0 / 0

حول الأحاديث الواردة في عرض أعمال المؤمنين على أقاربهم من أهل الأيمان الذين ماتوا قبلهم

السؤال: 277471

قرأت هذا الحديث في بعض المواقع (إنَّ نفسَ المؤمنِ إذا قُبضت تلقَّاها من أهلِ الرحمةِ من عبادِه كما يَتَلَقَّوْنَ البشيرَ من الدنيا ، فيقولون : أنظِروا صاحبَكم يستريحُ ، فإنه قد كان في كَربٍ شديدٍ ، ثم يسألونَه ماذا فعل فلانٌ ؟ وما فعلت فلانةٌ هل تزوجَتْ ؟ فإذا سألوه عن الرجلِ قد مات قبلَه فيقول أيْهاتَ ، قد مات ذلك قبلي ! ‍ فيقولون : إنا لله وإنا إليه راجعون ذُهِبَ به إلى أمِّه الهاويةِ ، فَبِئْسَتِ الأمُّ وبئْسَتِ المُرَبِّيَةُ ، وقال : وإنَّ أعمالَكم تُعرَضُ على أقاربِكم وعشائرِكم من أهلِ الآخِرةِ ، فإن كان خيرًا فرِحوا واستبشَروا ، وقالوا : اللهم هذا فضلُك ورحمتُك ، وأتمِمْ نعمتَك عليه وأَمِتْهُ عليها، ويُعْرَضُ عليهم عملُ المسيءِ فيقولون : اللهم أَلْهِمْهُ عملًا صالحًا تَرْضَى به عنه وتُقَرِّبُه إليك).
الراوي : أبو أيوب الأنصاري | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الضعيفة
الصفحة أو الرقم: 864 | خلاصة حكم المحدث : ضعيف جداً [ ثم تراجع الشيخ وصححه ، انظر “الصحيحة” : 6 / 605 ] .
أريد رأيكم هل هذا الحديث حجة في هذا الباب ، يعني أن الموتى يعلمون أخبار أقاربهم ونحوه ، أم لأهل العلم قول في هذا الحديث ؟

ملخص الجواب

 الأثر الذي ذكره السائل يصح عن أبي أيوب موقوفا ، ولا يصح مرفوعا .  وقد صح نحوه عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا أيضا . وقد قال جمع من أهل العلم بأن أعمال المؤمنين تعرض على أقاربهم الذين ماتوا ، إن كانوا من أهل الصلاح ، ويسألون عن أحوالهم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الحديث الذي أورده السائل الكريم ، يُروى عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه مرفوعا وموقوفا ، ولا يصح عنه مرفوعا ، وإنما يصح موقوفا ، وبيان ذلك كما يلي :

أولا : الطريق المرفوع

أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير” (4/129) من طريق مَسْلَمَة بْن عُلَيٍّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ .

وأخرجه الحنائي في “فوائده” (246) من طريق عَبْد الْعَزِيزِ بْن وَحِيدِ بْنِ عبد العزيز بن حليم البهراني ، قال حدثني أبي ، قال حدثني عبد العزيز بن حليم ، قال سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بْن ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي .

 كلاهما عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلَامَةَ ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيَّ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( إِنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ تَلَقَّاهَا مِنْ أَهْلِ الرَّحْمَةِ مِنْ عَبَادِ اللهِ كَمَا تَلْقَوْنَ الْبَشِيرَ فِي الدُّنْيَا ، فَيَقُولُونَ: انْظُرُوا صَاحِبَكُمْ يَسْتَرِيحُ ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ ، ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ ، وَمَا فَعَلَتْ فُلَانَةُ؟ هَلْ تَزَوَّجَتْ؟ فَإِذَا سَأَلُوهُ عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ ، فَيَقُولُ: أَيْهَاتَ قَدْ مَاتَ ذَاكَ قَبْلِي ، فَيَقُولُونَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، ذُهِبَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ ، فَبِئْسَتِ الْأُمُّ وَبِئْسَتِ الْمُرَبِّيَةُ ، قَالَ: ” وَإِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا ، وَقَالُوا: اللهُمَّ هَذَا فَضْلُكَ وَرَحْمَتُكَ فَأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ عَلَيْهِ ، وَأَمِتْهُ عَلَيْهَا وَيُعْرَضُ عَلَيْهِمْ عَمَلُ الْمُسِيءِ ، فَيَقُولُونَ: اللهُمَّ أَلْهِمْهُ عَمَلًا صَالِحًا تَرْضَى بِهِ عَنْهُ وتُقَرِّبُهُ إِلَيْكَ ).

وإسناده ضعيف .

فأما طريق الطبراني ففيه ” مسلمة بن علي ” ، متروك ، قال ابن معين :” ليس بشيء ” ، وقال البخاري :” منكر الحديث ” ، وقال النسائي :” متروك الحديث ” . انتهى من “الكامل” لابن عدي (8/12).

وأما طريق الحنائي ففيه عدة مجاهيل ، هم : عبد العزيز بن وحيد بن عبد العزيز بن حليم ، وأبوه ، وجده .

قال الخطيب في “تلخيص المتشابه” (2/726) :” عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ حَلِيمٍ الْبَهْرَانِيُّ ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ. حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ بِنَسْخَةٍ ، يَرْوِيهَا ابْنُهُ وَحِيدٌ عَنْهُ “. انتهى

وأما أبو وجده ، فلم يترجم لهما أحد .

والحديث ضعفه الهيثمي في “مجمع الزوائد” (2/327) ، و العراقي في “المغني عن حمل الأسفار” المطبوع مع إحياء علوم الدين (7/228) ، وقال الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (864) :” ضعيف جدا “. انتهى

وله طريق أخرى إلى أبي أيوب مرفوعا ، ولا تصح أيضا .

أخرجه ابن عدي في “الكامل” (4/311) ، وابن الجوزي في “العلل المتناهية” (2/910) ، من طريق سلام التميمي ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن أبي رهم ، عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا به .

وإسناده ضعيف جدا ، فيه ” سلام بن سلم الطويل ” ، متروك الحديث ، قال ابن حبان في “المجروحين” (1/339) :” يَرْوِي عَن الثِّقَات الموضوعات كَأَنَّهُ كَانَ الْمُتعمد لَهَا “. انتهى .  والحديث ضعفه ابن الجوزي فقال :” هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسلام هو الطويل ، وقد أجمعوا على تضعيفه ، وقال النسائي والدارقطني : متروك “. انتهى

ثانيا : الطريق الموقوف

أخرجه ابن المبارك في “الزهد” (443) ، ومن طريقه ابن أبي الدنيا في “المنامات” (3) ، وابن عدي في “الكامل” (3/302) من طريق محمد بن عيسى بن سميع ، كلاهما عن ثَوْر بْن يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ:( إِذَا قُبِضَتْ نَفْسُ الْعَبْدِ تَلَقَّاهُ أَهْلُ الرَّحْمَةِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ كَمَا يَلْقَوْنَ الْبَشِيرَ فِي الدُّنْيَا ، فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ لِيَسْأَلُوهُ ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَنْظِرُوا أَخَاكُمْ حَتَّى يَسْتَرِيحَ ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي كَرْبٍ ، فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ مَا فَعَلَتْ فُلَانَةٌ؟ هَلْ تَزَوَّجَتْ؟ فَإِذَا سَأَلُوا عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ ، قَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ قَدْ هَلَكَ ، فَيَقُولُونَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ ، فَبِئْسَتِ الْأُمُّ ، وَبِئْسَتِ الْمُرَبِيَّةُ ، قَالَ: فَيُعْرَضُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ ، فَإِذَا رَأَوْا حَسَنًا فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا ، وَقَالُوا: هَذِهِ نِعْمَتُكَ عَلَى عَبْدِكَ فَأَتِمَّهَا ، وَإِنْ رَأَوْا سُوءًا قَالُوا: اللَّهُمَّ رَاجِعْ بِعَبْدِكِ ) .

وإسناده صحيح .

وقد جود إسناده العراقي في “المغني عن حمل الأسفار” المطبوع مع إحياء علوم الدين (7/228) ، وصححه الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (2758) .

ثانيا :

وأما قضية سؤال أرواح المؤمنين روح العبد المؤمن ، ممن مات حديثا ، عن أهلهم ، دون عرض الأعمال ، فقد ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث التالي :

وهو ما أخرجه النسائي في “سننه” (1833) ، وابن حبان في “صحيحه” (3014) ، والبزار في “مسنده” (9540) ، والحاكم في “المستدرك” (1302) ، والبيهقي في “إثبات عذاب القبر” (36) ، من طريق قَتَادَةَ ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ ، فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَرَيْحَانٍ ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ ، فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ ، حَتَّى إنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ ، فَيَقُولُونَ: مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ، فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ ، فَيَسْأَلُونَهُ: مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا ، فَإِذَا قَالَ: أَمَا أَتَاكُمْ؟ قَالُوا: ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ ، إِلَى عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ ، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ الْأَرْضِ ، فَيَقُولُونَ: مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ ، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ ).

وإسناده صحيح .

وقد جود إسناده العراقي في “المغني عن حمل الأسفار” المطبوع مع إحياء علوم الدين (7/228) ، وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية ، كما في “مجموع الفتاوى” (5/450) ، وصححه أيضا الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (1309).

ثالثا :

وأما قضية معرفة الموتى بأحوال أهلهم في الدنيا ، فقد جاء فيها عدة أحاديث مرفوعة ، وآثار موقوفة ، بيانها كما يلي :

الأحاديث المرفوعة :

الحديث الأول :

أخرجه عبد الله بن أحمد في “السنة” (1447) ، والطبري في “تهذيب الآثار” (2/502) ، والبزار في “مسنده” (9760) ، من طريق يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( إِنَّ الْمُؤْمِنَ حِينَ يَنْزِلُ بِهِ الْمَوْتُ وَيُعَايِنُ مَا يُعَايِنُ وَدَّ أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ ، وَاللَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَهُ ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُصْعَدُ بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، فَتَأْتِيهِ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْتَخْبِرُونَهُ عَنْ مَعَارِفِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَإِذَا قَالَ: تَرَكْتُ فُلَانًا فِي الدُّنْيَا ، أَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ ، فَإِذَا قَالَ: إِنَّ فُلَانًا قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا قَالُوا: مَا جِيءَ بِرُوحِ ذَلِكَ إِلَيْنَا ).

وإسناده حسن ، لأجل الوليد بن القاسم ، فقد وثقه أحمد ، وضعفه ابن معين ، وقال أحمد أيضا :” كتبنا عنه أحاديث حسانا عن يزيد بن كيسان فاكتبوا عنه “. كذا من “تهذيب التهذيب” (245) .وقد حسن سنده الشيخ الألباني في “الآيات البينات” (ص91) .

الحديث الثاني :

أخرجه أبو داود الطيالسي في “مسنده” (1903) ، من طريق الصلت بن دينار ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى عَشَائِرِكُمْ وَأَقْرِبَائِكُمْ فِي قُبُورِهِمْ ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا بِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالُوا: اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِطَاعَتِكَ ).

وإسناده ضعيف .

 فيه انقطاع بين الحسن وجابر بن عبد الله ، فإنه لم يسمع منه ، كما قال علي بن المديني وأبو زرعة ، ذكره عنهما ابن أبي حاتم في “المراسيل” (112) ، (113) .

الحديث الثالث :

أخرجه ابن أبي الدنيا في “المنامات” (1) ، والدولابي في “الكنى والأسماء” (519) ، والحكيم الترمذي في “نوادر الأصول – النسخة المسندة” (920) ، وأبو الشيخ في “الأمثال” (413) ، والحاكم في “المستدرك” (7849) ، من طريق يحيى بن صالح الوحاظي ، قال ثنا أبو إسماعيل شيخ من السكون ، قال سمعت مالك بن أدي ، قال سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:( أَلَا إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مِثْلُ الذُّبَابِ تَمُورُ فِي جَوِّهَا ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي إِخْوَانِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ ، فَإِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيْهِمْ ).

إسناده ضعيف .

وقد ضعفه العراقي في “المغني عن حمل الأسفار” المطبوع مع إحياء علوم الدين (7/227) ، وكذلك الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (443).

الحديث الرابع :

أخرجه ابن أبي الدنيا في “المنامات” (2) ، وقوام السنة في “الترغيب والترهيب” (156) ، من طريق عَبْد اللَّهِ بْن شَبِيبٍ ، قال ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ شَيْبَةَ الْحِزَامِيُّ ، قال ثَنَا فُلَيْحُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قال ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، وَالْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( لَا تَفْضَحُوا مَوْتَاكُمْ بِسَيِّئَاتِ أَعْمَالِكُمْ ، فَإِنَّهَا تُعْرَضُ عَلَى أَوْلِيَائِكُمْ  مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ ).

وإسناده ضعيف .

وقد ضعف سنده العراقي في “المغني عن حمل الأسفار” المطبوع مع إحياء علوم الدين (7/227) ، والسخاوي في “المقاصد الحسنة” (1296)

الحديث الخامس :

أخرجه أحمد في “المسند” (12683) ، و أبو يعلى في “مسنده” كما في “غاية المقصد في زوائد المسند” (1267) ، من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قال أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَمَّنْ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنَ الْأَمْوَاتِ ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا بِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ ، قَالُوا: اللهُمَّ لَا تُمِتْهُمْ حَتَّى تَهْدِيَهُمْ كَمَا هَدَيْتَنَا ).

وإسناده ضعيف .

فيه من لم يسم ، ولذا ضعفه الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (863) .

وغالب الظن أنه أبان بن أبي عياش ، فإنه قد رواه الحكيم الترمذي في “نوادر الأصول – النسخة المسندة” (924) من طريق قبيصة ، عن سفيان ، عن أبان بن أبي عياش ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن أعمالكم تعرض على عشائركم وأقاربكم من الموتى ، فإن كان خيرا استبشروا به ، وإن كان غير ذلك قالوا اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا ) .

وهذا الإسناد موضوع ، فإن أبان بن أبي عياش متروك باتفاق المحدثين ، واتهمه شعبة وغيره بالكذب .

الحديث السادس :

أخرجه الحكيم الترمذي في “نوادر الأصول – النسخة المسندة” (925) من طريق عبد العزيز بن عبد الله البصري ، عن كثير بن هشام ، قال حدثني عبد الغفور بن عبد العزيز ، عن أبيه ، عن جده قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم :( تعرض الْأَعْمَال يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس على الله ، وَتعرض على الْأَنْبِيَاء ، وعَلى الْآبَاء والأمهات يَوْم الْجُمُعَة ، فيفرحون بحسناتهم ، وتزداد وُجُوههم بَيَاضًا وإشراقا ، فَاتَّقُوا الله وَلَا تُؤْذُوا أمواتكم ).

والحديث موضوع ، فيه ” عبد الغفور بن عبد العزيز ” ، كذاب ، قال ابن حبان في “المجروحين” (2/148) :” كان ممن يضع الحديث على الثقات “. انتهى

 والحديث قال فيه الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (1480) :” موضوع “. انتهى

ثانيا : الآثار الموقوفة :

الأثر الأول :

أخرجه الطبري في “تهذيب الآثار” (2/510) من طريق محمد بن بشار ، قال حدثنا عبد الرحمن بن عثمان ، قال حدثنا عوف ، عن خلاس بن عمرو ، عن أبي هريرة قال :( إن أعمالكم تعرض على أقربائكم من موتاكم ، فإن رأوا خيرا فرحوا به ، وإن رأوا شرا كرهوه ، وإنهم يستخبرون الميت إذا أتاهم من مات بعدهم ، حتى إن الرجل يسأل عن امرأته أتزوجت أم لا ، وحتى الرجل يسأل عن الرجل فإذا قيل قد مات قال : هيهات ذهب ذاك ، فإن لم يحسوه عندهم قالوا : إنا لله وإنا راجعون ، ذهب به إلى أمه الهاوية ، فبئس المربية ).

وإسناده حسن في الشواهد ، لأجل عبد الرحمن بن عثمان بن أمية ، فقد ضعفه ابن معين ، والنسائي ، وقال أحمد :” لا بأس به ” ، وقال أبو حاتم :” ليس بقوي ، يكتب حديثه ولا يحتج به ” ، وقال البخاري :” لم يتبين لي طرحه ” ، كذا من “تهذيب التهذيب” (459) .

الأثر الثاني :

أخرجه عبد الله بن المبارك في “الزهد” (165) ، ومن طريقه ابن أبي الدنيا في “المنامات” (4) ، وأبو داود في “الزهد” (211) ، وقوام السنة في “الترغيب والترهيب” (157) ، من طريق صَفْوَان بْن عَمْرٍو ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمن بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، كَانَ يَقُولُ:( إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى مَوْتَاكُمْ ، فَيُسَرُّونَ وَيُسَاءُونَ ) ، قَالَ: يَقُولُ أَبُو الدَّرْدَاءِ:” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا يُخْزَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ “.

وجاء في “الزهد” لابن المبارك : عبد الله بن جبير بن نفير.

وإسناده فيه انقطاع بين عبد الرحمن بن جبير بن نفير وأبي الدرداء ، فإنه ليست له رواية عنه ، وأبو الدرداء توفي سنة 32 هـ ، وعبد الرحمن توفي سنة 118هـ ، ولعله أخذه عن أبيه جبير بن نفير فإنه يروي عن أبي الدرداء .

ومما سبق يتبين أنه صح عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا ، وعن أبي أيوب موقوفا : أن أعمال المؤمنين تعرض على أرواح أقاربهم من أهل الإيمان .

رابعا :

وهذه المسألة قال بها جمع من أهل العلم ، ومن هؤلاء :

أبو القاسم الأصبهاني :

حيث عقد فصلا في كتابه “الحجة في بيان المحجة” (2/331) فقال :” فصل : فيمن ينكر أن الأموات يعلمون بأخبار الأحياء ويسمعون .. ثم ساق الأدلة على ثبوت ذلك “. انتهى

الإمام القرطبي :

حيث قال في “التذكرة” (ص61) :” باب ما جاء في تلاقي الأرواح في السماء ، والسؤال عن أهل الأرض ، وفي عرض الأعمال … ثم ساق بعض الآثار الموقوفة .

ثم قال : هذه الأخبار ، وإن كانت موقوفة ؛ فمثلها لا يقال من جهة الرأي “. انتهى

شيخ الإسلام ابن تيمية :

حيث قال شيخ الإسلام في “مجموع الفتاوى” (24/303):” وَأَرْوَاحُ الْأَحْيَاءِ إذَا قُبِضَتْ تَجْتَمِعُ بِأَرْوَاحِ الْمَوْتَى ، وَيَسْأَلُ الْمَوْتَى الْقَادِمَ عَلَيْهِمْ عَنْ حَالِ الْأَحْيَاءِ فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ تَزَوَّجَ ، فُلَانٌ عَلَى حَالٍ حَسَنَةٍ. وَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُ: أَلَمْ يَأْتِكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا ؛ ذُهِبَ بِهِ إلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ “. انتهى

ابن القيم :

حيث قال في “الروح” (ص17) :” الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وهى أَن ارواح الْمَوْتَى هَل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر أم لَا ؟

قال : وَهِي أَيْضا مَسْأَلَة شريفة كَبِيرَة الْقدر ، وجوابها : أَن الْأَرْوَاح قِسْمَانِ : أَرْوَاح معذبة ، وأرواح منعمة . فالمعذبة فِي شغل بِمَا هى فِيهِ من الْعَذَاب عَن التزاور والتلاقي ، والأرواح المنعمة الْمُرْسلَة غير المحبوسة تتلاقي وتتزاور وتتذاكر مَا كَانَ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا وَمَا يكون من أهل الدُّنْيَا “. انتهى

الحافظ ابن حجر العسقلاني :

حيث سئل كما في ” أسئلة من خطّ الشَّيْخ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي وَالْجَوَاب عَلَيْهَا ، جمع شيخ الْإِسْلَام الْقُسْطَلَانِيّ” ، وهو مطبوع مع كتاب “الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع” لابن حجر (ص86) فقال :” وَأما قَوْله إِذا دفن الْمَيِّت ، قَرِيبا من قبر آخر ، أَو بَعيدا ؛ هَل يعرفهُ ويسأله عَن أَحْوَال الدُّنْيَا ؟ فَالْجَوَاب : نعم ، قد ورد فِي ذلك عدَّة أَحَادِيث .. ثم ساق بعض هذه الأحاديث والآثار “. انتهى

ابن حجر الهيتمي :

حيث سئل كما في الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي (2/29) :” وَسُئِلَ فَسَّحَ اللَّهُ في مُدَّتِهِ هل يَعْلَمُ الْأَمْوَاتُ بِأَحْوَالِ الْأَحْيَاءِ وَبِمَا هُمْ فيه فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نعم … ثم ساق الأحاديث والآثار الدالة على ذلك “. انتهى

الإمام السيوطي :

حيث قال في “الحاوي في الفتاوي” (2/161) :” وأما المسألة الثانية ، وهي علم الأموات بأحوال الأحياء ، وبما هم فيه : فنعم أيضاً .. ثم ساق الأدلة على ذلك “. انتهى.

وختاما :

يتلخص مما سبق : أن الأثر الذي ذكره السائل يصح عن أبي أيوب موقوفا ، ولا يصح مرفوعا .  وقد صح نحوه عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا أيضا .

وقد قال جمع من أهل العلم بأن أعمال المؤمنين تعرض على أقاربهم الذين ماتوا ، إن كانوا من أهل الصلاح ، ويسألون عن أحوالهم .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android