تنزيل
0 / 0
11,49205/02/2018

أمه مطلقة وتريده أن يعيش معها ، وأبوه يعارض ذلك ، فماذا يفعل؟

السؤال: 285312

أنا أبلغ من العمر ١٤ عاما وأنا ولد وأخاف العقوق بسبب طلاق أمي وأبي كل واحد منهم يريد عكس الثاني هما مطلقين منذ عمرى ٣ شهور وأواجه مشكلة الآن أمي تعيش في مدينة تبعد عن أبي ١ ساعة وأمي تحتاجني كمحرم وأساعدها وأخفف من اٌلمها وتريدني أمي بشدة وعندها القدرة المالية والسكن و المدرسة وأبي لا يمكن إقناعه ، فهل أذهب وأعيش عند أمي وأقر عينها .
خاصة وأن أبي ولله الحمد عنده أكثر من ولد و غير محتاج لي مثل أمي. يمكنني زيارة أبي عند رغبتة
وسؤالي : هل يجوز لي أن أعيش عند أمي ؟

ملخص الجواب

بر الوالدين من أعظم المأمورات التي أمر الله بها، ويجب أن يجمع الإنسان بين طاعتهما، وتفضل الأم بالطاعة عند التعارض، لكن عليك مراعاة حرص والدك على قربك ، ونظره لمصلحتك ، واهتمامه بشأنك .   

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
للابن البالغ أن يبيت حيث يشاء ، لأنه ببلوغه صار متوليا لأمور نفسه بنفسه ، ولا ولاية لأحد عليه ، إلا إذا اختار مكانا يخشى عليه منه أن يقع في شيء من الفساد ، فإنه يمنع من ذلك .
قال البهوتي رحمه الله في “الروض المربع” (7/161) : “ويكون الذكر بعد بلوغه ورشده حيث شاء ، لأنه لم يبق عليه ولاية لأحد” انتهى .
قال ابن قاسم في حاشيته :
“وسواء كان عند أبيه أو عند أمه أو منفردا بنفسه .. لقدرته على إصلاح أموره ، إلا أن يكون أمرد ، يُخاف عليه الفتنة ، فيمنع من مفارقتها” انتهى .

فتبين بذلك أن لك الحق أن تبيت عند أبيك أو عند أمك ، وليس لأحدهما أن يلزمك بما لا تريد.

ثانيا : 
عليك أن تلتمس طاعة والديك والقيام بحقهما والجمع بين رغبتيهما قدر المستطاع ، دون أن تخسر واحدا منهما ، ونجاحك الأكبر هو في تحقيق هذا الهدف .

وننصحك بعدد من الأسباب لعلك تستطيع ذلك :
–      دعاء الله سبحانه بأن يوافق أبوك على تحقيق رغبة أمك .
–      أن تجعل أحد أقربائك العقلاء يتوسط ويقنع والدك بأن تذهب إلى أمك.
–      أن تكلم أنت أباك بأسلوب حسن ومؤدب ، بأنك تريد أن تذهب ، وتقعد مع أمك لتخدمها وترعاها، وتذكره بفضل ذلك وأنه متى ما دعاك وأرادك رجعت إليه، أو أن تخصص أياما من الأسبوع تكون فيها عنده .

وقد روي أن رجلا قال لمالك : والدي في السودان ، كتب إلي أن أقدم عليه ، وأمي تمنعني من ذلك ، فقال له مالك : أطع أباك ولا تعص أمك ! يعني أنه يبالغ في رضى أمه بسفره لوالده ، ولو بأخذها معه ، ليتمكن من طاعة أبيه وعدم عصيان أمه . ينظر “التوضيح لابن الملقن” (15/458) .
 
لكن إذا تعارض رغبة أمك ، ورغبة أبيك ، ولم يمكنك الجمع بينهما ، ولا التوفيق بين الرغبتين بصورة ممكنة ، مقبولة ؛ فهنا تقدم طلب الأم على الأب، وهذا مذهب جمهور العلماء .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ
رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) . 

وقد نقل ابن حجر رحمه الله أقوال العلماء في “فتح الباري”(10/402):
“قال ابن بطال مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر . 
قال: وكان ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع، فهذه تنفرد بها الأم وتشقى به، ثم تشارك الأب في التربية . 
وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ)، فسوّى بينهما في الوصاية ، وخص الأم بالأمور الثلاثة . 
قال القرطبي: المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البر، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة . 
وقال عياض: وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البر على الأب” انتهى .

ويتأكد ذلك : إذا لم يكن عند الوالدة محرم لها ، يكون معها إذا ذهبت أو قعدت . 

لكن لا يحل لك أن تهمل حق الوالد بالكلية ، بل تواصله دائما ، وتزوره ، وتجتهد في أن تهيئ مصلحة أمك ، وتقضي حاجتها في بعض أيامها ، وتستئذنها لتبيت مع والدك يوما ، أو نحو ذلك ، مما يرضيه ، ويقر عينه بك ، ولا يضر بحق أمك ، ولا مصلحتها . 

وينظر جواب السؤال (134593) .

والخلاصة:
بر الوالدين من أعظم المأمورات التي أمر الله بها، ويجب أن يجمع الإنسان بين طاعتهما، وتفضل الأم بالطاعة عند التعارض، لكن عليك مراعاة حرص والدك على قربك ، ونظره لمصلحتك ، واهتمامه بشأنك . 
يسر الله لك أمرك ، وأقر عينك برضا والديك ، وأقر عينهما ببرك لهما . 
 
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android