بعد وفاة أبى ـ أسأل الله العظيم له الرحمه والعفو والمغفرة ـ ورثنا عقار عن أبينا ، ولم نرث أموال نقدية ، ولظروف المعيشة ، ومرض والدتنا ـ أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيها شفاء لا يغادر سقما ـ قمنا بالاستدانة ، وخصوصا الأخ الأكبر أكثر من استدان ، وحتى من كان يستدين من باقى الأخوة يعطى المبلغ للأخ الأكبر ؛ لأنه هو المسؤول . فسؤالى : عند بيع العقار هل نستخرج قيمة الدين قبل التقسيم ، ثم نقسم الباقى بين الورثة ؟ وهل يمكن للأخ الأكبر كتمان قيمة الإرث الحقيقية خوفا على إخوته من إهدار المال ، وهذا بعلم البعض ، وبضمان حقهم عند محامى ؟ وأخيرا نسألكم الدعاء لأمى بالشفاء ، ولأبى بالرحمة والمغفرة .
استدانوا لعلاج والدتهم فهل يخصموه من التركة قبل تقسيمها؟
السؤال: 278446
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا احتاجت الأم إلى علاج ولم يكن لها مال، وجب علاجها على أولادها إن كانوا قادرين؛ لأن العلاج من جملة النفقة، ونفقة الأم تجب على من قدر من أولادها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/ 168): " (ويجبر الرجل على نفقة والديه ، وولده ، الذكور والإناث ، إذا كانوا فقراء ، وكان له ما ينفق عليهم) .
الأصل في وجوب نفقة الوالدين والمولودين : الكتاب والسنة والإجماع ; أما الكتاب فقول الله تعالى: فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن. أوجب أجر رضاع الولد على أبيه ، وقال سبحانه: وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقال سبحانه: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما.
ومن السنة : قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
وروت عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه. رواه أبو داود.
وأما الإجماع ، فحكى ابن المنذر قال: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ، ولا مال : واجبة في مال الولد ، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.
ولأن ولد الإنسان بعضه ، وهو بعض والده ، فكما يجب عليه أن ينفق على نفسه وأهله ، كذلك على بعضه ، وأصله " انتهى.
ثانيا:
إذا لم يكن للأولاد مال، فاستدانوا لعلاج والدتهم :
فإن نَوَوُا الرجوع والمطالبة بذلك : فلهم الرجوع، فيأخذون ما استدانوا من الأم عند مقدرتها، أو من تركتها بعد وفاتها.
وإن لم ينووا الرجوع والمطالبة : فهم متبرعون، وليس لهم المطالبة فيما بعد.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/ 205) : " لي والد يناهز من العمر حوالي خمسة وسبعين عاما، ولا زال على قيد الحياة، له بيت مبني من الطين وقديم ويقع في مكان مناسب، وقمت بهدم البيت وإعادة بنائه من جديد من المسلح على حسابي أنا … الخ ".
وجاء في الجواب : " أما ما ذكرته من إنفاقك على بيت أبيك ، فإن كنت متبرعا بذلك في قرارة نفسك ، وقت الإنفاق : فالله يأجرك ، وليس لك الرجوع به على والدك .
وإن كنت أنفقته بنية الرجوع : فلك ذلك " انتهى .
ثالثا:
أما العقار الموروث عن الأب، فإن كان السؤال عن الرجوع بالدين ، على نصيب الأم منه، ففيه التفصيل السابق.
وإن كان المراد سداد الدين من نصيب الأولاد قبل قسمته، فهذا راجع إليهم، وإلى نية الأخ الأكبر حين استدان، فإن اتفقوا على أن يشتركوا جميعا في سداد الدين ، وأن يخرجوه قبل قسمة التركة : فلا حرج.
وإن قال الأخ الأكبر إنه نوى الاستدانة عن نفسه فقط ، ولم ينو الرجوع على إخوانه : فإن الدين يلزمه وحده، إلا أن يرضى إخوانه بمشاركته.
رابعا:
ما دام الورثة بالغين راشدين : فليس لأحد من الورثة أن يكتم قدر الإرث الحقيقي عن بقية الورثة، سواء خاف على إخوانه إهدار المال أو لا.
وإن كان في الورثة قاصر : فإن نصيبه يكون تحت رعاية الوصي عليه، أو وليه في ماله الذي تعينه المحكمة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب