نحن خمس إخوة ولدان وثلاثة بنات ، لا نملك من حطام الدنيا شيئا ، كان لوالدتنا قطعة أرض عُرض عليها أن تبيعها بملبغ طيب فباعتها ، واقترح أحد الأبناء شراء عمارة سكنية ست شقق ، وتوزع علينا لكل واحد شقة ، وافق الجميع على ذلك ، وتم شراءها ، وعشنا فترة على ذلك ، مرضت الأم فجمعت أبنائها وذكرتهم بالاتفاق المبرم ، ووافق الجميع وأوصت حتى لا يحدث خلاف بيننا أن الشقة التي كانت لها يستفاد من إيجارها لنفقات العمارة ، ماتت الأم وبقي الأبناء على ذلك 10 سنوات ، منا من يسكن شقته ، ومنا من يؤجرها ويستفيد منها ، المشكلة أن هذا الأمر لم يوثق في المحكمة ، وبعد فترة طالب الولدان بأن تقسم التركة العمارة حسب الشرع للذكر مثل حظ الأنثيين ، وأن هذه وصية باطلة وذلك الاتفاق غير صحيح ، فما الحل الآن ؟ وماذا يقول الشرع في ذلك ؟
سوت بين أولادها الذكور والإناث وأعطت لكل منهم شقة
السؤال: 272305
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ما قامت به الأم من إعطاء كل ولد من أولادها شقة، يعتبر هبة في حياتها، ويلزم فيها العدل بين الأولاد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) رواه البخاري (2587).
وقد اختلف الفقهاء في صفة العدل بين الذكور والإناث في الهبة، فمنهم من قال: إن العدل هنا هو التسوية بين الذكر والأنثى، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حزم.
ومنهم من قال: العدل أن يعطى الذكر مثل الأنثيين، كما في الميراث، وهو مذهب أحمد.
وينظر جواب السؤال رقم (22169) ، (67652) .
وعلى كلا القولين : فلا حق للولدين أو غيرهما في المطالبة برد الهبة ، وتغيير الأمر عما فعلته الأم .
أما على قول جمهور العلماء : فهذه هبة عادلة ، أخذ كل من الأبناء حقه فيها : فلا حق لأحد في ردها ، ولا الاعتراض عليها ، سواء رضي ، أو لم يرض .
وأما على مذهب الحنابلة ، الذين يرون أن العدل في الهبة ، يكون على قياس القسمة في الميراث ، فلا حق للولدين أيضا في الرجوع في ذلك الأمر ، أو تغييره لأمرين :
الأمر الأول : أن هذه القسمة وقعت بموافقة الجميع ، ورضاهم ، وتسلم كل منهم حقه : فلا حق لأحد في الرجوع في ذلك ، أو طلب تغييره ، حتى لو تغير رأيه بعد ذلك ، ورفض بعد موافقته ، فلا عبرة بخالفه ، بعد وفاقه .
الأمر الثاني : أنه لو افترض عدم رضا بعض الأبناء ؛ فإن هذه القسمة لازمة ، ولا يحل نقضها ولا الرجوع فيها ؛ لأن مثل هذه المسائل التي فيها خلاف معتبر ، إذا مضت العقود ، أو قُبضت الهبات ، ونحو ذلك ، على وفقها : لم ينقض ما سبق منها .
ويتأكد ذلك : في مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها مع القول المخالف ، وإنما هو اجتهاد في فهم النص ، وتطبيقه ، وتفاوت في وجهات النظر ، والتأويل .
وينظر للفائدة : جواب السؤال (222773).
وعليه : فالأمر كما تم، لكل واحد منكم شقة، لا ينازَع فيها، لا فرق بين ذكر وأنثى.
ثانيا:
وصية والدتكم لا اعتبار لها؛ لأن الهبة قد تمت في حياتها، وحصل القبض للهبة، فلزمت.
وإنما هذه الوصية تأكيد، وحث على البقاء على ما كان ، وتجنب الخلاف، فلا يقال: إن الوصية لوارث ممنوعة .. إلخ .
بل هذه المسألة من مسائل الهبة والتبرع في الحياة، لا من مسائل الوصية والإرث.
وأما شقة الوالدة، فهي التي من قبيل الوصية لأولادها، فالأمر فيها للورثة – أولادها وغيرهم إن كان لها وارث سوى أولادها – إن شاؤوا أنفذوها، وجعلوا أجرتها لنفقة العمارة، وإن شاؤوا اقتسموها قسمة الميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة