تنزيل
0 / 0

حديث : ( إِذَا سَمِعْتُمْ بِجَبَلٍ زَالَ عَنْ مَكَانِهِ، فَصَدِّقُوا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَجُلٍ تَغَيَّرَ عَنْ خُلُقِهِ، فَلَا تُصَدِّقُوا بِهِ ).

السؤال: 283466

ما صحة الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده (27539): عن أبي الدرداء أنه قال : ” بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر ما يكون ، إذ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا ، وإذا سمعتم برجل تغير عن خلقه فلا تصدقوا به ، وأنه يصير إلى ما جبل عليه) “؟

ملخص الجواب

هذا حديث لا يصح ، سندا ولا متنا .  

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى الإمام أحمد في “مسنده” (27499) من طريق الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَ: ” بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَذَاكَرُ مَا يَكُونُ ، إِذْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

  إِذَا سَمِعْتُمْ بِجَبَلٍ زَالَ عَنْ مَكَانِهِ، فَصَدِّقُوا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَجُلٍ تَغَيَّرَ عَنْ خُلُقِهِ، فَلَا تُصَدِّقُوا بِهِ ، وَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَى مَا جُبِلَ عَلَيْهِ  .

وهذا إسناد منقطع ، فالزهري لم يدرك أبا الدرداء رضي الله عنه ، قال الهيثمي في ” مجمع الزوائد ” (7/ 196) :

” رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الدَّرْدَاءِ “.

وكذا أعله السخاوي في “المقاصد الحسنة” (ص: 217)، وابن مفلح في “الآداب الشرعية” (2/ 207) وابن الوزير في “العواصم والقواصم” (6/255) بالانقطاع بين الزهري وأبي الدرداء.

وقال محققو المسند: ” إسناده ضعيف لانقطاعه، الزهري لم يدرك أبا الدرداء “.

وضعفه الألباني في “الضعيفة” (135)، وقال : “إسناد منقطع” ، ثم قال :

” وهذا الحديث يستشم منه رائحة الجبر، وأن المسلم لا يملك تحسين خلقه، لأنه لا يملك تغييره ، وحينئذ فما معنى الأحاديث الثابتة في الحض على تحسين الخلق، كقوله صلى الله عليه وسلم: ( أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ) رواه أبو داود (2 / 288) وغيره في حديث، وسنده صحيح، فهذا يدل على أن حديث الباب منكر، والله أعلم ” انتهى .

وللحديث شاهد ، بنحوه ، رواه ابن أبي عاصم في “السنة” (192) وابن عدي في “الكامل” (1/ 484) من طريق بَقْيَة، عنِ ابْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمد بْنِ عَمْرو، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: ( إِنَّ مُغَيِّرَ الخُلُقِ كَمُغَيِّرِ الخَلْقِ، إِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّرَ خُلُقَهُ حَتَّى يُغَيِّرَ خَلْقَه )

وهذا إسناد ضعيف لا يحتج به ، قال الألباني في “الضعيف” (2580) :

” هذا إسناد ضعيف؛ إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها، وأشار ابن عدي إلى أنه تفرد به.

وبقية – وهو ابن الوليد – مدلس وقد عنعنه ” انتهى .

ومما يدل على ضعف هذا الحديث أيضا : ما رواه أحمد (3823) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: ( اللهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي، فَأَحْسِنْ خُلُقِي ) وحسنه محققو المسند.

فلو كان تغيّر الخلق غير ممكن ، ما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل أن يحسّن خلقه .

وروى أحمد أيضا (17828) عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَشَجُّ بني عَصَرٍ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ ، قُلْتُ: مَا هُمَا؟ قَالَ:   الْحِلْمُ، وَالْحَيَاءُ قُلْتُ: أَقَدِيمًا كَانَ فِيَّ أَمْ حَدِيثًا؟ قَالَ:   بَلْ قَدِيمًا  قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا “.

وصححه محققو المسند.

وروى البخاري (1469) ، ومسلم (1053) ، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ .

قال المظهري رحمه الله ، في “شرح المصابيح” (2/517) : ” “ومن يتصبَّر”؛ أي: ومَن أمرَ نفسه بالصبر ، ووضعَ الصبرَ على نفسه بالتكلُّف : يُسهِّلِ الله عليه الصبرَ.” انتهى .

وراجع جواب السؤال رقم : (101023) لمعرفة كيفية اكتساب الأخلاق الفاضلة .

والله تعالى أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android