اشتريت قطعة أرض صالحة للبناء ، وكان المبلغ لم يكتمل بعد، فطلبت قرضا من إمام مسجد فأعطاني المبلغ الناقص ، وكان مبلغا كبيرا ، وأرجعت له المبلغ في مدة قصيرة بين خمسة أو ستة أشهر ، المشكلة أن هذا المبلغ تابع للمسجد ، وليس ملكا للإمام ، وحجة الإمام هو إعطاء هذا المال لأشخاص موثوقين جدا خوفا من السرقة أو محاسبة الدولة له ؛ لأن هذا المال في بيته التابع للمسجد ، وفي نفس الوقت فإن هذا الإمام لا يتواني عن خدمة بيت الله ، غير أن الصدقات كثيرة ، مما يجعل هذا الفائض في المال ، فهل هذا القرض جائز ؟ وإذا كان غير ذلك فما التوبة من ذلك ؟
حكم الاقتراض من المال المتبرع به للمسجد أو للصدقات
السؤال: 270148
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
لا يجوز لإمام المسجد أن يقرض من المال المتبرع به للمسجد ، أو للصدقات؛ لأنه وكيل عن المتبرعين ، والوكيل تصرفه مقيد بالإذن.
قال ابن قدامة رحمه الله : ” ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله ، من جهة النطق أو من جهة العرف ، لأن تصرفه بالإذن ، فاختص بما أذن فيه ، والإذن يعرف بالنطق تارة ، وبالعرف أخرى .
ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد : لم يملك التصرف قبله ولا بعده ، لأنه لم يتناوله إذنه، مطلقا ، ولا عرفا” انتهى من “المغني” (5/ 251).
فما لم يأذن له المتبرعون بالإقراض، فليس له ذلك.
وإذا كان المال متبرعا به للمسجد ، فهو وقف، وقد نص الفقهاء على منع الإقراض من الوقف.
قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله :
“شُرِط كون مقرضٍ يصح تبرعُه ؛ فلا يُقرض نحوُ: ولي يتيم من ماله [يعني: من مال اليتيم]، وناظر وقف منه” انتهى من ” شرح منتهى الإرادات ” ( 2 / 100 ) .
وعليه :
فقد أخطأ الإمام بتصرفه هذا، سواء كان المال وقفا، أو متبرعا به للصدقات، وهو بهذا التصرف يعتبر غاصبا ، ضامنا للمال.
والعجب من قولك إن الصدقات كثيرة ويوجد فائض من المال ؟!
فإن كان المال متبرعا به للمسجد ؛ فمقتضى الأمانة ألا يقبل الإمام ما يزيد على حاجة المسجد، وإن كان المال للصدقات ؛ فما أكثر الفقراء والمساكين !
وقد أخطأت بأخذ هذا القرض ، مع علمك بأن المقرض لا يملكه ، ولم يؤذن له في ذلك.
وحيث إنك أرجعت المال، فلا يجب عليكما غير التوبة، والتوبة تجب ما قبلها.
لكن يجب تنبيه الإمام إلى خطئه المركب ؛ خطئه بأخذ مال للمسجد ، فوق ما تحتاجه مصالح المسجد فعلا ، ثم خطئه بإقراضه من هذا المال ، أو بحبس هذا المال عن المستحقين ، إن كان قد جاءه على وجه الصدقة والتبرع ، وليس وقفا على المسجد .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب