أنا لدي أخ من أب هجر عائلته عدا أمه ، ولديّ أب لا يعدل في العطايا ، ولكن الظاهر من إخوتي الرضا على ذلك ، ولكن الأخ الذي هجرنا ، هجرنا من فترة طويلة ، وحاولنا أن نصلح بيننا ، ولكن لا فائدة معه ، وحاولنا مراراً ، ولا توجد فائدة . السؤال : أبي يعطيني عطايا أو هبة لي ، ولا يعطيها إخوتي ، ويفعل معهم كذلك ، ويبدو الرضى منهم ، فهل لابد أن أتذكر العطايا التي أعطاها أبي ، وأعطي إخوتي منها نصيبا ؟ وكيف أعطي أخي الذي هجرنا ؟ وكيف أعرف هل هو راض أم لا ؟ علماً بأنه هو الذي هجرنا بنفسه ، وأبي فيما أعلم أنه يعطينا ولا يعطيه . وسؤالي باختصار : لدي عطايا من أبي مضت ، فهل أقسمها على إخوتي ؟ وكيف أعطيها أخي الذي هجرنا لأنني لا أعرف بيته ؟
يفضل بين أولاده في العطية ويظهرون الرضى وله ابن قد هجر البيت فلا يعطيه
السؤال: 279117
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يلزم الأب أن يعدل بين أبنائه في العطية ؛ لما روى البخاري (2587) ، ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : ” تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ : لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ ؟ قَالَ: لَا ، قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ ، وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ “.
فيحرم أن يفاضل بينهم في العطية ، إلا إذا رضوا بذلك عن طيب نفس ، لا حياء أو خوفا.
وعليه ؛ فلو كان أبوك حيا، فينبغي نصحه بالعدل وترك التفضيل، فإن لم يفعل ورضي أولاده، فلا حرج.
ثانيا:
ينبغي أن تبحثوا عن أخيكم ، وتعملوا على الإصلاح بينه وبين أبيكم ، وإزالة ما في النفوس من الشحناء.
فإذا ظل الابن على هجرانه لأبيه وبيته ، وعقوقه له : فالذي يظهر أنه لا حرج على الوالد في أن يمنعه من عطيته ، وهديته ، حتى يعود إلى بيته ، ويتوب من عقوقه وقطيعته .
وقد استثنى بعض أهل العلم الابن العاق، فقالوا: لا يكره تفضيل غيره عليه.
قال في “مغني المحتاج” (3/ 567): ” ويستثنى العاق والفاسق ، إذا علم أنه يصرفه في المعاصي: فلا يكره حرمانه” انتهى.
وينبغي أن يكون هذا الحرمان ، والتضييق عليه : مجرد وسيلة للتأديب والتربية ، ليعود إلى أبيه ، وعائلته ، ويكف عن قطيعته وهجرانه .
فإن فعل ، عاد عليه الأب بعطيته ، مثل إخوانه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” فلو كان أحد الأولاد فاسقا ، فقال والده : لا أعطيك نظير إخوتك حتى تتوب ؛ فهذا حسن ، يتعين استثناؤه .
وإذا امتنع من التوبة : فهو الظالم .
فإن تاب : وجب عليه أن يعطيه ” انتهى من “المستدرك على مجموع الفتاوى” (4/112) .
وإذا مات والدكم ، وقد فضل بعض الأبناء على بعض في العطية ، لزم إدخال المال في التركة ليقسم على جميع الورثة ، ما لم يرضوا بالتفضيل.
وينظر: جواب السؤال رقم : (225739) ، ورقم : (72793) .
ثالثا:
العدل إنما يجب في العطية الزائدة على النفقة، وأما النفقة، فيعطى كل إنسان ما يحتاجه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” لا يجوز للإنسان أن يفضل بعض أبنائه على بعض إلا بين الذكر والأنثى فإنه يعطي الذكر ضعف ما يعطي الأنثى لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ” فإذا أعطى أحد أبنائه 100 درهم وجب عليه أن يعطي الآخرين مائة درهم ويعطي البنات 50 درهما ، أو يرد الدراهم التي أعطاها لابنه الأول ويأخذها منه .
وهذا الذي ذكرناه في غير النفقة الواجبة ، أما النفقة الواجبة فيعطي كلا منهم ما يستحق فلو قدر أن أحد أبنائه احتاج إلى الزواج ، وزوجه ودفع له المهر لأن الابن لا يستطيع دفع المهر، فإنه في هذه الحال لا يلزم أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى لهذا الذي احتاج إلى الزواج ، ودفع له المهر، لأن التزويج من النفقة … ” انتهى “من فتاوى إسلامية “(3 / 30) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة