حكم إعطاء الزوج زكاته لزوجته التي غرمت في معصية
السؤال: 284663
امرأة رهن عندها شخص مالا ؛ كي يسكن في شقتها ـ التي ما زالت تؤدي أقساطها للبنك الربوي ـ مقابل مبلغ مالي شهري، والآن يريد هذا الشخص المال الذي كان قد أعطاه لها، وليس معها الآن المال كاملا ، فهل تعطى من الزكاة ؟ وهل يصح أن يعطيها زوجها من زكاة ماله لهذا الغرض ؟ علما أن والدها اشترى لها الشقة عن طريق بنك ربوي، ثم ألا تؤثر مسألة “الرهن بدون ضوابطه الشرعية ” على مسألة دفع الزكاة إليها من عدمه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يجوز للمؤجر أن يأخذ رهنا، أو ما يسمى مبلغ تأمين ، يستوفى منه ما أفسده المستأجر تعديا أو تفريطا، لكن لا يجوز له أن ينتفع بهذا الرهن ؛ لأن انتفاعه به من أكل أموال الناس بالباطل.
وينظر: جواب السؤال رقم : (180168) .
فما قامت به المرأة من الانتفاع بهذا المال، وإنفاقه : عمل محرم، ولهذا لا تعطى من الزكاة لسداده ، إلا إذا تابت إلى الله تعالى من ذلك ، لأن سهم الغارمين لا يعطى لمن غرم في معصية إلا أن يتوب.
قال ابن قدامة رحمه الله: “(والغارمين) وهم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم.
هذا الصنف السادس من أصناف الزكاة. ولا خلاف في استحقاقهم، وثبوت سهمهم، وأن المدينين العاجزين عن وفاء ديونهم منهم .
لكن إن غرم في معصية ، مثل أن يشتري خمرا، أو يصرفه في زناء ، أو قمار ، أو غناء ونحوه، لم يدفع إليه قبل التوبة شيء؛ لأنه إعانة على المعصية .
وإن تاب، فقال القاضي: يدفع إليه. واختاره ابن عقيل؛ لأن إيفاء الدين الذي في الذمة : ليس من المعصية، بل يجب تفريغها، والإعانة على الواجب : قربة لا معصية، فأشبه من أتلف ماله في المعاصي حتى افتقر، فإنه يدفع إليه من سهم الفقراء” انتهى من “المغني” (6/ 480).
وقال الماوردي رحمه الله : ” فَإِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا ، وَكَانَ مُصِرًّا عَلَى تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ : لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ الْمَعْصِيَةِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ عَلَيْهَا بِتَحَمُّلِ الْغُرْمِ فِيهَا ” انتهى من “الحاوي” (8 / 508).
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :”مسألة : من غرم في محرم هل نعطيه من الزكاة؟
الجواب : إن تاب أعطيناه ، وإلا لم نعطه ، لأن هذا إعانة على المحرم ، ولذلك لو أعطيناه استدان مرة أخرى” انتهى من “الشرح الممتع” (6/235) .
وعليه ؛ فتنبه المرأة إلى حُرمة ما قامت من أكل المال المرهون ، والانتفاع به، وتدعى للتوبة، فإن تابت : جاز إعطاؤها من الزكاة لسداده.
ثانيا :
يجوز للزوج أن يعطي زكاته لزوجته الغارمة؛ لأنه لا يلزمه قضاء دينها.
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: ” (من تلْزم الْمُزَكي نَفَقَته) ، بزوجية ، أَو بعضية : (لَا يَدْفَعهَا) إِلَيْهِم من سهم (الْفُقَرَاء) ، وَلَا من سهم (الْمَسَاكِين) ، لغناهم بذلك .
وَله دَفعهَا إِلَيْهِم من سهم بَاقِي الْأَصْنَاف ، إِذا كَانُوا بِتِلْكَ الصّفة .
إِلَّا أَن الْمَرْأَة لَا تكون عاملة وَلَا غَازِيَة ” انتهى من “الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع” (1/ 232).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : “مسألة: هل يجوز أن يعطي الزوج زوجته من زكاته؟
الجواب: أنها تجزئ الزكاة ، إذا دفعها إلى زوجته على ما اخترناه .
أما على المذهب فلا يجزئ أن يدفع الزوج زكاته إلى زوجته لقوة الصلة والرابطة.
ولكن القول الراجح يجوز بشرط ألا يسقط به حقاً واجباً عليه .
فإذا أعطاها من زكاته للنفقة لتشتري ثوباً أو طعاماً، فإن ذلك لا يجزئ .
وإن أعطاها لقضاء دين عليها : فإن ذلك يجزئ؛ لأن قضاء الدين عن زوجته لا يلزمه” انتهى من “الشرح الممتع” (6/ 263).
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة