والدى وأعمامى لديهم مخبز حكومى ، تعطى الحكومة الدقيق للمخبز على أن يتم تصنيع هذا الدقيق بالكامل بموازين معينة ، بحيث إن كل شكارة دقيق 50 كيلو تخرج 605 رغيفا ، وهم يقومون بانقاص الموازين بحيث فى آخر اليوم يتم استكمال عدد الأرغفه المتفق عليها ، ويتبقى دقيق ، ويتم بيع هذا الدقيق .
السؤال :
أنا أعمل داخل المخبز فى الصيانة وتشغيل الماكينات ، فهل أكون مشاركا معهم ؟ علما بأنى إن تركتهم فسوف يقاطعنى والدى ، فماذا أفعل ؟
يعمل في مخبز يطفف في وزن الرغيف ويوفر الدقيق كل يوم ليبيعه
السؤال: 282298
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا أعطت الدولة الدقيق للمخابز على أن تخبز كمية معينة من الخبز، بوزن معين، فالواجب التزام ذلك؛ لوجوب الوفاء بالعقود، كما قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/1.
وقال تعالى : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) الإسراء/34 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) رواه أبو داود ( 3594 ) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
ولما في مخالفة ذلك من الغش والخداع ، وتطفيف الميزان، وهذه محرمات لا تخفى على أحد .
وقد توعد الله المطففين فقال: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) المطففين/1- 6 .
قال الطبري رحمه الله في تفسيره: “يقول تعالى ذكره: الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم في أسفلها للذين يُطَففون، يعني: للذين ينقصون الناس، ويبخسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم، أو موازينهم إذا وزنوا لهم عن الواجب لهم من الوفاء، وأصل ذلك من الشيء الطفيف، وهو القليل النـزر، والمطفِّف: المقلِّل حقّ صاحب الحقّ عما له من الوفاء والتمام في كيل أو وزن” انتهى.
وقال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ * وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) هود/ 84، 85 .
فما يوفره والدك وعمك من الدقيق كل يوم: هو سحت حرام ؛ لأنه مأخوذ بالغش ونقص المكيال.
ثانيا:
الواجب عليك الإنكار على القائمين على المخبز، ونصحهم بترك الغش والتطفيف ، وبيان خطر أكل الحرام ، وأثره في عدم قبول الأعمال ، ومنع استجابة الدعاء، وأن كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به.
فإن قمت بذلك فقد أديت ما عليك.
ولا حرج عليك في الاستمرار في عملك ما دمت قائما بالإنكار لا تشارك في هذا الغش والتطفيف ، أو التصرف في الدقيق المسروق ، أو الإعانة على ذلك بوجه ، بل عملك بعيد عن ذلك في الصيانة وتشغيل الماكينات ، وذلك إعانة على الخَبز المشروع ، لا على التطفيف المحرم.
فإن لم يمكنك الإنكار ، ففارق المكان ، وابحث عن عمل آخر مباح ، ولا يعتبر تركك العمل مع والدك عقوقا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” العمل عند هؤلاء الذين يتعاملون بالربا أو الغش أو نحو ذلك من الأشياء المحرمة ، محرم لقول الله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 ، ولقوله : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء/140 .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ) والعامل عندهم لم يغير لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه ، فيكون عاصيا للرسول صلى الله عليه وسلم ” .
انتهى من “فقه وفتاوى البيوع” (ص 392) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب