0 / 0

ما حكم النيابة في الأذان للحاجة وإعطاء النائب أقل من الراتب الأصلي؟

السؤال: 284940

مؤذن جامع يتقاضى راتب وقدره كذا وكذا ، وعنده ديون كثيرة ، وتكاليف الإقامة، وإلتزامات أخرى ، ويريد السفر في إجازته لبلده ، وإدارة المسجد أهم شيء عندها أن تحضر بديلا كفأ ، فإن أحضر المؤذن بديلا كفأ ، وأعطاه راتبا أقل من راتبه الأصلي بقليل ، واقتنع البديل بهذا الفعل؛ كونه مؤقتاً ، والمؤذن سيفعل ذلك من أجل سداد الديون التي في ذمته ، فهل يجوز هذا الفعل ؟

ملخص الجواب

إذا كان غياب المؤذن عن الأذان مدة طويلة فإن نائبه يستحق كامل الراتب عن هذه المدة ، وإذا عاد المؤذن فهو أحق بمكانه.  

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

لا حرج على من كلِّف بالأذان أو الإمامة أو الإشراف على وقف أن يوكّل من يقوم بهذه الأعمال ؛ بشرط :

– أن يكون هناك عذر لهذا التوكيل .

– أن يكون الوكيل أهلاً للقيام بهذا العمل ، بدون إخلال به .

وقد سبق بيان هذا ، ونقل بعض أقوال العلماء في جواب السؤال : (102253) .

ثانيا :

إذا غاب المؤذن ، أو الإمام عن مسجده لعذر ، وكانت المدة يسيرة – كعدة أيام- فله أن يستنيب غيره بلا مقابل ، أو يدفع له جزءا من المال – فالأمر في هذا واسع .

قال القرافي :

“فَإِنْ اسْتَنَابَ فِي أَيَّامِ الْأَعْذَارِ : جَازَ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ رِيعَ الْوَقْفِ ، وَأَنْ يُطْلِقَ لِنَائِبِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ ذَلِكَ الرِّيعِ” انتهى من “الفروق” (3/4) .

يعني : جاز له أن يأخذ المُستَنيب – الموظف الأصلي – راتبه كاملا ، أو أن يعطي للنائب منه ما شاء .

وسئل الشيخ ابن عثيمين :أنا مؤذن ، وأحياناً أوكل غيري بالأذان ؛ فهل أعطي الموكل نصيب الوقت الذي قام فيه بالأذان عني؟

فأجاب :

“أولاً : لماذا توكل وأنت مؤذن موكول إليك الأذان ؟

السائل : للضرورة .

الشيخ : إن كانت ضرورة : فلا بأس ، لكن الضرورة يوم أو يومان مثلاً في الشهر .

ولا تعطه شيئاً ، لأن العادة لم تَجْر بذلك .

نعم ؛ لو قال لك : أريد شيئاً ، فأعطه شيئاً ، مع أنه لا ينبغي له أن يقول : أريد شيئاً ؛ لأن هذه عبادة ” انتهى بتصرف من “لقاء الباب المفتوح” (لقاء 234) .

أما إذا كانت المدة طويلة ، كشهر ، أو نحو ذلك ، أو أكثر من ذلك : فعليه أن يعطي النائب راتب تلك المدة كاملا ، لأن الراتب الذي يعطى للمؤذن أو الإمام ونحوهما ، إنما يستحقه من قام بالعمل ، ولا يجوز اتخاذ الأذان أو الإمامة وسيلة للتربح ، أو السمسرة ؛ فيأخذ المؤذن الراتب ، ويستنيب من يقوم بالأذان بنصف الراتب مثلا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في “الاختيارات العلمية” : (ص/257) :

“ومِن أكلِ المال بالباطل : قومٌ لهم رواتبُ أضعافُ حاجاتهم ، وقومٌ لهم جهاتٌ كثيرةٌ ، معلومُها – يعني راتبها – كثير ، يأخذونه ، ويستنيبون بيسير ” انتهى .

قال في “كشاف القناع” (4/268) “لِأَنَّ هَذَا خِلَافُ غَرَضِ الْوَاقِفِينَ” انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ، أيضا ، فِي مُقَرٍّ عَلَى وَظِيفَةٍ ، ثُمَّ إنَّهُ سَافَرَ وَاسْتَنَابَ شَخْصًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا عَادَ قَبَضَ الْجَمِيعَ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَكَانِ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ النَّائِبُ الْمَشْرُوطَ كُلَّهُ أَمْ لَا؟

“الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. نَعَمْ ، النَّائِبُ يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوطَ كُلَّهُ، لَكِنْ إذَا عَادَ الْمُسْتَنِيبُ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَكَانِهِ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (4/162) .

وقال الشيخ محمد بن علي بن حسين مفتى المالكية :

” وكان شيخنا – يعني المنوفي رحمه الله تعالى – يقول : ومثل هذا : المساجد ونحوها ؛ يأخذها الوجيه بوجاهته ، ثم يدفع من مرتباتها شيئا قليلا لمن ينوب عنه فأرى أن الذي أبقاه لنفسه : حرام ، لأنه اتخذ عبادة الله متجرا ، ولم يوف بقصد صاحبها ، إذ مراده التوسعة ، ليأتي الأجير بذلك مشروح الصدر .

قال رحمه الله تعالى : وأما إن اضطر إلى شيء من الإجارة على ذلك : فإني أعذره ؛ لضرورته ” انتهى من “تهذيب الفروق المطبوع في حاشية الفروق” (4/56) .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله – كما في “مجلة البحوث” (35/99-100):

يوجد لدينا إمام قد أخذ إمامة ثلاثة مساجد بأسماء أولاده ، وهم خارج المدينة ، وقد جلب عمالا ليؤموا المسلمين في هذه المساجد بالإنابة ، مقابل نصف الراتب .

فأجاب :

” هذا العمل غير جائز ، بل هو منكر ، لا يجوز للمسلم أن يكذب على الجهة المسئولة عن الإمامة أو الأذان ، بأن يسمي أئمة أو مؤذنين لا وجود لهم ، ثم يعين على رأيه من يقوم بذلك ، بل يجب عليه أن يوضح الحقيقة للجهة المسئولة ، حتى توافق على الشخص المعين ” انتهى.

والخلاصة :

إذا كان غياب المؤذن عن الأذان مدة طويلة فإن نائبه يستحق كامل الراتب عن هذه المدة ، وإذا عاد المؤذن فهو أحق بمكانه.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android