تنزيل
0 / 0
6,40025/12/2017

يتوسط في بيع المنح الدراسية مقابل عمولة

السؤال: 271085

سؤالي عن بيع المنح الدراسية في روسيا ، فروسيا تقدم كل سنه مجموعة من المنح الدراسية للدول الفقيرة أو ما يسمى بدول العالم الثالث ، وكثير منها يقدم للفلسطينيين، ومن يقدم للمنحة يحصل عليها إذا استوفى الشروط ، ولكن المنح هذه بشكل أساسي لا تذهب للمستحق ، بل للذي يدفع ثمنها ، فعدم ذهابها للمستحق له أسباب كثيره ومنها ، عدم قدرة الشخص على السفر للدراسة أصلا وتحمل المصاريف ، اعتبار بعض الناس أنها بلاد كفر لا يسافر إليها، الخوف من الوقوع في المعاصي أو العصابات وغيرها ، ومنهم بسبب أن سمعة روسيا ليست الأفضل في التعليم ، أي أن الكثيرين ممن يستحقون لا يتقدمون للمنحة أصلا ، وهنالك أناس يشترون المنح ، ويحصّلون أعلى العلامات ، وهم من أوائل الطلاب مع أنهم حسب معدل المدرسة غير مؤهلين ، ولست هنا أحاول جعل اأمر حلالاً ، فهل يجوز لي التوسط في بيع هذه المنح مع عمولة لي ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

المنح الدراسية التي تقدمها بعض الدول أو الجامعات أو المؤسسات ليست سلعة تباع ، وإنما هي كما تُسمى “منحة” ؛ فهي منحة مجانية تقدمها الدولة لمن استوفى شروطها .

فإذا كان بعض المسئولين يستغل منصبه ، ويبيع هذه المنح ، ويعطيها لغير المستحق ، ما دام قد دفع له مالا .. فإن هذا العمل محرم .

وفيه غش وخيانة للجهة المانحة حيث لا يهتم باستيفاء شروط المنحة .

وفيه كذلك أن هذا المسئول يبيع شيئا لا يملكه ، لأن المنحة ليست ملكا له حتى يبيعها ، ولا يجوز للإنسان أن يبيع شيئا لا يملكه .

وإذا ثبت هذا فإنه لا يجوز لك أن تعاونه في بيع هذه المنح .

لأنه لا يجوز معاونة العاصي على معصيته ، لقول الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 .

على أن إيصال هذه المنح الدراسية للمستحق لها مجانا ليس جائزا هكذا بإطلاق ، وذلك لأن الإقامة بالدول الغربية من أجل الدراسة ينطوي على مخاطر كثيرة ، تتعلق بالدين والأخلاق ، وكثير ممن نالوا الشهادات من تلك الدول رجعوا إلى بلادهم وكانوا مصدر بلاء وشقاء ، لأنهم رجعوا منسلخين من دينهم ، مفتونين بما عند الغرب ، فصاروا يدعون للعلمانية وتقليص دور الإسلام في المجتمع ، وهم يعلمون أنهم بهذا يخالفون الإسلام ، أو لا يعلمون .

ولذلك .. فلا يجوز لك أن تساعد أحدا على الحصول على هذه المنحة – ولو كان ذلك مجانا – إلا إذا كان ظاهر حاله الدين والاستقامة ، وغلب على ظنك أنه لن يغرق كما غرق الكثير غيره في بحور الشبهات والشهوات .

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ” نحن طلبة مسلمون ندرس في أمريكا لفترات تتراوح ما بين ستة أشهر وأربع سنوات ، وجئنا للدراسة هنا بمحض إرادتنا – أي لسنا مبتعثين من أي جهة – والدراسة هنا في أمريكا لا تختلف عن الدراسة في بلادنا سوى بالحصول على اللغة الإنجليزية ، فما حكم جلوسنا في هذه البلاد للدراسة؟ جزاكم الله خيرا.

فأجاب: “من كان منكم لديه علم وبصيرة بدين الله ، يمكنه أن يدعو إلى الله ويعلم الناس الخير ويدفع الشبهة عن نفسه ، ويظهر دينه بين من لديه من الكفار : فلا حرج عليه; لأن إقامته والحال ما ذكر ، وتزوده من العلم الذي يحتاج إليه : ينفعه وينفع غيره ، وقد يهدي الله على يديه جمعا غفيرا إذا اجتهد في الدعوة ، وصبر ، وأخلص النية لله سبحانه وتعالى .

أما من ليس عنده علم وبصيرة ، أو ليس عنده صبر على الدعوة ، أو يخاف على نفسه الوقوع في ما حرم الله ، أو لا يستطيع إظهار دينه بالدعوة إلى توحيد الله والتحذير من الشرك به وبيان ذلك لمن حوله : فلا تجوز له الإقامة بين أظهر المشركين; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، ولما عليه من الخطر في هذه الإقامة ، والله ولي التوفيق” انتهى من مجموع الفتاوى والمقالات (9/ 401).

وقال أيضا وهو يبين ضوابط ابتعاث الطلاب إلى الخارج : ” أما إذا اقتضت الضرورة ابتعاث بعض الطلاب إلى الخارج لعدم وجود بعض المعاهد الفنية المتخصصة ، لا سيما في مجال التصنيع وأشباهه ، فأرى أن يكون لذلك لجنة علمية أمينة لاختيار الشباب الصالح في دينه وأخلاقه المتشبع بالثقافة والروح الإسلامية ، واختيار مشرف على هذه البعثة معروف بعلمه وصلاحه ونشاطه في الدعوة ليرافق البعثة المذكورة ، ويقوم بالدعوة إلى الله هناك ، وفي الوقت نفسه يشرف على البعثة ، ويتفقد أحوالها وتصرفات أفرادها ، ويقوم بإرشادهم وتوجيههم ، وإجابتهم عما قد يعرض لهم من شبه وتشكيك وغير ذلك .

وينبغي أن يعقد لهم دورة قبل ابتعاثهم ، ولو قصيرة ، يدرسون فيها جميع المشاكل والشبهات التي قد تواجههم في البلاد التي يبتعثون إليها ، ويبين لهم موقف الشريعة الإسلامية منها ، والحكمة فيها حسب ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلام أهل العلم مثل أحكام الرق ، وتعدد الزوجات بصفة عامة ، وتعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة ، وحكم الطلاق ، وحكمة الجهاد ابتداء ودفاعا وغير ذلك من الأمور التي يوردها أعداء الله على شباب المسلمين حتى يكونوا على استعداد تام للرد على ما يعرض لهم من الشبه ” انتهى من “فتاوى الشيخ ابن باز” (1/387) .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ” إذا كان الواقع كما ذكر من أن التخصص الذي تدرسه موجود في بلدك الإسلامي ، وأن الدراسة في الخارج مشتملة على مفاسد كثيرة في الدين والأخلاق وعلى الزوجة والأولاد – فإنه لا يجوز لك السفر لهذه الدراسة ؛ لأنها ليست من الضرورات ، مع وجودها في بلدك الإسلامي ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في التحذير من الإقامة في بلاد الكفار من غير مسوغ شرعي ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين) وغيره من الأحاديث … ” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء” (26/ 93).

وقد سبق في جواب السؤال رقم (117699) بيان بعض مخاطر الابتعاث للدراسة في هذه البلاد.

والخلاصة :

لا يجوز لك التوسط في بيع هذه المنح الدراسية ، وإذا أردت مساعدة بعض الطلبة بالحصول عليها مجانا ، فلا يجوز لك أن تساعد إلا من يغلب على ظنك انتفاعه بها ، مع سلامته من المفاسد ومخاطر الابتعاث .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android