زوجي علق طلاقي بتنازلي عن المؤخر ، فهل يجوز له ذلك ؟
حكم مطالبة الزوجة بالتنازل عن المؤخر مقابل أن يطلقها
السؤال: 280226
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا علق الزوج طلاق زوجته على تنازلها عن المؤخر، أي قال: لن أطلقك حتى تتنازلي، فهذا إلجاء للخلع، وفيه تفصيل:
1-فإن كان الزوج مُضِرا بزوجته، لم يحل له أن يأخذ منها شيئا ، ولا أن يلجئها لطلب الخلع، بل إذا أرادت الطلاق : طلقها ، وأعطاها كامل حقها.
قال ابن عبد البر رحمه الله: ” وأجمع العلماء على إجازة الخلع ، بالصداق الذي أصدقها ، إذا لم يكن مضرا بها ، وخافا ألا يقيما حدود الله …
فإذا كان النشوز من قبلها : جاز للزوج ما أخذ منها بالخلع ، وإن كان أكثر من الصداق ، إذا رضيت بذلك ، وكان لم يضر بها .
فإن كان لخوف ضرره أو لظلم ظلمها أو أضر بها لم يجز له أخذه، وإن أخذ شيئا منها على هذا الوجه : رده ، ومضى الخلع عليه” انتهى من التمهيد (23/ 368).
وقال ابن قدامة رحمه الله: ” فأما إن عضل زوجته، وضارها ، بالضرب والتضييق عليها، أو منعها حقوقها؛ من النفقة، والقسم ونحو ذلك، لتفتدي نفسها منه، ففعلت : فالخلع باطل، والعوض مردود.
روي ذلك عن ابن عباس وعطاء ومجاهد والشعبي والنخعي والقاسم بن محمد وعروة وعمرو بن شعيب وحميد بن عبد الرحمن والزهري ، وبه قال مالك والثوري وقتادة والشافعي وإسحاق.
وقال أبو حنيفة: العقد صحيح، والعوض لازم، وهو آثم عاص.
ولنا: قول الله تعالى: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله [البقرة: 229] ، وقال الله تعالى: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن [النساء: 19] .
ولأنه عوض ، أُكْرِهْنَ على بذله بغير حق : فلم يُسْتَحق ؛ كالثمن في البيع، والأجر في الإجارة.
وإذا لم يملك العوض، وقلنا: الخلع طلاق ؛ وقع الطلاق بغير عوض .
فإن كان أقل من ثلاث، فله رجعتها؛ لأن الرجعة إنما سقطت بالعوض، فإذا سقط العوض، ثبتت الرجعة.
وإن قلنا: هو فسخ ، ولم ينو به الطلاق : لم يقع شيء؛ لأن الخلع بغير عوض لا يقع على إحدى الروايتين، وعلى الرواية الأخرى، إنما رضي بالفسخ هاهنا بالعوض، فإذا لم يحصل له العوض، لا يحصل المعوض” انتهى من المغني (8/ 179).
2-وإن كان غير مضر بها، وإنما كرهت البقاء معه، وأرادت الطلاق، فله أن يُلجئها للخلع، ويطلب منها مالا، أو تنازلا عن مهرها؛ لما روى البخاري في صحيحه (4867) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً).
ثانيا:
لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق أو الخلع ، إلا لعذر يبيح لها ذلك ، كسوء عشرة الزوج لها وإضراره بها؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) . والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: ( إن المختلعات هن المنافقات ) . رواه الطبراني في الكبير (17/ 339) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1934).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب