قرأت على موقعكم أنه من شروط الخلوة الصحيحة حتى تترتب عليها آثارها أنه لو أراد وطأها لم تمنعه(بأن تكون مطاوعة) ، فهل لا بد له من طلب ذلك صريحا ، أم إذا غلب على ظنه أنها ستمتنع ـ وهذا غالب أكثر النساء ، حيث إنها لا ترضى أن يتم الدخول بها قبل ليلة الدخلة خوفا على عرضها وسمعتها ـ أم لا بد له من محاولة ذلك ؟
إذا خلا بها وغلب على ظنه أنها تمنعه من الوطء فهل هذه خلوة صحيحة تقرر المهر كاملا والعدة؟
السؤال: 279706
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الاجابة
قد سبق في جواب السؤال رقم (268304) الخلاف في الخلوة وما تقرره، وشروط الخلوة التي يترتب عليها الأحكام عند القائلين بذلك ، وهم الجمهور، وحاصل هذه الشروط ما يلي:
1-أن يعلم الزوج بوجودها.
2-أن لا يكون معهما مميز.
3-أن لا تمنعه من وطئها لو أراد.
4-وأضاف بعض الفقهاء وهم الحنفية ألا يكون بها مانع شرعي يمنع الوطء كالحيض، وألا يكون به مانع شرعي كالإحرام والصيام، أو مانع حسي كالمرض.
وقد علل الفقهاء ثبوت الأحكام بالخلوة بأنها مظنة الوطء، أو أنها سلمت نفسها فاستحقت البدل وهو المهر .
أو أنه استباح منها ما لا يستباح إلا بالنكاح، كما يقول الحنابلة، وعلى هذا الأخير فلو قبلها أو لمسها استقر المهر.
ويتجه على هذا القول أنه لو خلا بها فمنعته الوطء : استقر المهر.
قال ابن رجب رحمه الله: ” وهذا يرجع إلى أن الخلوة مقررة ؛ لمظنة الوطء.
ومن الأصحاب من قال: إنما قررت لحصول التمكين بها ، وهي طريقة القاضي .
وردّها ابن عقيل بأن الخلوة مع الجب لا تمكين بها، قال : وإنما قررت لأحد أمرين: إما لإجماع الصحابة وهو حجة ، أو لأن طلاقها بعد الخلوة بها ، وردها زهدا فيها ، فيه ابتذال وكسر لها ، فوجب جبره بالمهر.
وقيل : بل المقرِّر هو استباحة ما لا يستباح إلا بالنكاح ، من المرأة ؛ فدخل في ذلك الخلوة واللمس بمجردهما ; لأن ذلك كله معقود عليه في النكاح ، والمهر يستقر بنيل بعض المعقود عليه ؛ لا يقف على نيل جميعه .
وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية حرب ، قيل له : فإن أخذها وعندها نسوة ، فمسها وقبض عليها ونحو ذلك ، من غير أن يخلو بها ؟
قال : إذا نال منها شيئا لا يحل لغيره : فعليه المهر .
وعلى هذا ، فقال الشيخ تقي الدين : يتوجه أن يستقر المهر بالخلوة وإن منعته الوطء ، بخلاف ما ذكره ابن حامد والقاضي والأصحاب” انتهى من “القواعد” ص330
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: ” ويتقرر المهر بالخلوة وإن منعته الوطء، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية حرب. وقيل له: فإن أخذها وعندها نسوة وقبض عليها ونحو ذلك من غير أن يخلو بها؟ قال: إذا نال منها شيئًا لا يحل لغيره فعليه المهر” انتهى من المستدرك على مجموع الفتاوى (4/ 199).
والمشهور عند الحنابلة: أنه يشترط ألا تمنعه من الوطء.
قال المرداوي الحنبلي رحمه الله في “الإنصاف” (21/227): “فعلى المذهب ، يتقرر المهر كاملا إن لم تمنعه؛ بشرط أن يعلم بها” انتهى .
وقال البهوتي في شرح المنتهى (3/ 22): ” (ولم تمنعه) الزوجة من وطئها ، فإن منعته لم يتقرر المهر ، لعدم التمكين التام” انتهى.
وعند الحنفية في هذا الشرط خلاف.
قال في مجمع الضمانات، ص 346: ” خلا بها، ولم تمكنه من نفسها : ففيه اختلاف المشايخ المتأخرين” انتهى.
وينظر: الفتاوى الهندية (1/ 305)، حاشية ابن عابدين (3/ 122).
ومما ذكره الحنفية في شروط الخلوة:
قال في “كنز الدقائق”: ” والخلوة بلا مرض أحدهما وحيض ونفاس وإحرام وصوم فرض كالوطء”.
قال في شرحه تبيين الحقائق (2/ 142) : ” ثم المصنف رحمه الله شرط أن تكون الخلوة بلا مانع من الموانع التي ذكرها ; لأنه لا يتمكن من الوطء مع المانع ، والخلوة إنما جعلت كالدخول للتمكن منه ؛ ومع المانع لا يتمكن فلا تكون صحيحة.
والموانع ثلاثة أنواع: حسي وطبعي وشرعي…. “
ثم ذكر تفاصيل الموانع المذكورة في المذهب .
وعلى القول باشتراط التمكين التام ، وألا تمنعه من وطئها: فلو غلب على الظن أنها تمنعه ، لأن الدخول قد حدد له ليلة معينة ، والغالب أن المرأة تأبى الوطء قبل ذلك حماية لعرضها وسمعتها:
فالظاهر من كلامهم : أنها إذا لم تمنعه ، فقد حصلت الخلوة، ويشهد له المنقول عن الصحابة فيمن أغلق بابا أو أرخى سترا وأن العجز إنما جاء من قبله، فإذا خلا الرجل بامرأته في مكان يمكنه فيه وطؤها دون اطلاع أحد عليهما، وفي مدة تتسع للوطء، فلم يتقدم إليها، ولم يظهر منها ما يمنع الوطء لو أراده، فهذه خلوة صحيحة.
وأما إذا لم تمكنه صراحة، أو ظهر منها الامتناع قولا أو فعلا، فأمسك عن وطئها لذلك، فلا تكون هذه خلوة صحيحة.
وعلى القول بأنه استباح منها ما لا يستباح إلا بالنكاح، كما يقول الحنابلة ؛ فإنه لو قبلها أو لمسها لشهوة : استقر المهر.
وهذه ، وأمثالها ، من مسائل النزاع والنظر : مما يرجع فيه إلى القضاء الشرعي ، والمعمول به في بلادكم ، ليفصل النزاع بين الطرفين .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة