كيف يمكن للمرء التخلص من الأشياء المحرمة ، وكيف يمكن التخلص من ساعة ذهب باهظة الثمن
هل توجد أي طرق للتخلص من هذه الأشياء المحرمة عن طريق بيعها للكفار أو إعطائها للجمعيات الخيرية أو غير ذلك؟
يمتلك ساعة ذهبية ، فكيف يتصرف فيها حتى لا يقع في محظور شرعي ؟
السؤال: 285795
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يحرم على الرجال لبس الذهب، سواء كان خاتما، أو ساعة أو غير ذلك؛ لما روى مسلم (2090) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ قَالَ لا وَاللَّهِ لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ).
وروى أبو داود (4057) والنسائي (5144) وابن ماجه (3595) عن عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
ويباح للنساء التحلي بالذهب، كالخاتم والأسورة والقرط.
وأما الساعة المشتملة على الذهب فإن كان العرف أنها من الحلي، فلا بأس، وإلا حرم عليها لبسها، كما يحرم عليها استعمال القلم من الذهب ونحوه مما لا يعدّ حليا.
قال النووي رحمه الله: ” قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: يستوي في تحريم استعمال إناء الذهب والفضة الرجال والنساء، وهذا لا خلاف فيه لعموم الحديث وشمول المعنى الذي حرم بسببه، وإنما فرق بين الرجال والنساء في التحلي لما يقصد فيهن من غرض الزينة للأزواج والتجمل لهم ” انتهى من ” المجموع ” (1/ 306).
وقال البهوتي رحمه الله: ” أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إليه لأجل التزين للزوج، وما حرم اتخاذ الآنية منه، حرم اتخاذ الآلة منه، ولو كانت مِيلا وهو ما يكتحل به، ومثل الميل في تحريم اتخاذه واستعماله من الذهب والفضة: قنديل، وسرير، وكرسي، ونعلان، وملعقة، وأبواب، ورفوف ” انتهى باختصار من “كشاف القناع” (1/ 51).
وعليه فإن كانت الساعة رجالية فالأمر فيها واضح، وسبيل التخلص منها أمران:
الأول: أن ينزع ما فيها من الذهب، فيباع بمفرده، وتباع الساعة بمفردها.
الثاني: رد الساعة إلى بائعها، من باب الإقالة، وهي فسخ لا بيع، حتى لو اشترط البائع أن ينقص شيئا من الثمن.
قال في “مطالب أولي النهى” (3/154): “الْإِقَالَةُ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ، لَا بَيْعٌ؛ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ الرَّفْعِ وَالْإِزَالَةِ. يُقَالُ: أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَكَ، أَيْ: أَزَالَهَا، وَبِدَلِيلِ جَوَازِهَا فِي السَّلَمِ مَعَ إجْمَاعِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ” انتهى.
وينظر: الشرح الممتع (8/ 389).
وأما بيعها على الكفار فلا تجوز؛ لأنهم مخاطبون بفروع الشريعة، فيحرم عليهم ما يحرم على المسلمين.
وقد روى البخاري (876) ومسلم (5981) أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ، فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مِنْهَا حُلَّةً، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (14/ 39): “وقد يتوهم متوهم أن فيه دليلا على أن رجال الكفار يجوز لهم لبس الحرير وهذا وهم باطل لأن الحديث إنما فيه الهدية إلى كافر وليس فيه الإذن له في لبسها وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلى عمر وعلي وأسامة رضى الله عنهم .
ولا يلزم منه إباحة لبسها لهم ؛ بل صرح صلى الله عليه وسلم بأنه إنما أعطاه لينتفع بها بغير اللبس .
والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون أن الكفار مخاطبون بفروع الشرع ، فيحرم عليهم الحرير كما يحرم على المسلمين” انتهى.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب