تنزيل
0 / 0

حكم كتابة قصة خيالية مستوحاة من القرآن

السؤال: 278767

عندي سؤال بخصوص كتابة قصص خيالية كتبتها ، والتى تتركز على فترة زمن ما بعد موت سيدنا آدم ، حيث إني تصورت عالم روايتي كمثل القرون الوسطى بقارة أوروبا ، ولكني شبهت أن ربنا جل وتعالى خلق جنسا آخر غير الإنسان ليعبده ، ويعمر الأرض ، ولكن مع الزمن تقاتل كلا الجنسين ، ونسيا سبب وجودهم في الأرض ، الفكرة أنني أبتعدت عن ذكر الأنبياء والملائكة ، وركزت على القتال بين الجنسين. مع العلم أن الجنس الثاني مستوحا بشكل كبير من الجن ، وأيضا يتم ذكر مثالا عن شخصيات في القرآن الكريم مثل : يأجوج ومأجوج في آية الكهف ، والملكين ببابل هاروت وماروت في آية البقرة ، واجتماع نفر من الجن في آية الجن ، وحتى شخصيات من قصص الأنبياء كمثل مسيلمة الكذاب ، القصص تتراوح عن فتى وشخصية على شكل روح مستوحاة من الشيطان الرجيم ، وكيف يكذب ويلعب بعقل الفتى ، كل أسماء الشخصيات في القصص من تأليفي لا يوجد مثلها في القرآن ، إذا كان كل الذي أكتبه حراما ، وغير مسموح به في دين الإسلام ، فهل أستطيع وضع صفحة بأول الكتاب فيها أن كل شئ بالكتاب غير حقيقي ، وبها تحل مشكلة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

كتابة القصص الخيالية : محل خلاف بين أهل العلم، بين مانعٍ ومبيح بشروط .

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (174829) واخترنا القول بالجواز إذا كان المخاطب والقارئ يعلم أن القصة خيالية لم تقع ، ويمكن أن ينبه على ذلك في مقدمتها .

ويشترط أن لا تتضمن دعوة لمحرم ، أو ترويجا لباطل، بل تهدف إلى نشر الخير والدعوة إلى الحق.

ومن كلام أهل العلم في جواز هذه القصص:

قال في “الدر المختار”: “وحديث حدثوا عن بني إسرائيل يفيد حل سماع الأعاجيب والغرائب ، من كل ما لا يتيقن كذبه بقصد الفرجة ، لا الحجة .

بل وما يتيقن كذبه ، لكن بقصد ضرب الأمثال والمواعظ ، وتعليم نحو الشجاعة على ألسنة آدميين أو حيوانات . ذكره ابن حجر” انتهى.

قال ابن عابدين في حاشيته عليه (6/ 405): “(قوله لكن بقصد ضرب الأمثال إلخ) وذلك كمقامات الحريري، فإن الظاهر أن الحكايات التي فيها عن الحارث بن همام والسروجي : لا أصل لها، وإنما أتى بها على هذا السياق العجيب لما لا يخفى على من يطالعها .

وهل يدخل في ذلك مثل قصة عنترة والملك الظاهر وغيرهما ؟

لكن هذا الذي ذكره إنما هو عن أصول الشافعية، وأما عندنا فسيأتي في الفروع، عن المجتبى: أن القصص المكروه : أن يحدث الناس بما ليس له أصل معروف من أحاديث الأولين ، أو يزيد، أو ينقص ليزين به قصصه إلخ ، فهل يقال عندنا بجوازه إذا قصد به ضرب الأمثال ونحوها ؟ يحرر.

(قوله على ألسنة آدميين أو حيوانات) أي أو جمادات ، كقولهم : قال الحائط للوتد : لم تخرقني؟ قال : سل من يدقني (قوله ذكره ابن حجر) أي المكي في شرحه على المنهاج” انتهى.

وقال محمد عبد الحي الكتاني في “التراتيب الإدارية” (2/ 157): “وفي فتاوى ابن حجر الهيتمي: مقامات الحريري على صورة الكذب ظاهرا ، ولكنها في الحقيقة ليست كذلك، وإنما هي ضرب الأمثال، وإبراز الطرق الغريبة والأسرار العجيبة ، والبديع الذي لم ينسج على منواله ، ولا خطر بفكر أديب ، فشكر الله سعي واضعها” انتهى.

ثانيا:

إذا تضمنت القصة الإشارة إلى زمن معين، وهو ما بعد آدم عليه السلام، فإن عرضه في صورة القرون الوسطى في أوروبا : يعتبر من الكذب ، وتغيير الحقائق التاريخية ؛ فإن حال الناس في ذلك الزمان لم يكن على ذلك ، بل كانوا على توحيد الله جل وعلا ، والإيمان به .

واستمر الناس على ذلك زمنا ، ثم حدث الشرك في قوم نوح بعد عشرة قرون ، كما قال تعالى : (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) البقرة/213 .

قال ابن عباس في تفسيرها : ” كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق. فاختلفوا ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين “..

قال ابن كثير رحمه الله بعد نقله عن ابن عباس وتصحيحه : ”  لأن الناس كانوا على ملة آدم، عليه السلام ، حتى عبدوا الأصنام ، فبعث الله إليهم نوحًا عليه السلام ، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (1/569).

وينظر جواب السؤال رقم : (128148) .

ومثل ذلك ما ذكر من خلق جنس آخر ، وصراعه مع الإنس : يعتبر كذبا ، وقولا على الله ، بغير علم ، وتغييرا للتاريخ والواقع .

وهذا ينطبق أيضا على القصة المستوحاة من القرآن ، إذا أضيف إليها ما لم يثبت من الأحداث والوقائع.

والمخرج من ذلك أن تخلو القصة من الربط بزمن معين ، أو أحداث معلومة ، أو أسماء معروفة.

ولو انشغلت بما تحسنه ، وما تخصصت فيه ، لكان أنفع لك وللناس ، وأبعد لك عن الريبة وحزازة الصدر :

عَنْ أَبِي الحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ، قَالَ: ” قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ ) . رواه الترمذي (2518) وقال : هذا حديث صحيح . وصححه الألباني .

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android