0 / 0
10,97706/10/2017

حكم السندات الرابحة أو شهادات الاستثمار ذات الجوائز

السؤال: 269291

سؤالي بخصوص السندات التي تؤهل صاحبها للفوز بجائزة ، في دولتنا باكستان ، يصدر بنك دولة باكستان سنداتٍ بقيمة 200 ، و500 ، و1500 وما إلى ذلك ، وهذا هو المبلغ الذي يمكنك قبضه نقديًا في أي وقت قبل أو بعد السحب على الجائزة ، وبعد فترةٍ محددة ، يقوم البنك بالسحب على جوائز ويحصل صاحب السند الفائز على الجائزة المعروضة ، والتي قد تكون مائة ألف أو حتى عشرة ملايين ، وسواء أربحت أم لا فيمكنك قبض المال الذي اشتريت به ذلك السند ، ما أريد أن أسأل عنه هو كيف يمكن أن يعتبر هذا نوع من القمار عندما لا يكون هناك خسارة ، ولا يوجد احتمال لذلك ، ويمكن أخذ المال نقدًا في النهاية ؟ وكيف يمكن للمرء أن يقول : إن المال المعطى في هذه الجائزة قائمًا على الفائدة الربوية ؟ لقد قرأتُ حديثًا بخصوص ذلك: قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : (كل قرضٍ جر نفعًا فهو ربا ) سنن البيهقي ، فهل هذا صحيح؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

السند: شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق.

وما دام البنك يقبض المال ويتصرف فيه، ملتزما رد بدله، فهذا هو القرض.

فالقرض في الشريعة: أخذ مال للانتفاع به ، ورد بدله.

وإذا التزم البنك دفع فائدة ، أو عائد على السند : فهذه فائدة على القرض، وهو ربا مجمع عليه.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): ” وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضةً من علف – كما قال ابن مسعود – أو حبة واحدة” انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (6/ 436) : ” وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك : أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة ” انتهى.

وأما حديث: ” كل قرضٍ جر نفعًا فهو ربا” فأخرجه البيهقي عن فضالة بن عبيد وابن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس موقوفا عليهم .

وأخرجه الحارث بن أسامة في مسنده من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا .

وهو حديث ضعيف، لكن معناه صحيح مجمع عليه كما تقدم.

والحاصل : أن السند ذا العائد السنوي ، أو الشهري : قرض ربوي محرم .

ولهذا صدر عن المجامع الفقهية تحريم السندات، وتحريم شهادات الاستثمار من الفئة أ، ب .

ثانيا:

أما السند الرابح، أو شهادة الاستثمار من الفئة (ج) ذات الجوائز، فإنها محرمة كذلك ؛ لأنها جوائز وهدايا ملتزم بها من البنك .

وغاية الأمر أنها لا تعطى لكل العملاء ، بل لبعضهم بالقرعة ؛ فهي فائدة ربوية .

بل فيها جمع بين الربا ، وشبهة القمار كما سيأتي.

وإذا كانت الشريعة تحرم الهدايا الاختيارية على القرض ، أثناء قيام القرض، فما بالك بهذه الهدايا الملتزم بها من قبل البنك.

روى ابن ماجه (2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ : الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ ، فَيُهْدِي لَهُ ؟

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا ، فَأَهْدَى لَهُ ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ : فَلا يَرْكَبْهَا ، وَلا يَقْبَلْهُ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ). حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في “الفتاوى الكبرى” (6/ 159).

ورَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ، فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ ، أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ ، أَوْ حِمْلَ قَتٍّ : فَلا تَأْخُذْهُ ؛ فَإِنَّهُ رِبًا.

و (القَتّ) نبات تأكله البهائم.

وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي تحريم هذا النوع من الشهادات أيضا.

جاء في قرار المجمع رقم ( 62 / 11 / 6 ) بشأن ( السندات ) :

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 إلى 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 – 20 آذار ( مارس ) 1990م .

بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة ( الأسواق المالية ) المنعقدة في الرباط 20-24 ربيع الثاني 1410هـ/20-24/10/1989م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية ، وباستضافة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة المغربية .

وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية ، عند الاستحقاق ، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند ، أو ترتيب نفع مشروط ، سواء أكان جوائز توزع بالقرعة ، أم مبلغا مقطوعاً أم خصماً.

قرر :

1. إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغها ، مع فائدة منسوبة إليه ، أو نفع مشروط : محرَّمة شرعاً ، من حيث الإصدار ، أو الشراء ، أو التداول ؛ لأنها قروض ربوية ، سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة ، أو عامة ترتبط بالدولة ، ولا أثر لتسميتها ” شهادات ” أو ” صكوكاً استثمارية ” أو ” ادخارية ” ، أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ” ربحاً ” أو ” ريْعاً ” ، أو ” عمولة ” أو ” عائداً ” .

2. تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري ، باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية ، ويستفيد أصحابها من الفروق ، باعتبارها خصماً لهذه السندات .

3. كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز ، باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع ، أو زيادة ، بالنسبة لمجموع المقرضين ، أو لبعضهم ، لا على التعيين ، فضلاً عن شبهة القمار ” انتهى من مجلة المجمع (ع 6، ج2 ص 1273، ع 7 ج1 ص73).

وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (15/196) : ” س : بعض البنوك التجارية بدول الخليج تقوم بوضع جوائز مثل : سيارات ، أو بيوت جاهزة ، لمن يفتح في البنك حساب توفير لحفظ أمواله ، وتعمل قرعة بين زبائن البنك ، ثم يفوز بالجائزة أحد الزبائن . فما حكم هذه الجائزة سواء كانت عينية أو مادية ؟

ج : إذا كان الأمر كما ذكر ، فإن هذه الجوائز غير جائزة ؛ لأنها فوائد ربوية مقابل إيداع الأموال في البنوك الربوية ، وتغيير الأسماء لا يغير الحقائق ” انتهى .

ثالثا:

ووجه القمار في هذا النوع من الشهادات، ما قاله الدكتور علي السالوس في كتابه: “معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام” ص 38 :

” وإذا كان البنك الربوي قد صنف الشهادات أصنافا ثلاثة ، فجعل الأولى غير الثانية بقصد جذب أكبر عدد ممكن ، فإنه في المجموعة الأخيرة خطا خطوة أبعد ، فجاء إلى مجموع الربا ، ثم قسمه إلى مبالغ مختلفة لتشمل عددا أقل بكثير جدا من عدد المقرضين ، ثم لجأ إلى توزيع هذه المبالغ المسماة بالجوائز عن طريق القرعة!

وبهذا ربما نجد صاحب قرض ضئيل يأخذ آلاف الجنيهات ، على حين نجد صاحب الآلاف قد لا يأخذ شيئا . فالأول أخذ نصيبه من الربا ونصيب مجموعة كبيرة غيره ، والثاني ذهب نصيبه لغيره ، وفي كل مرة يتم التوزيع يترقبه المترقبون ، يخرج هذا فرحا بما أصاب ، ويحزن ذلك لما فاته ، وهكذا في انتظار مرة تالية ، أليس هذا هو القمار ؟ فالبنك الربوي لجأ إلى المقامرة بالربا ! فمن لم يُغره نصيبه من الربا في المجموعتين ، فليقامر بنصيبه في المجموعة الثالثة … ألا يمكن إذن أن تكون المجموعة (ج) أسوأ من أختيها؟ ” انتهى.

فوجه كون هذه المعاملة قمارًا: أن الداخل فيها قامر بما كان سيأخذه من الفوائد الربوية الشهرية .

فإما أن يربح مبلغا كبيرا (الجائزة) ، وإما أن يخسر تلك الفوائد الربوية .

وسواء جزمنا بأن هذه المعاملة قمار ، أو فيها شبهة قمار ؛ فإن هذه المعاملة محرمة ، لأن هذه الجوائز هي فوائد ربوية .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android