0 / 0

يتمنى أن يرافق بعض المشاهير في الجنة

السؤال: 269784

نعلم بأن من كانا صديقين في الدنيا فسيصبحان صديقين في الجنة بلا شك إن دخلا الجنة ، ومرافقة النبي محمد بكفالة يتيم ، ولكن إن أردت مرافقة شخص غير نبي في الجنة كالشخصيات المشهورة ؛ كعنترة بن شداد العبسي ، وأبي الطيب المتنبي ، فكيف أرافقهم ؟ هل بالدعاء لهم . وبالصدقة عليهم ؟ أم كيف أرافق أمثال عنترة وأبي الطيب ممن ليسوا بأنبياء ، ولا يلزم لمرافقتهم كفالة يتيم ، ولا كثرة سجود ؛ لأنهما ليسا بنبيين ، فما جوابكم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

عن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ) رواه البخاري (6169) ومسلم (2640).

وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ ) رواه البخاري (3688) ومسلم (2639).

وهذان الحديثان يشيران إلى أن المحبة سبب لاجتماع الشخص بمن يحبه يوم القيامة، وهذا كما أن فيه بشرى لمن يحب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ومن اجتمعت الأمة على الشهادة لهم بالصلاح، ففيه أيضا وعيد لمن يحب أهل الكفر والفسق لأنه يخشى أن يحشر معهم في دركات الجحيم نسأل الله تعالى السلامة والعافية.

قال الملا علي القاري رحمه الله تعالى:

” ( المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ) أي: يحشر مع محبوبه، ويكون رفيقا لمطلوبه. قال تعالى: ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) الآية.

وظاهر الحديث العموم الشامل للصالح والطالح، ويؤيده حديث: ( المرء على دين خليله ) كما سيأتي، ففيه ترغيب وترهيب ووعد ووعيد ” انتهى. “مرقاة المفاتيح” (8 / 740).

ثانيا:

بعض المشاهير كالكتاب والشعراء ممن ماتوا على الكفر كعنترة ، أو ممن هم منتسبون إلى الإسلام لكن لم يشتهروا بصلاح وتقوى ، ولم تجتمع الأمة على الشهادة بصلاح حالهم، إذا أحبهم الشخص وتمنى من الله تعالى أن يجعله معهم في الجنة لتعلق قلبه بهم، فلا شك أنه غالط ، مغرر بنفسه ، سأل الله أن يحشره مع قوم ، أفضل ما يقال فيهم : أنه لا يُدرى ما يكون من حالهم عند الله ، وما يكون من مصيرهم في الآخرة !!

ولا شك أن ذلك خطر عظيم ؛ فكيف إذا كان منهم من مات على حال أهل الجاهلية ؛ فأي تغرير بعد ذلك ، وأي خطر جعل الدعي نفسه عليه ، من حيث لا يشعر ؟!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

” فمن طلب أن يحشر مع شيخ لم يعلم عاقبته كان ضالا؛ بل عليه أن يأخذ بما يعلم؛ فيطلب أن يحشره الله مع نبيه والصالحين من عباده. كما قال الله تعالى: ( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ). وقال الله تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ).

وعلى هذا؛ فمن أحب شيخا مخالفا للشريعة : كان معه؛ فإذا دخل الشيخ النار : كان معه. ومعلوم أن الشيوخ المخالفين للكتاب والسنة ، أهل الضلال والجهالة ؛ فمن كان معهم كان مصيره مصير أهل الضلال والجهالة .

وأما من كان من أولياء الله المتقين: كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم؛ فمحبة هؤلاء من أوثق عرى الإيمان؛ وأعظم حسنات المتقين ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (11 / 519 – 520).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android