بت في مني يوم عشر ذي الحجة ليلة الحادي عشر ، وفي صباح يوم الحادي عشر أصابتني حمى ، وارتفاع شديد في درجة الحرارة ، ولم أستطيع الرمي ، ودخلت المستشفي إلي الساعة الواحدة فجراً إلي أن تحسنت حالتي ، فذهب لرمي الحادي عشر والثاني عشر ، علماً بأني عند كل جمرة رميتها سبعة بنية الحادي عشر ، وسبعة بنيه الثاني عشر
إلي أن وصلت جمرة العقبة ، فهل رمي صحيح بهذه الطريقة ؟ وما الواجب علي ؟
مرض فلم يرم الجمار إلا في اليوم الثاني عشر، وبدأ برمى الصغرى عن يومين ثم الوسطى ثم الكبرى، فهل يصح رميه ؟
السؤال: 279808
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يرمي الحاج الجمرات الثلاث في اليوم الأول من أيام التشريق ، فيرمي الأولى وهي الصغرى بسبع حصيات ، ثم الثانية وهي الوسطى ، ثم الثالثة وهي الكبرى وتسمى جمرة العقبة .
ثم يعيد الكرّة في اليوم الثاني فيرميها كما رماها في اليوم الأول ، ثم في اليوم الثالث كذلك إن لم يكن تعجل .
ويرخص لمن كان منزله أقصى منى ، ويشق عليه أن يتردد كل يوم ، وللمرضى والرعاة ونحوهم، فيرخص لهم أن يؤخروا الرمي عن اليوم الحادي عشر، فيجمعوه مع رمي الثاني عشر.
والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة أن يرموا يوماً ويدعوا يوما .
روى مالك في الموطأ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى ، يرمون يوم النحر ، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ، ليومين ، ثم يرمون يوم النفر “…
قال مالك : ” تفسير ذلك فيما نرى- والله أعلم- : أنهم يرمون يوم النحر، فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد، وذلك يوم النفر الأول، ويرمون لليوم الذي مضى، ثم يرمون ليومهم ذلك ” ؛ لأنه لا يقضي أحد شيئا حتى يجب عليه ، فإذا وجب عليه ومضى : كان القضاء بعد ذلك، فإن بدا لهم في النفر : فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد ، رموا مع الناس يوم النفر الآخر ، ونفروا” انتهى من “الموطأ” (3/599) .
وقال الباجي أيضا : “قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة ، خارجين عن منى: يقتضي أن هناك منعا خاصا ، هذا منه؛ لأن لفظة (رخصة) : لا تستعمل إلا فيما يخص من المحظور للعذر، وذلك أن للرعاء عذرا في الكون مع الظَّهْر الذي لا بد من مراعاته ، والرعي به ، للحاجة إلى الظَّهر في الانصراف إلى بعيد البلاد، وقد قال تعالى: (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ) .
فأبيح لهم ذلك ؛ لهذا المعنى ” انتهى من “المنتقى شرح الموطأ” (3/51) .
قال الشيخ ابن عثيمين :
” لا يجوز أن يؤخر رمي يوم إلى اليوم الآخر ، إلا لعذر ؛ كما لو كان منزله في أقصى منى ويشق عليه أن يتردد كل يوم ، وكالإنسان المريض الذي يشق عليه أن يرمي كل يوم .
ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة : أن يرموا يوماً ، ويدعوا يوما .
فقوله : ( رخص ) : يدل على أن رميها كل يوم : عزيمة” انتهى من “التعليق على الكافي” .
ثانيا :
إذا جمع الرمي فإنه يرميه بالترتيب حسب الأيام ، فيرمي الجمرات الثلاث لليوم الأول ، فيبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى .
ثم يرجع فيرمي عن اليوم الثاني : الصغرى ، ثم الوسطى ، ثم الكبرى .
وقد نص الفقهاء على ذلك .
ينظر “المغني” (5/333) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرحه للزاد :
“ويرتبه بنيته” أي يرتب الأيام بنيته .
فمثلاً : يبدأ برمي أول يوم بالأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة .
ثم يعود فيرمي لليوم الثاني يبدأ بالأولى ، ثم الوسطى، ثم العقبة .
ثم يعود فيرمي للثالث يبدأ بالأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة .
لأن كل يوم عبادة مستقلة، فلا بد أن يأتي بعبادة اليوم الأول ، قبل عبادة اليوم الثاني” انتهى من “الشرح الممتع” (7/356) .
فإن أخل بالترتيب ، فرمى الأولى بأربع عشرة حصاة ، سبع عن اليوم الأول ، وسبع عن اليوم الثاني : فإن رميه عن اليوم الأول وقع صحيحا .
وأما رميه عن اليوم الثاني فغير مجزئ ؛ لأن رمي اليوم الثاني لا يكون إلا بعد تمام رمي اليوم الأول .
قال الشيخ ابن عثيمين :
“ولا يجزئ أن يرمي الأولى عن ثلاثة أيام، ثم الوسطى عن ثلاثة أيام، ثم العقبة عن ثلاثة؛ لأن ذلك يفضي إلى تداخل العبادات، أي: إدخال جزء من عبادة يوم في عبادة يوم آخر” انتهى من “الشرح الممتع على زاد المستقنع” (7/356) .
وبناء عليه : يكون السائل قد ترك رمي اليوم الثاني عشر ، فعليه أن يذبح دما في الحرم لترك هذا الواجب ، هذا إن كان غنيا مستطيعا.
وأما إن كان غير مقتدر فلا شيء عليه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
“كل فدية وجبت لترك واجب : إذا لم يجد الإنسان هذه الفدية ، أو ثمنها : فإنه لا شيء عليه. ومن قال من العلماء أنه يلزمه أن يصوم عشرة أيام : فإنه قال قولا ليس عليه دليل” انتهى من “مجموع الفتاوى” (21/304) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب