يوجد أناس يبعيون كتاكيت ، وتكون المعاملة كالآتي يأخذ عربون من الأهالي ، ويكون السعر غير محدد يتحدد ساعة الاستلام بسعر يومه حسب البورصة ، وهو لا يملك الكتاكيت ، ولكن يأخذ العربون حتى لا يرجع أحد من الأهالي في الاتفاق ؛ لأن عند شراء الكتكوت فإنه يجب أن يباع في نفس اليوم ؛ لأن الكتكوت إذا مكث لليوم الثاني لا يصلح للتربية ، فما حكم ذلك ؟
حكم العربون في مرحلة الوعد في المرابحة
السؤال: 270088
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
إذا كان البائع لا يملك الكتاكيت، فإن ما يأخذه لا يسمى عربونا؛ لأن العربون ما يؤخذ مع العقد.
وإنما هذا يسمى هامش الجدية، أي للتأكد من جدية المشتري في الشراء، وقد أجازه بعض العلماء بشرطين:
الأول: ألا يستعمله البائع في مرحلة الوعد، بل يبقى أمانة عنده.
الثاني: أنه إن رجع المشتري عن وعده، فلم يشتر، فإنه لا يؤخذ منه إلا مقدار الضرر الفعلي الواقع على البائع – إن وجد.
والمراد بالضرر الفعلي أن يخسر البائع في بيعه للسلعة بسبب عدول المشتري عن الشراء ، فلو أن البائع كان قد اشترى السلعة بألف مثلا، من أجل الواعد، ثم نكل الواعد ولم يشتر منه، فيقال للبائع: بع السلعة لغيره، أو رُدّها على بائعها الأول، فإن حصل له أقل من الألف التي دفعها، ألزم الواعد بتحمل هذا النقص.
ومن أهل العلم من منع أخذ هامش الجدية في مرحلة الوعد ، مطلقا .
وهذا هو القول الراجح في المسألة ، وهو مقتضى قول جمهور أهل العلم في مثل ذلك ، وهو الذي نفتي به في الموقع .
وينظر: جواب السؤال رقم : (229091) .
ثانيا :
وأما تحديد السعر بأنه بسعر البورصة يوم التسليم ، فهذا لا حرج فيه ، إذا كان عقد البيع لن يتم إلا في وقت التسليم ، ويكون كل من البائع والمشتري ، عندئذ : قد علما بالثمن ، ولكل منهما الحق في إمضاء العقد أو إلغائه ، بناء على ما سبق من أنه لا يحق له تملك ما أخذه مقدما باسم العربون ، ولا خصم شيء منه .
ويكون ما سبق بينهما : هو مجرد وعد بالشراء ، لكنه غير ملزم لأي من الطرفين .
ثالثا :
إذا أراد البائع أن يبيع الكتاكيت ، قبل الموعد المذكور ، وأن يضمن عدم رجوع المشتري في ذلك : فإن طريقه إلى تصحيح ذلك : أن يبيع الكتاكيت بيع سَلَم ؛ بناء على القول الراجح بجواز السلم في “الحيوان” .
ويشترط لذلك : أن تكون هذه الكتاكيت مما يكن وصفها ، وصفا منضبطا يرفع الجهالة ، ويمنع النزاع ، عند الاستلام .
ويشترط أيضا : أن يتفقا على الثمن الذي يتبايعان به ، ويتم تسلم الثمن كاملا ، وليس جزءا منه ، عند عقد البيع ، مع الاتفاق على التسليم ، في وقت محدد .
وينظر للفائدة حول بيع السلم ، جواب السؤال رقم : (254814) ، ورقم : (160559) .
فإذا قبل الطرفان ـ البائع والمشتري ـ أن يتبايعا بهذه الطريقة : صح البيع ، بناء على القول بجواز بيع السلم في الحيوان ، كما هو مذهب جمهور الفقهاء .
قال العمراني رحمه الله : ” كلُّ حيوان جاز بيعه، وضبطه بالصفة، كالرقيق والأنعام والخيل والبغال والحمير.. جاز السلم عليه، وبه قال من الصحابة: عليٌّ، وابن عمر، وابن عبّاس، ومن التابعين: سعيد بن المسيِّب، والحسن البصريُّ، والنَّخعيُّ، ومن الفقهاء: مالك وأحمد.” انتهى، من “البيان” ـ في مذهب الإمام الشافعي ـ (5/398) .
وقال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله : ” وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ) لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ قَرْضًا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – اقْتَرَضَ بَكْرًا وَقِيسَ عَلَيْهِ السَّلَمُ وَعَلَى الْبَكْرِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ غَيْرُ ثَابِتٍ وَإِنْ خَرَّجَهُ الْحَاكِمُ ” انتهى ، من “أسنى المطالب” (2/131) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” قوله: ويصح في الحيوان هذا مطلق، فيشمل أي حيوان من إبل أو بقر أو غنم أو حُمُر أو ظباء أو أرانب، والدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم استسلف من رجل بَكراً ، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قد أمره النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على إبل الصدقة البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة .
فهذا دليل على جواز السلم في الحيوان .
لكن لا بد من ضبطه، فيقال: ثني أو رباع أو جذع، سمين، ضعيف، متوسط، فلا بد أن يضبط، بكل وصف يختلف به الثمن.
وهل يستثنى من الحيوان شيء؟ نعم، الحامل كما سبق، فعليه يصح في الحيوان بشرط ألا يكون حاملاً. ” انتهى ، من “الشرح الممتع” (9/61-62) .
وينظر : “المغني” لابن قدامة (4/209) .
والحاصل :
أن البيع بالصورة المذكورة في السؤال : لا يجوز .
وطريقكم إلى تصحيحه : أن تباع الكتاكيت سلما ، بالشروط المذكورة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة