الوالدة عندها محل تأجره وسنويا ، تأخذ نصف الإيجار وتتصدق به ، هل يجوز لها التصدق على أهل بيتها ، وهي قد نذرت أن تتصدق بنصف الإيجار سنويا عن والديها ، مع العلم أحد أبنائها جامعي يستلم مكافأة ، وابنها الآخر ليس لديه دخل ؟
نذرت الصدقة بجزء من مالها فهل تعطي منه لأبنائها ؟.
السؤال: 270049
ملخص الجواب
ملخص الجواب : لا يجوز لوالدتك أن تدفع لكم هذه الصدقة المنذورة ، إلا إذا كنتم فقراء ، ولم تكن نفقتكم واجبة عليها .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً : من نذر أن يتصدق ببعض ماله ، ولم يعين الجهة التي يتصدق عليها ، فإن هذه الصدقة تصرف للفقراء والمساكين .
قال ابن مفلح : ” الْمَسَاكِين مَصْرِفُ الصَّدَقَاتِ ، وَحُقُوقِ اللَّهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا .
فَإِذَا وُجِدَتْ صَدَقَةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةِ الصَّرْفِ : انْصَرَفَتْ إلَيْهِمْ ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً مُطْلَقَةً ” . انتهى من “الفروع” (6/ 359) ، وينظر : “المغني” (8 / 211) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” وَلَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالٍ : صَرَفَهُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ “. انتهى . “الفتاوى الكبرى” (5/554)
وفي “فتاوى اللجنة الدائمة” (23 / 390) : ” الأصل أن المنذور به إذا كان من الأمور المشروعة : فإنه يصرف في الجهة التي عيَّنها الناذر .
وإذا لم يعين جهة : فهو صدقة من الصدقات ، يصرف في الجهات التي تصرف فيها الصدقات؛ كالفقراء والمساكين “. انتهى .
وبما أن والدتك لم تحدد جهة معينة، فإن هذا المال يجب صرفه للفقراء والمساكين.
ثانياً :
الصدقة المنذورة : حكمها حكم الزكاة ، كما سبق نقله ؛ فلا يجوز صرفها لأصول الناذر وفروعه، من الآباء والأبناء ، ولا يجوز صرفها لمن يلزمه النفقة عليه.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي : ” فإِنَّ القَاعِدَةَ : أَنَّ الوَاجِبَ بالنَّذرِ: أَنَّه يُحذَى به حَذوَ الوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرعِ ” . انتهى من ” إرشاد أولى البصائر والألباب” صـ144.
وقال ابن نُجيم : ” كُلُّ مَنْ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ : لَا يَجُوزُ صَرْفُ الْكَفَّارَةِ إلَيْهِ ، فَلَا يُعْطِيهَا لِأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا ، وَلَا لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ الْمَنْذُورَةُ “. انتهى “البحر الرائق” (4/315) .
وقد علق الشيخ زكريا الأنصاري على قول الشافعية : ” لا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْكَافِرِ مِنْ الْمَنْذُورِ، وَلَا الرَّقِيقُ، وَلَا الْغَنِيُّ، وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ”.
علق على ذلك بقوله: ” هَذَا فِيمَا إذَا أَطْلَقَ النَّذْرَ ، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَصْرِفًا ؛ فَيُنَزَّلُ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ”. انتهى . “شرح البهجة الوردية” (19 /377)
ثالثاً: إذا تقرر أن الصدقة المنذورة لا تصرف للأصول ولا الفروع ، كالزكاة ؛ فإنه يستثنى من ذلك حالتان عند بعض أهل العلم :
الأولى : إذا كان الشخص لا تلزمه نفقة أصوله وفروعه ، إما لعدم قدرته على ذلك ، أو لوجود من هو قائم بالنفقة عليهم غيره ، ففي هذه الحال يجوز له أن يدفع لهم الزكاة ، ومثلها الصدقة المنذورة ، إذا كانوا فقراء .
الثانية : إذا كان القريب مديناً ، فيجوز دفع الزكاة إليه ؛ لأنه لا يجب عليه سداد دينه .
وقد سبق بيان ذلك في السؤال رقم (105789) ، (20278) ، (85088) .
والخلاصة:
أنه لا يجوز لوالدتك أن تدفع لكم هذه الصدقة المنذورة ، إلا إذا كنتم فقراء ، ولم تكن نفقتكم واجبة عليها .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب