ماصحة هذا الحديث ؟
عن مكحول ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ” قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثر من قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنها من كنز الجنة ) ، قال مكحول : فمن قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولا منجى من الله إلا إليه ، كشف الله عنه سبعين بابا من الضر ، أدناها الفقر ” رواه الترمذي .
حول صحة حديث :” أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنز الجنة “
السؤال: 268984
ملخص الجواب
ملخص الجواب : الحديث من طريق مكحول عن أبي هريرة لا يصح . لكن أصله في الصحيحين ، من حديث أبي موسى . وقول مكحول : ثابت عنه ، من قوله فقط . وروى نحوه من طرق مرفوعة ؛ لكن جميعها لا تصح .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الحديث أخرجه الترمذي في “سننه” (3601) من طريق هِشَامِ بْنِ الغَازِ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ:( قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ، فَإِنَّهَا مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ ” . قَالَ مَكْحُولٌ :” فَمَنْ قَالَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ مَنْجَى مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ، كَشَفَ عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الضُّرِّ أَدْنَاهُنَّ الفَقْرُ ).
والحديث ذو شقين :
الأول : الجزء المرفوع من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ضعيف من هذا الطريق ، لأن مكحول لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه .
وقد ضعفه الترمذي بعد روايته له فقال :” هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ ، مَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ” . انتهى
إلا أن للحديث أصلا في الصحيحين ، حيث أخرجه البخاري في “صحيحه” (6384) ، ومسلم في “صحيحه” (2704) ، من حديث أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا ، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) .
ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَقَالَ:
( يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ، قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ ) .
أَوْ قَالَ: ( أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ) .
الثاني : قول مكحول رحمه الله :” فَمَنْ قَالَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ مَنْجَى مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ، كَشَفَ عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الضُّرِّ أَدْنَاهُنَّ الفَقْرُ “.
وهذا القول أخرجه أيضا ابن أبي شيبة في “مصنفه” (30447) ، من طريق جَعْفَر بْن عَوْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ ، عَن مَكْحُولٍ به .
وإسناده صحيح إلى مكحول ، أي من قوله فقط .
ولا حجة فيه ، لأن مكحولا من التابعين ، ومثل ذلك لا بد له من توقيف ، ثابت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رويت عدة أحاديث مرفوعة بنحو قول مكحول ، إلا أنها لا تثبت .
منها :
· ما أخرجه محمد بن يحيى بن أبي عمر في “مسند” كما في “إتحاف الخيرة المهرة” (797) ، ومن طريقه أبو نعيم في “حلية الأولياء” (3/165) ، والطبراني في “الأوسط” (3541) ، من طريق بَلْهَط بْن عَبَّادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله ، قَالَ :( شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الرمضاء فَلَمْ يُشْكِنَا ، وَقَالَ : اسْتَعِينُوا بِلاَ حَوْلَ ، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله ، فَإِنَّهَا تَدْفَعُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ بَابًا مِنَ الضُّرِّ ، أَدْنَاهَا الْهَمُّ ) .
والحديث منكر :
وقد ضعفه العقيلي في “الضعفاء” (1/166) ، وقال الذهبي في “ميزان الاعتدال” (1/352) :” الخبر منكر ” . انتهى ، وضعفه الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (2753) .
· ومنها ما أخرجه إسحاق بن راهويه في “مسنده” (541) ، وابن أبي الدنيا في “الفرج بعد الشدة” (11) ، والطبراني في “الأوسط” (5028) ، والحاكم في “المستدرك” (1990) ، والبيهقي في “الدعوات الكبير” (191) ، من طريق بشر بن رافع ، عن محمد بن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :( من قال لا حول ولا قوة إلا بالله كانت له دواء من تسعة داء أيسرها الهم ).
والحديث موضوع :
وآفته : بشر بن رافع ، قال ابن القيسراني في “معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة” (977) :” فيه بشر بن رافع النجراني يروي الموضوعات “. انتهى
· ومنها ما أخرجه المحاملي في “الأمالي” (287) ، والخطيب في “تلخيص المتشابه في الرسم” (2/657) ، من طريق إبراهيم بن هانئ ، قال نا خلاد بن يحيى المكي ، قال: حدثنا هشام بن سعد ، قال: حدثني مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، قَالَ قَالَ أبو ذر:( أَوْصَانِي حَبِيبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أكثر من قول لاَ حولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ، وَكَانَ يُقَالُ فِيهَا دَوَاءٌ مِنْ تسعة وتسعين داء أدناها الهم ).
وإسناده ضعيف جدا :
فيه هشام بن سعد ، ضعفه النسائي كما في “الضعفاء والمتروكين” (611) ، وقال أبو حاتم :” يكتب حديثه ولا يحتج به” . انتهى من “الجرح والتعديل” (9/61) ، وقال ابن معين :” ليس بشيء “. كذا في “الكامل” لابن عدي (7/109) ، وقال ابن حبان في “المجروحين” (3/89) :” كان ممن يقلب الاسانيد وهو لا يفهم ، ويسند الموقوفات من حيث لا يعلم ، فلما كثر مخالفته الأثبات فيما يروى عن الثقات : بطل الاحتجاج به ، وإن اعتبر بما وافق الثقات من حديثه ، فلا ضير “. انتهى
وكذلك فيه انقطاع ؛ محمد بن زيد بن المهاجر : لم يدرك أبا ذر رضي الله عنه ، بل فقط ثبت له رؤية ابن عمر . وأبو ذر مات قديما سنة اثنتين وثلاثين
قال ابن أبي حاتم كما في “الجرح والتعديل” (7/255) :” رأى ابن عمر رؤية “. انتهى
هذا ، وقد أعل الشيخ الألباني الحديث بإبراهيم بن هانئ ، وليس الأمر كذلك ، فإن إبراهيم بن هانئ هنا ، ليس هو الذي ترجم له ابن عدي في “الكامل” (1/421) ، وذكر أنه يحدث بالبواطيل ، وإنما هو إبراهيم بن هانئ النيسابوري ثقة ، أحد أصحاب الإمام أحمد ، وقد ترجم له الخطيب البغدادي في “تاريخ بغداد” (7/169) ، وذكر أنه يروى عن خلاد بن رافع ، وروى عنه المحاملي ، وهو ثقة ثبت ، وقد قال فيه أبو حاتم كما في “الجرح والتعديل” (2/144) :” ثقة صدوق” . انتهى
· ومنها ما أخرجه ابن شاهين في “الترغيب في فضائل الأعمال” (341) من طريق عَمْرُو بْن شَمِرٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ حَذْلَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( مَنْ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَظِيمِ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الْبَلَاءِ أَهْوَنُهُنَّ الْهَمُّ وَالْغَمُّ ) .
وإسناده تالف :
فيه عمرو بن شمر ، قال أبو نعيم في “الضعفاء” (165) :” يروي عَن جَابر الْجعْفِيّ بالموضوعات الْمَنَاكِير “. انتهى ، وقال ابن حبان في “المجروحين” (2/75) :” كَانَ رَافِضِيًّا يشْتم أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ مِمَّن يروي الموضوعات عَن الثِّقَات ” . انتهى
والخلاصة :
أن الحديث من طريق مكحول عن أبي هريرة لا يصح .
لكن أصله في الصحيحين ، من حديث أبي موسى .
وقول مكحول : ثابت عنه ، من قوله فقط .
وروى نحوه من طرق مرفوعة ؛ لكن جميعها لا تصح .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب