0 / 0
23,69313/11/2018

نبذة يسيرة عن حسن خلق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .

السؤال: 280592

أسأل عن أخلاق عمر وسيدنا أبي بكر رضوان الله عليهما ، ومواقف من حسن خلقهما ، وأيضا سيدنا أبو بكر رضي الله عنه مع طول صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم نجد أنه لم يرو عن الرسول الكثير ، فلم؟

ملخص الجواب

شمائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أكثر من أن تحصر ، وقد اتصفا بكثير من الأخلاق الكريمة والشمائل الحسنة ، كالكرم والحب في الله والزهد والورع والخوف من الله والعفو عن الناس وغير ذلك .  

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذان صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المقدمان على سائر الصحابة رضي الله عنهم في العلم والفضل ، وهما وزيرا النبي صلى الله عليه وسلم ، وصاحبا مشورته ، ومحل أمانته ، والأحاديث والآثار في فضلهما ومنزلتهما من النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن الصحابة ، ومن أهل الإسلام : أكثر من أن تحصر .

وحبهما من الإيمان ، وبغضهما من النفاق والخسران .

ومن جملة ما جاء في ذكر شمائلهما الكريمة ، وأخلاقهما الحسنة :

1- الكرم والعطاء والصدقة :

روى الترمذي (3675) وصححه عن عُمَرَ بْن الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: ” أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي ، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟  ، قُلْتُ: مِثْلَهُ .

قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟  قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا “.

وحسنه الألباني في “صحيح الترمذي” .

وروى الترمذي (3661) وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كَافَأنَاهُ ، مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ  وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .

وعن عروة قال : ” أسلم أبو بكر وله أربعون ألفا ، فأنفقها في سبيل اللَّه، وأعتق سبعة كلهم يعذّب في اللَّه ” .

“الإصابة” (4/ 147) .

2- الحرص على الأخوة والمحبة :

روى البخاري (3661) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ” كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ .

فَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الخَطَّابِ شَيْءٌ ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ:  يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ  ثَلاَثًا .

ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالُوا: لاَ، فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ .

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي  مَرَّتَيْنِ، فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا “.

3- الورع :

روى البخاري في “صحيحه” (3842) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ” كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الغُلاَمُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَا أُحْسِنُ الكِهَانَةَ، إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ “.

وروى ابن سعد في “الطبقات” (3/ 276) عَنِ ابْنٍ لِلْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ: أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ يَوْمًا حَتَّى أَتَى الْمِنْبَرَ، وَقَدْ كَانَ اشْتَكَى شَكْوَى لَهُ ، فَنُعِتَ لَهُ الْعَسَلُ، وَفِي بَيْتِ الْمَالِ عُكَّةٌ، فَقَالَ: ” إِنْ أَذِنْتُمْ لِي فِيهَا أَخَذْتُهَا، وَإِلَّا فَإِنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ ” ، فَأْذِنُوا لَهُ فِيهَا “.

4- الزهد والتواضع :

روى الطبري في “تاريخه” (3/ 432) أن أبا بكر لما تولى الخلافة كَانَ يَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ إِلَى السُّوقِ، فَيَبِيعُ وَيَبْتَاعُ، وَكَانَتْ لَهُ قِطْعَةُ غَنَمٍ تَرُوحُ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا خَرَجَ هُوَ بِنَفْسِهِ فِيهَا، وَرُبَّمَا كُفِيهَا فَرُعِيَتْ لَهُ، وَكَانَ يَحْلِبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ .

فَلَمَّا بُويِعَ لَهُ بِالْخِلافَةِ قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الْحَيِّ: الآنَ لا تحْلبُ لَنَا مَنَائِحَ دَارِنَا، فَسَمِعَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: “بَلَى لَعَمْرِي لأَحْلِبَنَّهَا لَكُمْ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَلا يُغَيِّرَنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ خُلُقٍ كُنْتُ عَلَيْهِ”

وقال الإمام مالك في “الموطأ (3400) : عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: ” رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ رَقَعَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِرَقَاعٍ ثَلاَثٍ. لَبَّدَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ “.

5- الخوف من الله :

قال ابن القيم رحمه الله :

” مَنْ تَأَمَّلَ أَحْوَالَ الصَّحَابَةِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ – وَجَدَهُمْ فِي غَايَةِ الْعَمَلِ مَعَ غَايَةِ الْخَوْفِ، فَهَذَا الصِّدِّيقُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – يَقُولُ: “وَدِدْتُ أَنِّي شَعْرَةٌ فِي جَنْبِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ”، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ.

وَذَكَرَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَمْسِكُ بِلِسَانِهِ وَيَقُولُ: “هَذَا الَّذِي أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ”، وَكَانَ يَبْكِي كَثِيرًا، وَيَقُولُ: “ابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا”.

وَكَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ عُودٌ ؛ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

فَلَمَّا احْتُضِرَ، قَالَ لِعَائِشَةَ: “يَا بُنَيَّةُ، إِنِّي أَصَبْتُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ هَذِهِ الْعَبَاءَةَ ، وَهَذِهِ الْحِلَابَ ، وَهَذَا الْعَبْدَ، فَأَسْرِعِي بِهِ إِلَى ابْنِ الْخَطَّابِ” .

وَقَالَ: “وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ ، تُؤْكَلُ وَتُعْضَدُ”.

وَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَرَأَ سُورَةَ الطُّورِ إِلَى أَنْ بَلَغَ: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ)سُورَةُ الطُّورِ/77، فَبَكَى وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ، حَتَّى مَرِضَ وَعَادُوهُ.

وَقَالَ لِابْنِهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ: “وَيْحَكَ ضَعْ خَدِّي عَلَى الْأَرْضِ عَسَاهُ أَنْ يَرْحَمَنِي”، ثُمَّ قَالَ: “وَيْلُ أُمِّي، إِنْ لَمْ يَغْفِرْ لِي” (ثَلَاثًا) ، ثُمَّ قضى.

وَكَانَ يَمُرُّ بِالْآيَةِ فِي وِرْدِهِ بِاللَّيْلِ، فَتُخِيفُهُ، فَيَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَيَّامًا يُعَادُ، يَحْسَبُونَهُ مَرِيضًا، وَكَانَ فِي وَجْهِهِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – خَطَّانِ أَسْوَدَانِ مِنَ الْبُكَاءِ.

وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الْأَمْصَارَ، وَفَتَحَ بِكَ الْفُتُوحَ، وَفَعَلَ !!

فَقَالَ: “وَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو ؛ لَا أَجْرَ ، وَلَا وِزْرَ”.”الجواب الكافي” (ص: 40)

وقال الإمام مالك في “الموطأ (3638) : عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ حَائِطاً فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ جِدَارٌ، وَهُوَ فِي جَوْفِ الْحَائِطِ: ” عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! بَخٍ بَخٍ ، وَاللهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! لَتَتَّقِيَنَّ اللهَ، أَوْ لَيُعَذِّبَنَّكَ “.

6- العفو عن المسيء :

عفا الصديق رضي الله عنه عن مسطح بن أثاثة ، وكان مسطح ممن تكلم في الإفك، فلما أنزل الله براءة عائشة رضي الله عنها، قال أبو بكر الصديق: -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره- “والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشة ما قال” .

فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  النور/22 .

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: “بلى والله ؛ إني لأحب أن يغفر الله لي” .

فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: “والله لا أنزعها منه أبدًا”.

رواه البخاري (4141)، ومسلم (2770) .

وروى البخاري (4642) عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ” قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ، كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا .

فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي، هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ، فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ الحُرُّ لِعُيَيْنَةَ ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ .

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِيْ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الجَزْلَ وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالعَدْل ؟!

فَغَضِبَ عُمَرُ ، حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الحُرُّ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ [الأعراف: 199] ، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ .

وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ “.

ومناقبهما رضي الله عنهما ، وشمائلهما الكريمة : أكثر من تحصر .

أما كون أبي بكر رضي الله عنه كان قليل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالنسبة إلى غيره كأبي هريرة وأنس بن مالك وغيرهما رضي الله عنهم ، فيقال :

أولا : كان أبو بكر رضي الله عنه أعلم الصحابة ، ولكنه انشغل بما انشغل به من أمر الخلافة ، وما استتبع ذلك من حرب المرتدين وتوطيد أركان الدولة ، والقيام بأمر الناس ، ورعاية شأنهم.

ثانيا : قصر مدته بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت سببا أساسيا في قلة الرواية عنه ، وكانت خلافته سنتين وأشهرا.

ثالثا : قرب العهد برسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما لم يحتج أكابر الصحابة معه إلى كثير من الرواية .

قال النووي رحمه الله : ” وكم للصديق من مواقف وأثر، ومن يحصى مناقبه ويحيط بفضائله غير الله عز وجل، ولكن لابد من التذكر بنُبذ من ذلك، تبركًا للكتاب بها، ولعله يقف عليها من قد يخفى عليه بعضها.

رُوى للصديق، رضى الله عنه، عن رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مائة حديث واثنان وأربعون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم منها على ستة، وانفرد البخاري بأحد عشر، ومسلم بحديث .

وسبب قلة رواياته مع تقدم صحبته وملازمته النبى – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : أنه تقدمت وفاته قبل انتشار الأحاديث، واعتناء التابعين بسماعها وتحصيلها وحفظها ” انتهى  من “تهذيب الأسماء واللغات” (2/182) .

رابعا: قال تقي الدين الغزي رحمه الله :

” الخلفاء الراشدون، رضي الله عنهم، كانوا فقهاء الصحابة، وكذلك عبد الله بن مسعود، وكانوا يفتون بكل علم صدر عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن فعله، فيخرجونه على وجه الفتوى، ولا يروونه، وربما رواه البعض منهم عند احتياجه إلى الاحتجاج به على غيره ممن خالفه من نظرائه ” انتهى من”الطبقات السنية” (ص: 37) بترقيم الشاملة  

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android