ابن حبان : كلاهما يروي الموضوعات لا يجوز الاحتجاج بهما “انتهى .

وقال الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (1616) :” موضوع ” .

ثانيا :

وأما ما يشير إليه مضمون الحديث ، من أن من قنع بما آتاه الله : فهو من الفائزين المفلحين ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يكفي المسلم ، وينفعه واعظه ، ويغنيه عن تلك الغرائب والواهيات .

فمن ذلك :

ما رواه مسلم (1054) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ ) .

ومن ذلك أيضا : ما أخرجه الترمذي في “سننه” (2349) ، وابن حبان في “صحيحه” (541) من طريق حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الخَوْلاَنِيُّ ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الجَنْبِيَّ ، أَخْبَرَهُ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :( طُوْبَى لِمَنْ هُدِيَ إِلَى الإِسْلامِ ، وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً ، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِهِ ) .

والحديث إسناده صحيح ، صححه الشيخ الألباني في “صحيح الترغيب والترهيب” (830) .

والحاصل :

أن الحديث الوارد في السؤال : لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . ويغني عنه ما ورد في البشارة بالفلاح والفوز لمن كفاه الله هم العيش ، وقنع بالقليل ، وحد الكفاف منه .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android