تنزيل
0 / 0
23,02910/02/2018

هل يجوز قول: مات من لا يستحق الموت على يد من لا يستحق الحياة؟

السؤال: 284488

ماحكم قول : “مات من لا يستحق الموت على يد من لا يستحق الحياة ” ، فلقد انتشرت بكثافة على كل وسائل التواصل الإحتماعية ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذه الجملة تحتمل معنيين؛ الأول : لا إشكال فيه، والثاني : فيه تسخّط واعتراض على القدر:

فأما الأول:

فهو أن تقال في رجلٍ قُتِل ظلما ، فيكون قصد قائلها : أن المقتول لم يرتكب جريمة يستحق عليها أن يعاقب بالقتل ، وأن القاتل هو الذي يستحق الموت لظلمه وبغيه واعتدائه على الناس، فهذا الظالم لا يستحق الحياة ، لو كان العدل موجودا ؛ لأنه ارتكب جريمة يستحق عليها القتل ، قصاصا من جريمته . فعدم استحقاقه للحياة : هو أثر جريمته التي ارتكبها .

فهذا المعنى لا إشكال فيه ، وهو بمثابة قولهم : فلان لا يستحق العقاب ولا يستحق الإهانة التي حصلت عليه .

وأما المعنى الثاني :

فهو أن يقصد الاعتراض على القدر، وعلى حكمة الله في تسيير ملكوته سبحانه ، وأنه كان ينبغي أن لا يموت فلان ، بل يموت فلان ، ونحو ذلك من المقاصد التي فيها اعتراضٌ على الله جل وعلا في حكمه وقضائه ، وطعنٌ في حكمته وعلمه .

وكثير من الناس : يقوم في نفسه هذا المعنى ، وإن لم يقو على التصريح به ، أو حتى مواجهة نفسه بحقيقته : أن مثل هذا الذي مات ، كان أحق بالحياة ، من كثير من الأحياء ؛ كان أحق بها ، ولو لم يكن قد قتل ظلما ، ولو لم يكن مراده بمن لا يستحق الحياة : هؤلاء القتلة ، الذين يستحقون الموت قصاصا ؛ كثير من الناس يقوم بقلوبهم هذا المعنى مطلقا ؛ أن مثل هذا الكريم ، أو الجواد ، أو الشجاع … : هو الذي يستحق الحياة ،  ويطال عمره ، ويفدى بهؤلاء الناقصين من الناس !!

ولا يخفى ما في مثل ذلك من الاعتراض على حكمة الله ، والتسخط لقضائه وقدره ، ومنازعة الله في حكمه وسلطانه .

فليحذر العاقل اللبيب : نزغات الشيطان في القلوب ، وما يفسد به الأديان .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (126019).

والواجب على المسلم أن يؤمن بالقدر ، ويصبر على ما ينوبه من المصائب ، قال صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .

وينظر جواب السؤال (125721).

وإذا كانت العبارة بهذه الإجمال والاحتمال ، بل كثير من الناس إنما يقوم بنفوسهم وقلوبهم : المعنى الباطل ؛ تأكد تركها ، والبعد عنها ، والتعبير عن المعاني الصحيحة ، بعبارات لا لبس فيها ولا إشكال .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

” الواجب : إطلاق العبارات الحسنة ، وهي المأثورة التي جاءت بها النصوص .

والتفصيل في العبارات المجملة المشتبهة ” انتهى، من “مجموع الفتاوى” (8/294) .

وقد استدل القرطبي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ) البقرة/ 104.

بأن في الآية دليلًا “على تجنب الألفاظ المحتملة التي فيها التعريض للتنقيص والغض…” انتهى من “تفسير القرطبي (2/57) .

وينظر جواب السؤال (208975) .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android