تنزيل
0 / 0
23,45023/10/2019

ما هو العمل في المسائل قد يَرد قولُ النبي صلى الله عليه وسلم مخالفا لفعله ؟

السؤال: 273334

إذا تعارض حديثان أحدهما فيه نهي بقول النبي صلى وفي الآخر ورد أنه عليه الصلاة والسلام فعل هذا الأمر ، فأيّ الحديثين نتّبع عند تعارض قوله عليه الصلاة والسلام مع فعله ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

من المستقر المعلوم: أنه لا يمكن معرفة حكم مسألة ما في الشريعة إلا بعد جمع الأدلة، والنصوص الواردة في المسألة، وهنا قد تتوافق الأدلة على حكم واحد ، وقد تتعارض ظاهريا بحيث يفيد أحدها الوجوب مثلا، والآخر الاستحباب ، أو يفيد أحدهما التحريم والآخر الكراهة . وهنا يسلك أهل العلم ثلاثة طرق ، إما الجمع ، وإما الترجيح ، وإما النسخ إن علم التاريخ .

وقال الإمام الشاطبي في “الاعتصام” (ص186) :” التعارض إذا ظهر لبادي الرأي في المقولات الشرعية، فإما أن لا يمكن الجمع بينهما أصلا ، وإما أن يمكن .

فإن لم يمكن فهذا الفرض: بين قطعي وظني ، أو بين ظنين .

فأما بين قطعيين : فلا يقع في الشريعة ولا يمكن وقوعه ، لأن تعارض القطعيين محال .

فإن وقع بين قطعي وظني بطل الظني .

وإن وقع بين ظنيين : فههنا للعلماء فيه الترجيح ؛ والعمل بالأرجح متعين .
وإن أمكن الجمع : فقد اتفق النظار على إعمال وجه الجمع ، وإن كان وجه الجمع ضعيفا ، فإن الجمع أولى عندهم ، وإعمال الأدلة أولى من إهمال بعضها “. انتهى.

قال ابن جزي في “تقريب الوصول إلى علم الأصول” (ص199) :

” إذا تعارض دليلان، فأكثر؛ ففي ذلك ثلاثة طرق:

– الأول: العمل بهما ، وذلك بالجمع بينهما على قدر الإمكان، ولو من وجه واحد ، وهذا أولى الطرق، لأنه ليس فيه اطراح لأحدهما.

– الثاني: ترجيح أحدهما على الآخر، بوجه من وجوه الترجيح المذكورة بعد.

– الثالث: نسخ أحدهما بالآخر، وشرطه معرفة المتقدم والمتأخر منهما “. انتهى

وهذه الطريقة عامة عند تعارض الأدلة ، ومنها أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، ولا شك أنها من أعظم الحجج على دين الله ، والبينات على ما شرعه الله لعباده . قال الله تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا  الأحزاب/21.

إلا أنه في بعض المسائل قد يَرد قولُ النبي صلى الله عليه وسلم مخالفا لفعله ، وهنا تتبع بعض الخطوات :

الخطوة الأولى : التأكد من ثبوت دليل القول ودليل الفعل ، فإن كان دليل أحدهما ضعيفا، فالمقدم منهما : ما ثبت به الدليل، وصح به الإسناد.

الخطوة الثانية : هناك بعض الأفعال النبوية، دل الدليل على أنها من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن كان هذا الفعل من هذا القسم فلا تعارض إذا .

الخطوة الثالثة : إذا ثبت أن القول عام للأمة ، وكذلك الفعل ليس خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وتعارضا، في ظاهرهما، وبادي الرأي؛ فهنا نجمع بين القول والفعل بوجه من وجوه الجمع المذكورة في كتب أصول الفقه ، أي أن يعمل بالدليلين معا ، إذا أن إعمال الدليلين: أولى من إهمال أحدهما ، وذلك إن كان الجمع بينهما ممكنا ،  ومثال ذلك :

– أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمر بشيء، ما ثم دل فعله على ترك هذا الأمر ، فيحمل الأمر على الاستحباب، ورجحان جانب الفعل لا على الوجوب ، ويكون الترك النبوي مبينا لجواز الفعل والترك.

– وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن فعل شيء ما، ثم جاء عنه أنه فعله ، فيحمل النهي على الكراهة، وترجح جانب الترك ، ويكون الفعل مبينا للجواز، على نحو ما مضى في المستحب .

– أن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم عاما ، ثم يأتي الفعل ليخصص القول ، فيبقى العام على عمومه، إلا في هذه الصورة التي جاء الفعل النبوي بإخراجها عن حكم العام .

وهذا على سبيل المثال لا الحصر .

الخطوة الرابعة: إن لم يمكن الجمع بين القول والفعل ، فحينئذ نلجأ للترجيح ، أي ترجيح جانب القول، أو الفعل، بوجه من وجوه الترجيح ، مثل أن تحتف القرائن بأحدهما ، كعمل الصحابة على سبيل المثال .

الخطوة الخامسة: إن لم نجد مرجحا خارجيا، وعلمنا التاريخ ، فحينئذ ينسخ المتأخرُ المتقدم .

الخطوة السادسة: إن جهلنا التاريخ ، ولم يمكن الجمع بينهما بوجه من وجوه الجمع: فهنا من أهل العلم يقدم القول على الفعل، باعتباره أقوى في الدلالة والبيان ، ومنهم من يقدم الفعل، ويراه أقوى من مجرد القول ، ومنهم من يتوقف .

قال العلائي في “تفصيل الإجمال” (ص108) :” الجمع بين القول والفعل: على بعض الوجوه الممكنة ، وهي التي يسلكها المحققون في أفراد الأمثلة عن الكلام على بعض منها .

ولا شك في أن هذا أولى من تقديم أحدهما على الآخر، وإبطال مقتضى الآخر، ومن الوقف أيضا ؛ لأنا متعبدون بمضمون القول ، وباتباعه صلى الله عليه وسلم فيما فعله ؛ فما يجمع بين الدليلين:  أولى من إلغاء أحدهما ، ولا وجه للوقف مع التعبد “. انتهى

وقال ابن عقيل في “الواضح في أصول الفقه” (4/166) :” إذا ثبتَ أنَّ الفعلَ يحصلُ به البيانُ، فإذا تعارض القولُ والفعلُ في البيان ، فالقولُ أَوْلى من الفعل .

ولأصحاب الشافعي وجهان: أحدهما: مثل قولنا، والثاني: الفعل أَوْلى من القول .

وقال بعض الأصوليين: هما سواءٌ في البيان ؛ القولُ والفعل “. انتهى.

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (147416) ورقم (296702).

والله أعلم 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android