تنزيل
0 / 0
21,88513/01/2018

حول صحة حديث فيه النهي عن مشاورة المرأة ، والحديث مع النساء

السؤال: 268440

أرغب بالسؤال عن صحة حديثين عن النساء .
الحديث الأول في تفسير آية من سورة المطففين وهي قوله تعالى 🙁 كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) الحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم : ( أربعة خلال مفسدة ، مجاراة الأحمق فإنه يصيرك مثل حاله ، وكثرة الذنوب فالله تعالى قال : (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) ، والخلوة بالنساء ، والإستمتاع منهن والعمل برأيهن ، ومجالسة الموتى ) ليس عندي أي إشكال في فهم الحديث حتى وصلت لقوله والاستمتاع منهن والعمل برأيهن ، وتساءلت عن معنى هذا الكلام لو صح هذا الحديث ، فهو يبدو لي متعارضا مع مدح رسول الله للنساء ، وأخذه برأي بعض أزواجه ، وأيضا متعارضا مع توصيته للرجال بالزواج والاستمتاع بالنساء ، فكيف يكون الاستمتاع منهن والعمل برأيهن مفسدة للقلب ؟ أم أن رسول الله يتكلم عن الخلوة بالنساء الأجنبيات والاستمتاع بهن والأخذ برأيهن يعتبر مفسدة لفساد أخلاقهن ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الحديث المذكور : حديث ضعيف لا يثبت .

أخرجه أبو موسي المديني في “التتمة” ، وساقه بإسناده عنه ابن الأثير في “أسد الغابة” (6/270) من طريق الحسن بن عرفة ، والشجري في “الأمالي” (2490) من طريق مهدي بن حفص ، كلاهما ( الحسن بن عرفة ، مهدي بن حفص ) عن مبارك بن سعيد ، عن خليد الفراء ، عن أبي المجبر ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:( أَرْبَعُ خِلَالٍ مَفْسَدَةُ الْقَلْبِ ، مُجَارَاةُ الْأَحْمَقِ ، فَإِنْ جَارَيْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ ، وَإِنْ سَكَتَّ عَنْهُ سَلِمْتَ مِنْهُ ، وَكَثْرَةُ الذُّنُوبِ مَفْسَدَةٌ لِلْقَلْبِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) المطففين/14 ، وَالْخُلْوَةُ بِالنِّسَاءِ وَالِاسْتِمْتَاعُ مِنْهُنَّ ، وَالْعَمَلُ بِرَأْيِهِنَّ ، وَمُجَالَسَةُ الْمَوْتَى ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنِ الْمَوْتَى؟ قَالَ: كُلُّ غَنِيٍّ قَدْ أَطْغَاهُ غِنَاهُ ) .

وإسناده ضعيف ، فيه علتان :

الأولى : الاختلاف في ثبوت صحبة أبي المُجَبَّر .

قال ابن حجر في “تبصير المنتبه” (4/1253) :” واختلف في أبي المُجَبَّر: هل له صحبة ؛ وهل هو بجيم أبو بحاء مهملة ؟ ، حدّث عنه خُليد الثوري “. انتهى

الثانية : جهالة حال ” خليد الفراء ” . واسمه ” خليد الثوري ” ؛ حيث لم يوثقه أحد ، وإنما ترجم له البخاري في “التاريخ الكبير” (3/198) ، وابن أبي حاتم في “الجرح والتعديل” (3/383) ، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا .

والحديث روي من وجه آخر عن أبي هريرة ، وليس فيه :” والعمل برأيهن ” ، ولكنه طريق مكذوب .

أخرجه الديلمي في “مسند الفردوس” وساقه بسنده السيوطي في “الزيادة على الموضوعات” (2/663) فقال :” أخبرنا والدي أخبرنا أبو الفضل القومساني ، أخبرنا أبو علي بن فضال ، أخبرنا أبو بشر محمد بن أحمد العُتْبِي بطرسوس ، حدثنا علي بن سعيد العسكري ، أخبرنا محمد بن يحيى الأزدي ، حدثنا داود بن المحبَّر ، حدثنا سليمان بن الحكم بن عوانة ، عن محمد بن واسع ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( أربعٌ يُمِتن القلب: الذنب على الذنب ، وكثرة مناقشة النساء وحديثهنّ ، وملاحاة الأحمق تقول له ويقول لك ، ومجالسة الموتى. قيل: يا رسول الله وما مجالسة الموتى؟ قال: كلُّ غنيٍّ مترَف وسلطان جائر ) .

وإسناده موضوع ، فيه متروك وكذاب .

الأول : سليمان بن الحكم بن عوانة ، واه ، قال الذهبي في “المغني في الضعفاء” (2571) :” واه باتفاقهم ” . انتهى

 الثاني : داود بن المحبر ، كذاب ، قال ابن حبان في “المجروحين” (1/291) :” كَانَ يضع الْحَدِيث عَلَى الثِّقَات “. انتهى

ثانيا :

الحديث المذكور ، مع عدم ثبوته ، مخالف أيضا للشريعة في استحباب مشاورة المرأة الفاضلة العاقلة ، وقد ثبت في صحيح البخاري في قصة الحديبية مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة .

أخرج البخاري في “صحيحه” (2731) في حديث صلح الحديبية الطويل وفيه :”( فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الكِتَابِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ:” قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا “، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً ، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا ، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا ).

قال ابن الجوزي في “كشف المشكل” (4/58) :” وَأما مُشَاورَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم سَلمَة وَقبُول قَوْلهَا : فَفِيهِ دَلِيل على جَوَاز الْعَمَل بمشاورة النِّسَاء ، ووهن لما يُقَال: شاوروهن وخالفوهن “. انتهى .

فتبين مما سبق ضعف الحديث سندا ، ومخالفته في ترك مشاورة النساء شرعا .

ثالثا :

وأما استمتاع الرجل بزوجته : فلا يحتاج إلى بيان وشرح ، ولا دليل على صحته ؛ فهو أمر بدهي معلوم من الدين بالضرورة .

وكذلك ، أمر عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه وأهل بيته : معروف مشهور . وقد ندب إلى الإحسان منهن ، وملاطفتهن ، وشرع السمر في الحديث معهن .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع نساءه ، ويحدثهن ، ويسمر معهن في الليل .

ويدل على ذلك أحاديث كثيرة ، من أشهرها حديث أم زرع الطويل ، والذي أخرجه البخاري في “صحيحه” (5189) ، ومسلم في “صحيحه” (2448) من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت :” قَالَتْ:( جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً ، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ، قَالَتِ الأُولَى …” . ثم ساقت أخبارهن جميعا ، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس يستمع حديثها .

وبوب البخاري في “صحيحه” : بَابُ السَّمَرِ مَعَ الضَّيْفِ وَالأَهْلِ !

وأما النساء الأجنبيات فالأصل في الشريعة المنع من الاختلاط والحديث بغير حاجة .

وفي الموقع فتاوى عديدة حول ذلك ، وبيان ضوابط العلاقة بين الجنسين : يمكن مراجعتها والاستفادة منها .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android