قرأت في بعض كتب السير ، قال رجل لعمر بن عبد العزيز: ” جزاك الله عن الإسلام خيرًا، فقال: لا بل جزى الله الإسلام عني خيرًا ” .
وأردت الاستفسار عن الحكم الشرعي لقول ” جزى الله الإسلام عني خيرا ” ، وهل دين “الإسلام” من المكلفين الذين ينالهم الثواب والعقاب والجزاء ؟
معنى قول القائل: جزى الله الإسلام عني خيرا
السؤال: 279911
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
جاء في سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قيل له: ” جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الإِسْلامِ خَيْرًا ، قَالَ : ” لا ، بَلْ جَزَى اللَّهُ الإِسْلامَ عَنِّي خَيْرًا” رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (5/ 331).
وجاء مثله أيضا عن الإمام أحمد رحمه الله، فقد أورد القاضي أبو يعلى في طبقات الحنابلة (1/ 298) في ترجمة محمد بن زهير ، وهو أحد تلامذة الإمام أحمد ، ما نصه:
” قال: أتيت أبا عبد الله في شيء أسأله عنه، فأتاه رجل فسأله عن شيء أو كلَّمه في شيء، فقال له: جزاك الله عن الإسلام خيراً، فغضب أبو عبد الله، وقال له: من أنا؛ حتى يجزيني الله عن الإسلام خيراً؟ بل جزى الله الإسلام عني خيراً” انتهى.
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله: ” وهذا من هضم النفس – رحم الله الإمام أحمد .” انتهى من معجم المناهي اللفظية، ص612
والجملتان صحيحتان، فالأولى معناها: سؤال الله أن يجزيه عما قدم للإسلام، من نصرة، ودفاع ونشر وبيان.
ولهذا جاء عن سفيان الثوري أنه كان “إِذَا لَقِيَ شَيْخًا سَأَلَهُ: هَلْ سَمِعْتَ مِنَ الْعِلْمِ شَيْئًا؟ فَإِنْ قَالَ: لَا، قَالَ: لَا جَزَاكَ اللهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا” رواه أبو نعيم في الحلية (6/ 365).
ومعنى الثانية: بل جزى الله الإسلام عني خيرا، أي أن الفضل للإسلام، والنعمة والمنة إنما هي بالإسلام ، لا عليه ؛ ومهما قدم الإنسان من عمل فلن يوفي حق هذه النعمة.
والإسلام هو دين الله تعالى الذي ارتضاه للناس، كما قال: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) آل عمران/19
وهو الذي يمن ويتفضل به على عبده، كما قال: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) الحجرات/17
فالشكر في حقيقته : راجع إلى الله تعالى المتفضل، لكن هذا من باب المشاكلة في التعبير.
وليس المقصود حرفية العبارة : أن الإسلام مكلف يناله الثواب والجزاء، بل المراد شكر الله المتفضل به.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب